تتحدث الأوساط السياسية الدولية عن مرحلة جديدة من التعاون بين أمريكا وحلفائها من جانب وإيران من جانب آخر.. ويقيناً لو حدث ذلك فسوف تتغير خريطة التحالفات في منطقتنا بالتبعية.. وسوف يختفي الصراع اليومي بين السنة والشيعة.. ويختفي حديث إيران عن الشيطان الأكبر وفي المقابل يختفي حديثنا عن حكم الملالي وخطر الشيعة. صحيفة الديلي تليجراف البريطانية طرحت تساؤلاً علي لسان كاتبها مالكولم ريفكيند يقول: هل هناك حاجة للتعاون مع إيران في سبيل هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش"؟! وللحقيقة فإن أكثر من صحيفة في بريطانياوأمريكا تناولت هذا الموضوع.. لكن ريفكيند كان الأكثر صراحة ووضوحاً في الإجابة.. حيث يقول: لا مانع من ذلك.. فالتعاون الأمريكي الإيراني كان واضحاً في العراق لإنجاز عملية تنحي رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.. كما أن إيران تبدو مطمئنة بينما تتوجه الولاياتالمتحدة لتسليح قوات البشمرجة الكردية. ويضيف الكاتب: لا داعي للدهشة.. فالتعاون بين واشنطن وطهران حدث أكثر من مرة منذ أطاحت الثورة الإيرانية بالشاه عام 1979 وإن كان ذلك بشكل غير رسمي حين تصادف أن تطابقت مصالح البلدين في أوضاع معينة.. ومن أشهر الأمثلة علي ذلك التعاون ما حدث بعد تعرض واشنطن للهجوم من جانب القاعدة عام 2001 فقد أحست إيران بالارتياح من ضرب الولاياتالمتحدة للقاعدة في أفغانستان. ويورد الكاتب مثالاً من التاريخ لتحالف الضدين حين تقتضي المصلحة ذلك.. ويشير إلي التحالف البريطاني مع الاتحاد السوفيتي لضرب هتلر في الحرب العالمية الثانية.. ويقول إن رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الوقت وينستون تشرشل لم يكن غبياً.. بل أدرك أن عداءه للاتحاد السوفيتي ليس بنفس ثقل عدائه لألمانيا هتلر. الشاهد في الموضوع.. أننا أمام تحالف وشيك قد يحدث غداً أو بعد غد بين النقيضين: الولاياتالمتحدةوإيران.. والهدف المشترك هو القضاء علي "داعش".. وأثناء هذا التحالف لن تكون هناك حملات أمريكية مباشرة أو حتي غير مباشرة علي إيران والشيعة وحكم الملالي.. بل ربما تهدأ الضجة الدولية المثارة حول البرنامج النووي الإيراني.. وربما تطلب الإدارة الأمريكية من حلفائها في المنطقة أن يخففوا من حدة انتقاداتهم لإيران.. ويغيروا وجهة نظرهم تجاه الشيعة الذين صاروا أقرب إلي أمريكا من داعش السنية. ساعتها.. ماذا سيقول الحلفاء؟! هل سيتحدثون عن مصالحة مع إيران.. وعن توافق؟! ربما.. لكن الشيء المؤكد أن الصراع الغبي والمفتعل بين السنة والشيعة لتقسيم الأمة سيهدأ قليلاً حتي تشعله أمريكا من جديد.. وهكذا. المهم.. هل نتعظ نحن.. وهل نتعلم الدرس؟! هل نفهم كيف يكون لنا موقف مستقل ورؤية مستقلة نميز بها العدو من الصديق؟! لا أظن.