غالبية المكاسب أو الحقوق التي يحصل عليها الأدباء والمبدعون عامة الآن من هيئة قصور الثقافة. لم تكن بمبادرة من أي مسئول. ولم تكن منة من أحد تفضل بها علي الحياة الثقافية. بل هي نتيجة كفاح طويل خاصة الأدباء طوال ربع قرن للحصول علي هذه الحقوق. ابتداء من توفير فرص العمل للأدباء في هذه الجهة الثقافية وتقديمهم علي غيرهم. بصفتهم معنيين ومتخصصين في العمل الثقافي. ومستهدفين منه كذلك..وانتهاء بمشروع النشر بقصور الثقافة. بكل ما يضمه من إدارات وإصدارات وسلاسل تتبع جميعها الإدارة المركزية للشئون الثقافية برئاسة الشاعر محمد أبو المجد. كافح الأدباء كثيراً وطويلاً بشكل جماعي وفردي ليحولوا هذا القطاع "الثقافة الجماهيرية" إلي هيئة. ثم لينشأ مؤتمر لأدباء الأقاليم. تم تطويره فيما بعد ليصبح "مؤتمر أدباء مصر" منذ الدورة 17 التي عقدت بالإسكندرية. ومن خلال هذا المؤتمر وسائر المؤتمرات والتجمعات ومطالب الأدباء في الصحف ووسائل الإعلام. نشأ مشروع النشر. بعد أن استجاب حسين مهران رئيس الهيئة حينذاك لهذه المطالب والضغوط.. فإذا فكر وزير الثقافة الحالي جابر عصفور في إلغاء هذا المشروع. الذي يفيد منه الموهوبون والجمهور معاً. أو حتي ضمه إلي هيئة الكتاب. فإنه يصطدم برغبات الرأي العام الأدبي وجهوده الممتدة لسنوات.. كما انه يحمل هيئة الكتاب أعباء فوق أعبائها الراهنة والتي تحتاج لمن يقف معها من أجل حلها ودفعها للأمام لا إضافة عبء عليها. مشروع النشر الذي أثارت تصريحات الوزير بشأن ضمه لهيئة الكتاب. أو تحجيمه الرأي العام الثقافي. ورفضها الجميع.. كان هذا الأمر موضوع ندوة جماعة الجيل الجديد في نقابة الصحفيين.. والتي أكد الأدباء خلالها علي أن المشروع ليس منزهاً عن كل نقص. وليس مثالياً. لكنه يحقق كثيراً من ضرورات النشر ورعاية المواهب ويستطيع أن يفيد منه بسطاء الناس. نظراً لأسعار اصداراته الرخيصة. وجودة طباعتها. وتعدد اتجاهاتها ومناحيها وفنونها ومستوياتها. ذكر الأدباء أن ما يغري البعض للتخلص من هذا المشروع الثقافي الكبير هو بعض أشكال الروتين التي يعانيها وكذلك سيطرة بعض الموظفين في عدد من السلاسل كسلسلة قطر الندي ونصوص مسرحية علي توجهات هذه السلاسل وحصرها في الشلل التي ينتمي لها بعض هؤلاء الموظفين. وتحقيق بعضهم لمنافع ما من وراء العمل ببعض الإصدارات. علي الرغم من أن رؤساء تحرير السلاسل معظمهم من القامات الأدبية العالية والتي لا غبار علي عطائها وحيادها كالدكتور محمود نسيم رئيس تحرير سلسلة نصوص مسرحية مثلاً.. لكن الصف الثاني والثالث من الموظفين ربما كان لبعضهم حسابات خاصة وتصفية حسابات تجاه بعض الأدباء.. ولذا كما يقول المتحدثون لابد من تدخل رئيس الهيئة الجديد مسعود شومان وكذلك نائبه محمد عبدالحافظ ناصف ومحمد أبو المجد لتصويب الأدباء في هذه السلاسل وسائر إصدارات الهيئة. لتغليب الموضوعية والحياد والقيمة العالية علي أي حسابات أخري. وحتي لا تتخذ هذه المشكلات حالياً أو مستقبلاً تكئة لضرب مشروع النشر كله. يشير طنطاوي عبدالحميد طنطاوي إلي تجربة جادة وجيدة لوزارة الشباب والرياضة يمكن أن يفيد منها النشر بالهيئة.. وتتمثل في اقامة مسابقات أدبية للمبدعين الشباب. يحكم فيها كبار الأدباء. ويلتقي الفائز بهؤلاء المحكمين. فيحدثونه عن عمله في لقاءات واسعة. ويعرف ميزاته وعيوبه. قبل نشر هذه الأعمال.. وأنا شخصياً مررت بهذه التجربة أيام الشباب. وكان يحكم في المسابقة قامات عالية. أذكر منهم