ما جري ويجري في أرض العراق.. من سفك للدماء وأعمال تخريب وتجريف للعلاقات الثابتة بين أهل هذا البلد منذ آلاف السنين ويتمثل ذلك في تهجير المسيحيين من أماكن الاباء والأجداد قهراً وكلها أعمال غير مسبوقة ولا تمت للدين الإسلامي الحنيف بأية صلة. ومزاعم أخري كثيرة كإرغام هؤلاء الشركاء في الوطن علي دفع جزية والمضحك أن هؤلاء قد قاموا بتحديدها وفق هواهم ومزاجهم الشخصي دون سند أو دليل. مما أثار الكثير من الغضب والجدال وتفجير بركان الفتن في وقت البلاد الإسلامية والعربية في أشد الحاجة لرأب الصدع وبذل أقصي الجهد من أجل تضميد الجراح وتسوية الخلافات الفكرية وغيرها وعودة الصف لصد الهجمات ضد الإسلام والمسلمين بكل طوائفهم. ونهب ثرواتهم وتفتيت وحدتهم وبث الشقاق والخلافات لتحقيق أطماع غزاة هذا العصر بصورة لا تخفي علي أحد!! ومما زاد الطين بلة ما تناقلته وسائل الإعلام من أخبار وتصرفات مريبة لتلك المنظمة "داعش" التي تقدم عليها في أرض الرافدين وذلك بقيام عمليات هدم ونبش لقبور الأنبياء وأولياء الله الصالحين كما جري من اعتداء علي قبر نبي الله يونس وكذلك ضريح الرفاعي إلي غير من الاعتداء علي عمليات نبش وهدم قبور أخري. والأكثر مرارة أنه تم جمع رفات هؤلاء في أكياس بصورة مستهجنة وباعتداء صارخ ودفنها في أماكن مجهولة تحت مزاعم وافتراءات وأباطيل تحرك الضغائن وتدمر العلاقات المستقرة بين أبناء هذا البلد عريق الحضارة. ولا شك أن هذه الأعمال لا تساهم في جمع الصف وإنما تثير الفتن وتحرك الضغائن ولا تخدم أية قضية كما أنها تشعل فتيل الأزمة وتثير الفتن بصورة تزيد هذا الركن العربي اشتعالاً وتفتح أبواباً للشقاق والنزاع. تلهب مختلف الأوساط والفئات بصورة تدمر ما بقي من قيم ومباديء. تربط بين العراقيين الذين عاشوا في ظلالها قروناً طويلة.. هذه الجرائم تنم عن جهل لمباديء الدين الإسلامي وعدم فهم لما جري عليه السلف الصالح من أصحاب الرسول صلي الله عليه وسلم أن أبسط تلك المباديء تجرِّم نبش القبور وتحرِّم بصورة قاطعة الاعتداء علي هؤلاء الأموات بأي شكل من الأشكال إذ أن للميت حرمة لا يجوز انتهاكها تحت أي زعم من المزاعم أو تريد أي باطل من الأباطيل التي يرددها هؤلاء المتطرفون والمتشددون. لأن قيم الإسلام قد استقرت في القلوب ولا صحة للمزاعم التي يتشدق بها أعضاء منظمة "داعش" التي ابتليت بها الأمة العربية وانتقلت من سوريا إلي العراق تنشر الفزع والفتن وتسيء للدين الإسلامي الحنيف. وينصب زعيمها نفسه خليفة للمسلمين هكذا تحت بطش القوة ولغة السلاح!! حقيقة أن هذه الأعمال والتصرفات تؤكد أن هؤلاء العابثين في أرض الرافدين يجهلون المباديء الإسلامية التي تقوم علي التعددية وتحترم كل العقائد وتجرِّم الاعتداء علي شركاء الوطن مهما تكن ديانتهم وقد جسَّد تلك القيم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم حيث أوضح في حديثة الشريف وسلوكياته حرمة الاعتداء علي المخالفين في العقيدة. فهو القائل "من اعتدي علي ذمي فقد آذاني" وفي تأكيد لحرمة الاعتداء علي هؤلاء واحتراماً لآدميتهم فقد وقف رسول الله صلي الله عليه وسلم حينما مرت أمامه جنازة لرجل غير مسلم وعندما أخبروا الرسول بأنها لغير مسلم قال في تحذير وتوضيح لمدي حرمة النفس البشرية: "أليست نفساً" بمعني أن هذه النفس لآدمي صان الله عز وجل حياته ودمه. وقد عاش مختلفو الديانات في رحاب الإسلام والمسلمين قروناً طويلة يتمتعون بكل ألوان لحماية وينعمون في ظلال سماحة الإسلام وقيمه الراسخة. وكان هناك من القوانين والقواعد الثابتة التي تحفظ لهم حقوق وترعي الالتزام بواجباتهم وفي الإسلام قواعد أصيلة تؤكد ذلك وتتمثل في أن هؤلاء المخالفين لهم ما لنا وعليهم ما علينا. تلك قواعد ثابتة فبأي فكر وتحت أي مزاعم تم تهجير هؤلاء المسيحيين من ديارهم وأوطانهم. إن هذه التصرفات وتلك الأعمال تسيء للإسلام والمسلمين وتشوه صورتهم لدي العالم. كما أنه لا يجب أن يغيب عن الأذهان أن أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم قد قاموا بفتح كثير من البلدان والأمصار وبها الكثير من القبور والتماثيل فلم تمتد أيديهم إليها بل وصانوا من العابثين وقد كان أتباع الديانات الأخري في شوق لحكم الإسلام والمسلمين. هذه السلوكيات وتلك الأفعال التي تقوم بها "داعش" والمنتمون إليها لا تمتد إلي الإسلام بصلة وتعد أكبر إساءة للإسلام وأهله انها فتنة بكل المقاييس.. ملعون من يحركها أو يوقظها لأنها تحرق المسلمين بنيران أخلافتها. ولابد من تحرك العرب والمسلمين لوقف هذا العبث وذلك التشويه لتاريخ الإسلام والمسلمين ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي القدير.