أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد سوف تظل علي مدي التاريخ نموذجاً ومثالاً يحتذي لكل بنات حواء. حصافة في الرأي. قوة في مواجهة العواصف. ثراء في المال والعطاء. هدوء وثقة بالنفس. صبر وحكمة وروية في التعامل. اختياراتها بدقة والتجارب أكسبتها خبرة في إدارة شئون الحياة. بلسماً يداوي الجراح ويزيل الهموم. تلك بعض الأوصاف لهذه الأم المؤمنة الذي تفوقت في كل تصرفاتها واستحقت بجدارة أن يظل سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم أن يتذكر أيامها ويردد علي مسامع زوجاته حينما كانت تأتي إلي بيت النبوة أي زائرة فيقول صلي الله عليه وسلم كانت تأتينا أيام خديجة. ذكريات خالدة وعزيزة وتأثيرها شديد في قلب النبي. أم المؤمنين السيدة خديجة كانت أول المؤمنين برسالة سيد الخلق صلي الله عليه وسلم . وقد تمكن الإيمان في قلبها فصارت آيات القرآن الكريم نوراً يتلألأ في صدرها. ملأت بيت النبوة منذ اقترانها برسول الله صلي اله عليه وسلم حناناً وحيوية ونشاطاً وأضفت علي الحياة بهجة وبهاء وأدخلت السرور علي قلب الرسول صلي الله عليه وسلم أفضل زوج عرفته البشرية. وقفت إلي جوار الرسول بكل قوة وقالت كلماتها الخالدة أبو الدهر وذلك حين نزل عليه الوحي في غار حراء وعند عودته أخذ يقص علي زوجه خديجة الأحداث التي مرت به ويقول: خشيت علي نفسي. في تلك اللحظات لم تقف مكتوفة الأيدي ولم تكن مجرد مستمعة فقط وإنما كانت في منتهي اليقظة والحكمة والتدبر. أخذت تخفف وتواسيه وتردد علي مسامعه صلي الله عليه وسلم تلك العبارات التي تفردت بها السيدة خديجة رضي الله عنها : أبشر يا ابن العم. فوالذي نفس خديجة بيده إني أرجو أن تكون نبي هذه الأمة. والله لا يخزيك الله أبداً. انك لتصل الرحم. وتصدق الحديث. وتحمل الكل. وتقري الضيف. وتعين علي نوائب الدهر". كلمات خالدة تفردت بها أم المؤمنين خديجة قلبها قطر مودة وحباً ورحمة وحناناً نحو زوجها أفضل الخلق. لم تقتصر هذه الزوجة الفاضلة في مواساتها لزوجها بهذه العبارات وإنما اصطحبته إلي ابن عمها ورقة بن نوفل لأنه الخبير بمثل النواميس التي تتنزل علي الأنبياء والرسل وهناك سرد رسول الله صلي الله عليه وسلم مارآه وما حدث له في غار حراء أثناء تعبده في هذا المكان الذي اختاره الرسول بعيداً عن حركة السكان لكي يتعبد به علي دين أبيه إبراهيم صلوات الله وسلامه عليه وعندما انتهي الرسول من كلامه. طمأنه ورقة وقال: إن هذا الذي نزل عليك هو الناموس "الوحي" الذي نزل علي موسي. ثم أضاف ورقة: لم يأت أحد بمثل ما جئت به إلا عودي وليتني أكون حياً لأنصرك حين يخرجك قومك. فقال الرسول صلي الله عليه وسلم : أو مخرجي هم؟ قال: نعم. لم أجد بمثل هذا إلا ناصبه أهله العداء ووقفوا في طريقه. وبعد أن سكن فؤاد الرسول صلي الله عليه وسلم عقب انتهاء حواره مع ورقة عادت إلي المنزل ولم تقف كلماتها التي كانت تنزل برداً وسلاماً علي قلب المصطفي صلي الله عليه وسلم.. يكفي أم المؤمنين خديجة بنت خويلد فخراً ان النبي صلي الله عليه وسلم سمي العام الذي وافتها المنية فيه بعام الحزن. ويكفيها فخراً أن ذريتها من الرسول وما تناسل منها هي البقية الباقية من آل بيت النبوة. حقيقة ولو كانت النساء كهذه لفضلت النساء علي الرجال. رحم الله أم المؤمنين خديجة قدوة كل زمان ومكان لكل بنات حواء.