فتحي العشري ود. نبيل راغب.. وهنا تبدو الشفافية مسيطرة علي كل خطوات التسابق للنشر.. ولابد كذلك من دعم النشر الاقليمي الذي يقدم أعمالاً رديئة الطباعة والاخراج.. مع حتمية استبعاد كل من يتاجر ويتربح من وراء الإصدارات. ويتخذها سبوبة. كما يحدث في المسرح الاقليمي مثلاً.. فمن الغرائب أن تري في هذا الزمن من يخرج "جلجامش" وأعمال "بيكيت" وهي أعمال مر عليها قرون أو عقود من الزمن. بينما تهمل الأعمال الجديدة والجيدة والمعبرة عن الواقع المصري والعربي الراهن. يضيف عبدالناصر العطيفي: ان عملية النشر بالهيئة لا تهدف إلي الربح. بل هي عمل خدمي. وأنا كواحد من الأدباء أفدت منه بنشر أحد أعمالي. ولا نظن أديباً في مصر لم يتعامل معه.. لكن من مشكلات هذا المشروع ضعف التوزيع. أو انعدامه.. فالكتب تُطبع. ولا تجد منافذ توزيع مناسبة. وتعود كل النسخ أو معظمها لتتكدس في المخازن. رغم أن القاريء في حاجة إليها لرخص أسعارها. والكاتب نفسه قد لا يجد نسخاً من كتابه المهمل في المخازن!! ولست اؤيد أي اعتداء علي منفذ ثقافي. لا بالإلغاء ولا بالضم لجهة أخري. فهذا يعني ان الطوابير المنتظرة أعمالها بهيئة الكتاب سوف تتضاعف. وامكانات هيئة الكتاب لا تحتمل كل ما يبدعه العقل المصري.. فنحتاج إلي منافذ هيئة قصور الثقافة وتدعيمها وتصويب ادائها لا إلي إلغائها. يري حسن الحضري جانباً بعينه في الاصدارات. يتمثل في الأخطاء اللغوية والنحوية التي تكتظ بها!! والتي تفسدها مما يعني ان القائمين علي هذه الاصدارات غير متخصصين!! يذكر محمد فوزي انه سيندم أشد الندم لو ألغيت سلاسل مثل "الذخائر" التي تعد من أركان التأسيس للعقل المصري طوال العقدين الماضيين. ولا يمكن الاستغناء عن الأعمال القيمة التي صدرت فيها لعيون التراث العربي.. لكني لا أستريح لتعبير "النشر الاقليمي" وأي تقسيمات تحمل مسمي "الاقليم" أو "الأقاليم" وما تحمل من أبعاد سياسية غير محمودة!! تقول مها شعبان: كان هناك تقليد متبع في مكتبة الأسرة. بالإعلان عما يصدر فيها من خلال الصحف وقنوات التليفزيون.. فلم لا يتخذ النشر الاقليمي لنفسه هذه الوسيلة الدعائية للوصول إلي الناس؟؟ ويؤكد أحمد فتحي في رأيه الذي طرحه عبر ندوة الجيل الجديد ان بالهيئة نفسها بعض السلبيات التي عليها أن تعالجها. إدارياً وفنياً.. ولابد أن يلتفت مسئولو الهيئة إلي متابعة بعض السلاسل كقطر الندي التي لا تسير فيها الأمور علي مايرام. طبقاً لتجربتي الخاصة معها.. فهي وبعض السلاسل الأخري متروكة في يد بعض الموظفين. وينشرون أو يستبعدون ما يشاءون طبقاً لعلاقة الكاتب بهم. من خلال الفاحصين. فيوحون للفاحص بالرفض أو القبول لعمل بعينه. كما ان الفاحصين أنفسهم جماعات ثابتة لا تتغير. ولا تعبر عن سائر التوجهات الأدبية. نحتاج إلي أن تكسر الهيئة كذلك حاجز الاقليمية. فتصل أعمالها إلي البلاد العربية من خلال شركات التوزيع.. وفي كل الأحوال لابد من الحفاظ علي هذا الكيان المهم للشباب قبل غيرهم.. لأن الشاب الذي لا يستطيع النشر بهيئة الكتاب والمجلس الأعلي للثقافة يستطيع أن يجد له متنفساً بقصور الثقافة. ويقول فايز جعفر: إن الهدف من مشروع النشر ه الوصول إلي أكبر عدد من المواطنين. عبر الأسعار المنخفضة للكتب. ولذا كانت تصدر بعض الطبعات الشعبية في مقابل طبعات فخمة.. ونريد العودة إلي هذا النظام.. مع وضع ضوابط حتي لا تتسرب الكتب فور صدورها إلي سور الأزبكية. ويباع الكتاب هناك بأضعاف سعره الذي حددته الهيئة..