ضحية جديدة للفقر عاصرت محنتها علي مدار اكثر من عشر سنوات ووقفنا معها كثيراً ولكن مشاكلها استعصت علي الحل بسبب الفقر الشديد الذي سري في حياتها وكأنه سرطان متشعب ليس له علاج. اذا رأيتها لا تحتاج لسماعها فكل شئ فيها ينطق بالمعاناة . رحل زوجها في حادث اليم وترك لها - ثلاثة ابناء - ولداً وبنتين صاروا كل حياتها خرجت للعمل في البيوت سعيا عليهم حتي تعرضت لحادت اسلمها لعجز دائم فتوقفت عن العمل وعن سداد ايجار الشقة ليطردهم صاحب البيت وتظل بأولادها شهوراً طويلة في الشارع لا تعرف لمن تلجأ حتي توفي ابنها الوحيد في حضنها وهو يصارع المرض الذي لم تعرف حتي تشخيصه. هنا تعاطف معها بعض الخيرين ودلوها علينا فاستغاثت بنا لتحافظ علي ابنتيها فرصدنا لها سلسلة من المساعدات لمقدم شقة وعمل اكثر من مشروع صغير ثم وفرنا لها فرصة عمل بهيئة النظافة وعندما فشلت مشروعاتها وتدهورت صحتها فمنعتها من العمل رصدنا لها مساعدة شهرية. بدأت ابنتها الكبيرة تتردد علينا لصرفها . فتاة جميلة صارت في الخامسة عشرة تتأرجح مشاعرها بين السخط علي أحوالهم وبين التفاؤل في المستقبل عرضت علي أكثر من مرة ترك دراستها والخروج للعمل لتحسن مستواهم ولكني كنت أرفض بشدة وأربط انتظام الشهرية بانتظامها في الدراسة وفجأة اختفت وانقطعت أخبارها وتركت وأسرتها الشقة التي استأجرنا ها لهم. وبعد أكثر من شهرين جاءتني الأم تبكي إبنتها التي هربت من بطش عمها الذي انتقلوا للإقامة معه ضغطا للنفقات ولكن اشتدت المشاكل بينهما لإصراره علي تزويجها من رجل في عمر جدها أخذت أتابع معها يوماً بيوم رحلتها في البحث عنها أشعر بالذنب لأن إصراري علي أن تواصل تعليمها جعلها تعود لعمها القاسي الذي كان يشجعها علي ترك دراستها. وبعد طول بحث كانت المفاجأة الصادمة التي عرفناها عن طريق زوجة العم التي لم تتحمل عذاب ضميرها واعترفت للام بان زوجها قتل إبنتها بعد أن ظل يعذبها عدة أيام لإجبارها علي الزواج ولكم أن تتخيلوا حال هذه الام بعد تلك الصدمة المفجعة وبعد أن حرمها الفقر من اثنين من أولادها وسيحرمها من ابنتها الصغيرة حيث اضطرت للموافقة علي الحاقها بإحدي دور الرعاية حتي لا تضيع منها هي الاخري. أسدل الستار علي هذه القصة المأساوية لتصبح نموذجاً جديداً لضحايا الفقر لا يستوعبه أصحاب الملايين والمليارات ممن يضيعون أموالهم علي الرفاهية . ولا توخز ضمير المسئولين الذين لا يعلمون أنهم سيحاسبون عنها وأمثالها فقط يشعر بها من يعانون مثلها ومن أنزل الله الرحمة في قلوبهم ويعرفون ان في اموالهم حق معلوم للسائل والمحروم وبهم ومعهم تصبر علي مشقة العمل الانساني