تعليقاً علي المقال الذي نشر بنفس هذا المكان يوم الاثنين الماضي تحت عنوان "الدستور القادم ليس نصاً إلهياً" والذي حبذت فيه الالتزام بنتائج صناديق الاستفتاء علي التعديلات الدستورية ومنها إجراء الانتخابات البرلمانية ثم الرئاسية قبل وضع الدستور الجديد احتراماً لرأي الشعب صاحب الكلمة الوحيدة في كل ما يتعلق بمستقبل مصر مشيراً إلي أنه بافتراض فوز تيار ما كالإخوان المسلمين بأغلبية المقاعد وبالتالي تحكمه في اللجنة التأسيسية التي ستضع الدستور ومن ثم احتمالية أن يأتي هذا الدستور متوافقاً مع رؤية هذا التيار دون توافق وطني فإن ضمانة "دورية" الانتخابات كفيلة بتصحيح الوضع بتعديل أو حتي تغيير هذا الدستور باعتباره نصاً بشرياً وليس إلهياً مع أول انتخابات تالية. جاءتني رسائل عديدة بطرق مختلفة. بعض هذه الرسائل استخدمت أسلوباً محترماً والبعض الآخر كان متخماً بالاتهامات بل وصل الأمر إلي حد السب والشتيمة وكأنني ارتكبت جرماً حينما طرحت رأياً يتفق مع المنطق والشريعة والقانون- علي الأقل من وجهة نظري المتواضعة- وسأشير فيما تبقي من المساحة المقررة للمقال إلي بعض هذا وذاك ملتزماً بآداب الحوار المحترم مترفعاً عن ما سواها. أثار البعض ان ما طرحته يعكس الآية حيث يجب وضع الدستور أولاً ليتم علي أساسه انتخاب البرلمان والرئيس وهذا شيء اتفق معه لولا أن رأي أغلبية الناخبين جاء بعكس ذلك ومن ثم لابد من احترام رأي هذه الأغلبية حتي لو كان مخالفاً لمنطقنا لأننا لسنا أوصياء علي هذا الشعب وقال آخرون إن الانتظار للانتخابات القادمة لتعديل الدستور الجديد أو تغييره مضيعة للوقت وهذا صحيح ولكن البديل أسوأ لأن أحداً لا يملك تجاهل أو معارضة رأي الشعب وإلا كانت بداية القصيدة.. وكنا نؤسس لدولة ديكتاتورية جديدة وأعتقد أن الالتزام بالديمقراطية حتي لو أخطأت أفضل من الديكتاتورية حتي لو أصابت. أما الاتهامات فتدور حول أني ربما أكون إخوانياً أو سلفياً وهي تهمة لا أرفضها وشرف لا أدعيه حيث إني لست من هؤلاء ولا أولئك ولكني متمسك بقناعة جازمة ان من حق هذين الفصيلين كغيرهما من فصائل العمل الوطني أن يعبرا عن رأيهما طالما كان سلمياً وفي إطار القانون وأن يطرحا برامجهما علي الشعب صاحب الكلمة الأولي والأخيرة وهو وحده الذي يقرر كم يكون عدد ممثليهما في البرلمان أو غيره فإن حظي أحدهما أو كلاهما كما يقال علي الأغلبية فتلك إرادة الشعب وليس من حق أحد أياً كان أن يفرض رأيه حتي لو كان صواباً علي هذا الشعب كما أن هذا لو حدث وبفرض أن الرأي الآخر هو الصواب معناه ببساطة أن أصحاب هذا الرأي الآخر أعجز من إقناع الشعب به مهما هللوا واحتجوا بحجج واهية مثل ضيق المساحة الزمنية حيث إن التيارات الأخري كانت موجودة علي الساحة منذ عقود ومسألة حصارها وقمعها من قبل النظام البائد لا تغني ولا تسمن من جوع أما بالنسبة لما يسمي بالتيارات الجديدة المحتجة بعدم تمكنها من تشكيل أحزابها حتي الآن فهذا صحيح بدرجة أو بأخري ولكن أليس ذلك هو الالتزام بالديمقراطية التي تطالب بها فلتجهز نفسها إن استطاعت للدورة بعد القادمة ونرجوكم كفي وصاية علي الشعب وكفي مزايدة علي ثورة الشعب وكفي انتهازية وديكتاتورية .