فتح مقال الأستاذ مجدي الجلاد بجريدة الوطن شهية الكثيرين للحديث عما آل إليه حال الإعلام والإعلاميين وكيف سادت السطحية والجهل المشهد الإعلامي وتحولت الرسالة الإعلامية إلي حالة من الفوضي يندي لها الجبين!! فقد غاب العقل والمهنية والتنظيم وسادت حالة من الانفلات افقدت الإعلام وأهله المصداقية توقفت كثيراً أمام كل ما نشر من تعليقات وآراء حول المقال الذي كتبه الجلاد بعد لقاء الرئيس السيسي مع مجموعة من الإعلاميين من المفترض أنهم الصفوة أو النخبة من أبناء المهنة بل إنهم أصحاب رسالة تجاه الوطن والمجتمع ولكن يبدو أن اللقاء كان صادماً فقد كشف عن العوار الذي أصاب المهنة وأبناءها لدرجة أوصلت الكاتب لكي يقولها صراحة "أنا مكسوف". وللحقيقة من يتأمل حال إعلامنا وينظر بتجرد إلي الخارطة الإعلامية والمشهد الإعلامي يشعر بصدمة وذهول من تدني المستوي المهني والأخلاقي لبعض العاملين وهذه كارثة أصابت المهنة بشرخ بل جعلتها تنحرف برسالتها عن المسار في كثير من الأحيان وتحول بعضنا بكل أسف من أداة للبناء والتعمير إلي أداة للهدم والتدمير حتي لو كان هدم الثوابت والقيم وحدث ما حدث من ممارسات إعلامية متدنية تجاوزت حدود الموضوعية والأخلاقيات وحينما تغيب أخلاقيات الإعلام وينحرف عن أهدافه ورسالته فلاشك أن هناك أزمات بل اثار مدمرة تؤثر علي المجتمع. كل هذه الأوضاع الصعبة والمخجلة دفعت الجميع للمطالبة بضرورة مراجعة وتطوير وتصويب الإعلام ولكن مهما وضع القائمون علي المهنة مواثيق الشرف ومهما نصت علي قواعد ومبادئ فلن تكون مجدية إن لم يشعر أبناء المهنة بمسئوليتهم تجاه الوطن والمواطن وإن لم يتم أيضاً تنقية المهنة من معدومي الضمير وانصاف الموهوبين الذين ضربوا بكل المعايير المهنية عرض الحائط لأن الإعلام لديهم مجرد بوابة لتحقيق المكاسب والمنافع والمآرب الشخصية علي حساب الوطن والمصلحة العامة وأحياناً لإيذاء وتدمير الآخرين. لقد صار إعلامنا مستباحاً من انصاف المهنيين الذين يسيئون استخدام السلطة ويخونون المسئولية وغيرهم ممن ضعفوا أمام الإغراءات المادية وكل هذه الأوضاع تؤكد أن هناك خطراً حقيقياً أصاب ميدان الإعلام وأصبحت كرامة وشرف المهنة في مهب الريح. لقد نسي وتناسي أهل الإعلام أنهم أصحاب رسالة مقدسة تقوم بدور تنويري وتثقيفي في المجتمع وهم أيضاً خط الدفاع الأول عن قضايا الوطن والإعلام الموضوعي هو الذي يحترم عقول الناس ويبتعد عن التعصب والتحريض والتطرف. علي أية حال لدي بعض التساؤلات تستوجب الإجابة كيف لنا تصويب المسار في ظل طغيان فضائيات وصحافة رجال المال والأعمال التي حولت كثيراً من المؤسسات الإعلامية لوسائل بيع مساحات للإعلانات وتحقيق الربح أو وسائل لبث البرامج والرسائل الهابطة نتيجة سيطرة عقيدة الربح والنهب علي حساب القيم والأخلاقيات والمصلحة العامة؟ كيف لنا أن نوقف منابر إنتاج الكراهية والكذب والتجريح والنيل من الآخرين؟ وأخيراً مهما كانت القوانين رادعة لكن الضمير هو الذي يتقدم علي القانون وهو أساس أخلاقيات العمل فهل يفيق أصحاب الضمائر الميتة من غفلتهم ليشهد الإعلام صحوة قبل فوات الأوان.. تتناسب مع كلمات الرئيس الواضحة المحددة أن الوطن في خطر وإذا سقط لن يعود مرة أخري؟!