لو صحت الأخبار التي تنشرها الصحف هذه الأيام فإن اللجنة العليا للانتخابات قد حسمت الجدل وسيتم فتح باب الترشح لانتخابات مجلس النواب في النصف الثاني من أكتوبر القادم بعد اقرار قانون تقسيم الدوائر المعروض حاليا علي مجلس الوزراء. إذن لا تأجيل للانتخابات كما كان يطالب البعض.. قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.. وأصبح علي كل الأحزاب والتحالفات أن تواجه الحقيقة وتجيب علي السؤال الصعب: هل هي قادرة فعلا علي خوض الانتخابات؟!.. وهل لديها القدرة والكوادر والشعبية؟! للأسف.. الاستنتاج الوحيد الذي يخرج به المراقب من كل ما تنشره الصحف من أخبار الأحزاب انها مازالت تلهو بعيدا عن الملعب الحقيقي.. ومازال كل منها يبحث عن رافعة ولا يعتمد علي نفسه ولا علي الشارع.. وهي تعرف انها ضعيفة وان خطابها السياسي قاصر عن الوصول إلي المواطن ناهيك عن اقناعه ودفعه إلي الاحتشاد أمام صناديق الاقتراع وبسبب ضعف الأحزاب ظهرت الحاجة إلي انشاء تحالفات تضم عدة أحزاب لدينا أكثر من 90 حزبا في عين العدو لكن هذه التحالفات دخلت في دوامة صراع الوجود وإقصاء الآخرين بدلا من التنافس السياسي الشريف الذي يعتمد علي أدوات سياسية وديمقراطية وليس علي روافع تأتي من خارج الملعب السياسي. علي سبيل المثال.. التحالف الديمقراطي يرفض تحالف الحركة الوطنية ويسعي إلي إقصائه.. الأول عنوان أحزاب التيار الشعبي وحمدين صباحي وحزب الدستور وبقايا البرادعي.. والثاني عنوان حزب أحمد شفيق والمؤتمر ومن درجنا علي تسميتهم بفلول الحزب الوطني.. أما تحالف العدالة الاجتماعية الذي يتولي المنسق العام له د. جمال زهران فيسعي إلي إقصاء الجميع ويقول انه يضم 26 تكتلا حزبيا وحركة سياسية وثورية ويمثل الفكر اليساري القومي. وفي وسط هذا المعترك يقف تحالف الوفد يتطلع إلي فرصة العمر.. لعله يستعيد مجده القديم علي يد د. السيد البدوي ليفوز بالأغلبية ويصبح حزب السلطة ويشكل الحكومة ويكون الحصان الرابح.. والظهير الشعبي الذي يتحدث عنه الجميع ولا يرونه. وبسبب ضعف الأحزاب وتناحر التحالفات وانعدام ثقافة التعايش السياسي والمنافسة الشريفة وسط الجماهير وأيضاً لأن قانون الانتخابات جعل 80% من مقاعد البرلمان بالانتخاب الفردي و20% فقط للقوائم الحزبية.. بسبب كل ذلك سوف تخضع الانتخابات البرلمانية القادمة لاعتبارات أخري غير سياسية.. سوف تهيمن عليها العصبيات العائلية والقبلية والانتماءات المحلية للأشخاص وليس للأفكار.. فضلا عن شبكات المصالح وسطوة المال. وهذه البيئة الانتخابية تعطينا اشارة بأن الانتخابات القادمة ستكون أقرب إلي الانتخابات المحلية وليست انتخابات سياسية لبرلمان يتحدث باسم الأمة ويشكل الحكومة ويراقب أداءها ويناقش ميزانية الدولة ويعدلها أو يرفضها ويسقط الحكومة. بصراحة.. البيئة التي ستجري فيها الانتخابات غير سياسية بالمرة.. والمسئول عن ذلك هم السياسيون أنفسهم.. لأنهم لم يتعلموا الدرس.