* يواصل التحالف الدولي بقيادة امريكا غاراته الجوية علي معاقل داعش في سورياوالعراق.. ويبدو أن واشنطن لم تستوعب درس 11 سبتمبر الذي جرح كبرياءها فاندفعت تعلن الحرب علي تنظيم القاعدة ثم قامت باحتلال أفغانستانوالعراق حتي منيت بخسائر فادحة فتركتهما ساحة طائفية متعصبة متصارعة وبيئة حاضنة للإرهاب. وتربة مواتية لاستنبات تنظيمات إرهابية أشد ضراوة من "القاعدة".. وليست "داعش" إلا متلازمة ما بعد الربيع العربي وحالة ما بعد القاعدة..!! اليوم وبعد ثلاثة عشر عاماً من ضرب برجي مركز التجارة العالمي في منهاتن فيما عرف بأحداث سبتمبر تكرر امريكا أخطاءها وكوارثها في المنطقة العربية.. فرغم وجاهة الأسباب المعلنة للحرب ضد داعش فإنها تجري خارج مظلة الأممالمتحدة والقانون الدولي وهو الخطأ الذي وقعت فيه عند غزوها العراق دون أن تبحث عن جذور ومسببات الإرهاب.. ثم إنها لاتزال تتعامل بانتقائية وازدواجية مع هذا الإرهاب وكان ينبغي لو أرادت اجتثاثه من جذوره أن تضع تعريفاً موحداً للإرهاب وتنظيماته. تتوافق عليه الدول تحت مظلة الشرعية الدولية. لا أن تقصر المسألة علي "داعش" وحده وتغض الطرف عن سائر تنظيمات الإرهاب في منطقة منكوبة بالتطرف وهو ما تحفظت عليه مصر» فليس من المنطقي - علي حد قول وزير الخارجية سامح شكري - أن نحشد مواردنا لهزيمة داعش بينما تحجب هذه الموارد عن مصر وهي تخوض معركة مماثلة ضد العدو المشترك ذاته علي أراضينا".. فالجماعات الإرهابية تربطها وشائج قربي وشبكة مصالح ويدعم بعضها بعضاً مادياً ومعنوياً لكونها وليدة نواة واحدة رغم ما قد يبدو بينها من اختلاف ظاهري في مدي تطرفها وأهدافها. وهذا ما يدفعنا للتساؤل عن الأغراض الحقيقية لتلك الحرب الانتقائية التي تقودها امريكا ضد داعش.. فتل أبيب مثلاً تدرك أن ذلك التحالف يحمل في طياته فرصة ذهبية لتحقيق أهداف استراتيجية تتجاوز هدفه المعلن وهو القضاء علي ذلك التنظيم في سورياوالعراق» ولهذا تسعي حثيثاً لتكون جزءاً منه. وطفقت تقدم ما لديها من معلومات عن أماكن تمركز هذا التنظيم وتسليحه رغبة في كسر عزلتها وترويج مزاعمها. أما امريكا فتتخذ من هذا التحالف غطاء لمحاولة تغيير أنظمة قائمة في المنطقة. وإعادة رسم خريطتها بعدما سقط مشروعها الذي راهنت عليه بصعود الإسلام السياسي للحكم في دول الربيع العربي.. وأحسب أن نظام سوريا مرشح بقوة لاستهداف واشنطن وحلفائها.. لكن هل ستقف روسيا وإيران الحليفتان الاسترتيجيتان للأسد موقف المتفرج..؟! ثم أليست الطريقة التي تعامل بها الغرب مع تداعيات الربيع العربي وما خلفه سقوط بعض الأنظمة من فراغ تمددت فيه تنظيمات متطرفة تسببت فيما تعانيه المنطقة من اضطرابات وأزمات حتي خروج داعش من سوريا إلي العراق في صحراء مكشوفة دون أن تعترضه امريكا ولا غيرها. مصر تريدها مواجهة شاملة للإرهاب فكرياً واجتماعياً وسياسياً واقتصادياً.. وتريدها امريكا حرباً انتقائية تحقق مصالحها بقوة السلاح.. تجني من ورائها المكاسب وتترك المخاطر والمغارم للعالم العربي. بدءاً بسقوط ضحايا مدنيين جراء الغارات الجوية. وانتهاك سيادة دوله. وتمزيق وحدة ترابه. وخلق واقع جديد يبقي قوات امريكا وأربابها علي مرمي البصر من حدودنا.. مطلوب من العالم العربي وقف تدهوره قبل أن يجد نفسه خارج التاريخ..!!