رغم المساعي الحثيثة التي يدعو إليها النخبة وربما العامة من بني مصر لتفهم الآخر وإثراء التعايش الحضاري بين المشرق العربي والغرب الليبرالي فإن الوقائع والشواهد تكشف يوماً بعد يوم زيف القناع الغربي. وتتساقط أوراقه الخبيثة الواحدة تلو الأخري والتي يقامر بها في دنيا السياسة ويساوم بها الشعوب العربية التي تحلم بالتحول الديمقراطي والانتقال السلمي إلي عالم الحرية. ورقة المساعدات والديون.. من احدي نكبات الغرب التي وصمت جبين بعض بلدان العرب والدول النامية أو بلدان العالم الثالث واتخذتها ذريعة للحفاظ علي المسافة الحضارية بينها وبين الفقراء المحكوم عليهم بالبقاء في دائرة النمو أو السعي للنمو إلي أن يرث الله الأرض ومن عليها. المساعدات والديون بالمفهوم الغربي مساندة حقوق الإنسان.. وفي باطن الأمر ما هي إلا استثمارات مقنعة للتحكم في مصائر الشعوب وتركيعها وشراء ضمائرها وربما إذلالها إذا اقتضي الأمر لحملها علي اتخاذ مواقف معينة وانتهاج سياسات تتوافق وأطماعها ومصالحها ومصلح حلفائها وذيولها. المساعدات والديون.. ما هي إلا أموال الشعوب المودعة قهراً وقسراً في بنوك الغرب.. يعاد غسيلها وتقديمها أو جزء من فوائدها في صورة حزم جهنمية من المساعدات الموجهة والمشروطة.. نهبها الحكام وكنزوها في بنوك الغرب وفي حساباته السرية. والآن يعرض إقراضها للشعوب بطريقته الخاصة ومنهجه المكشوف. ويكفي أن أشير في هذا الشأن إلي مثال معاصر» فمنذ عدة أسابيع أعلن مسئولون أمريكيون انهم يدرسون دعم الثوار الليبيين بضمان أرصدة القذافي في واشنطن يعني بالبلدي "من ذقنه.. وافتل له". المساعدات والديون وفوائدها أصبحت شاهداً علي جرائم الفساد المالي والسياسي التي اقترفتها الأنظمة الشمولية في حق شعوبها في إطار تدعيم سياسات تكميم الأفواه وتكبيل الأيادي الفاعلة وكبت الحريات.. وفي زمن الثورات والانتفاضات الديمقراطية لم يعد هناك مجال للاستخفاف بعقول الشعوب.. فالعاقبة ستكون وخيمة وستأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وستزداد المسافات بين الشرق والغرب اتساعاً.