في ذكري مرور 44 عاماً علي إنشاء قوات الدفاع الجوي.. تحدث الفريق عبدالمنعم التراس قائد قوات الدفاع الجوي عن يوم الثلاثين من يونيو وماذا يعني بالنسبة لقوات الدفاع الجوي.. قال ان اقامة حائط الصواريخ علي خط القناة كان البداية الحقيقية لاسترداد الأرض والكرامة. أكد ان طلاب الكلية يشاركون في الرمايات الميدانية لأسلحة الدفاع الجوي.. وأن التأهيل العلمي للضباط جعلهم يتفوقون علي نظرائهم في الدول الأخري.. مؤكداً ان الاستعداد القتالي يتيح لقوات الدفاع الجوي تنفيذ مهامها بنجاح في كل الظروف. وفيما يلي نص الحوار: ** تحتفل قوات الدفاع الجوي كل عام في الثلاثين من شهر يونيو بعيد الدفاع الجوي.. نرجو إلقاء الضوء علي أسباب اختيار ذلك اليوم. * طبقاً للقرار الجمهوري رقم "199" الصادر في الأول من فبراير 1968 تم البدء في إنشاء قوات الدفاع الجوي لتمثل القوة الرابعة في قواتنا المسلحة الباسلة.. ويأتي هذا العيد في ذكري إتمام إنشاء حائط الصواريخ تحت ضغط هجمات العدو الجوي المتواصلة بأحدث الطائرات "فانتوم وسكاي هوك" ذات الإمكانيات العالية مقارنة بوسائل الدفاع الجوي المتيسرة في ذلك الوقت.. ومن خلال التدريب الواقعي في ظروف المعارك الحقيقية خلال حرب الاستنزاف تمكنت قوات الدفاع الجوي اعتباراً من 30 يونيو وخلال الأسبوع الأول من شهر يوليو عام 1970 من اسقاط العديد من الطائرات طراز "فانتوم وسكاي هوك" وأسر العديد من الطيارين الإسرائيليين وكانت هذه أول مرة تسقط فيها طائرة فانتوم وأطلق عليه أسبوع تساقط الفانتوم وتوالت انتصارات رجال الدفاع الجوي ويعتبر يوم الثلاثين من يونيو عام 1970 هو البداية الحقيقية لاسترداد الأرض والكرامة بإقامة حائط الصواريخ الذي منع طائرات العدو من الاقتراب من سماء الجبهة فاتخذت قوات الدفاع الجوي هذا اليوم عيداً لها. ** كان للصراع العربي الإسرائيلي عدة جولات.. ما هو دور قوات الدفاع الجوي في حرب 48 والعدوان الثلاثي عام .56 * في يوم 14 مايو عام 48 تم إعلان قيام دولة إسرائيل.. بعد إنتهاء الانتداب البريطاني علي فلسطين.. وفي يوم 31 من نفس الشهر صدر الأمر بإنشاء قوات الدفاع الإسرائيلية.. تكونت من ثلاثة أفرع رئيسية هي القوات "البرية والجوية والبحرية" وكان للقوات الجوية الإسرائيلية أهمية كبيرة عن باقي الأفرع الأخري لقدرتها علي نقل المعركة إلي أي مكان خارج الأراضي الإسرائيلية.. وتم تجميع الطيارين المتطوعين من أوروبا وأمريكا وجنوب أفريقيا حتي بلغ عدد الطيارين "40" طياراً من أصحاب الخبرة القتالية في الحرب العالمية الثانية.. وفي ذلك الوقت من عام 48 لم يكن تم تشكيل قوات الدفاع الجوي كقوة رئيسية بالقوات المسلحة حيث كانت عبارة عن عناصر تعمل ضمن سلاح المدفعية.. وكان حجم المدفعية المضادة للطائرات المصرية في ذلك الوقت عبارة عن عدد "2" آلاي مدفعية 3.7 بوصة م ط وآلاي مدفعية 40 مم م ط وآلاي أنوار كاشفة.. وتولت مهمة حماية المدن الرئيسية بسيناء مع توفير الحماية الجوية لوحدات المشاة ضد هجمات العدو الجوية.. وقامت بقصف خزانات المياه والوقود بالمستعمرات التي أنشأتها إسرائيل. وقد خاضت بطاريات المدفعية المضادة للطائرات هذه المعارك ببراعة وشجاعة.. ولكن الوضع قد اختلف في حرب عام ..56 حيث تم توقيع اتفاقية السلاح عام 1955 بين مصر والاتحاد السوفيتي.. حيث تقرر مد مصر بالمدافع "85 مم و37 مم والرشاشات الخفيفة أعيرة 12.7 مم" وبدأت وحدات المدفعية في إعادة البناء والتدريب الشاق.. وقامت وحدات المدفعية في حرب عام 56 بتوفير الحماية الجوية لمدن القناة والقاهرة الدفاع بإصرار عن كوبري الفردان.. وإسقاط أعداد كبيرة من الطائرات الإسرائيلية والبريطانية.. وإبادة معظم أفراد المجموعة الأولي من قوات الكوماندوز التي قامت بعمل إسقاط مظلي غرب بورسعيد وبورفؤاد. ** يتردد في احتفالات الدفاع الجوي كلمة "حائط الصواريخ".. بماذا تعني هذه الكلمة وكيف تم انشاء هذا الحائط؟ * يجيب : حائط الصواريخ هو تجميع قتالي متنوع من الصواريخ والمدفعية المضادة للطائرات في انساق متتالية داخل مواقع ودشم محصنة "رئيسية - تبادلية - هيكلية" قادر علي صد وتدمير الطائرات المعادية في إطار توفير الدفاع الجوي للتجميع الرئيسي للتشكيلات البرية والأهداف الحيوية والقواعد الجوية والمطارات غرب القناة مع القدرة علي تحقيق امتداد لمناطق التدمير لمسافة لا تقل عن "15"كم شرق القناة.. هذه المواقع تم انشائها وتحصينها تمهيدا لادخال الصواريخ المضادة للطائرات بها.. وقد تم بناء هذا الحائط في ظروف بالغة الصعوبة.. حيث كان الصراع بين الذراع الطولي لإسرائيل المتمثلة في قواتها الجوية وبين رجال القوات المسلحة المصرية بالتعاون مع شركات الإنشاءات المدنية في ظل توفير دفاع جوي عن هذه المواقع بالمدفعية المضادة للطائرات.. وذلك لمنع انشاء هذه التحصينات.. ورغم التضحيات العظيمة التي تحملها رجال المدفعية المضادة للطائرات.. كان العدو ينجح في معظم الأحيان في إصابة أو هدم ما تم تشييده.. وقام رجال الدفاع الجوي بالدراسة والتخطيط والعمل المستمر وإنجاز هذه المهمة..وكان الاتفاق علي أن يتم بناء حائط الصواريخ باتباع أحد الخيارين: الخيار الأول : القفز بكتائب حائط الصواريخ دفعة واحدة للأمام واحتلال مواقع ميدانية متقدمة دون تحصينات وقبول الخسائر المتوقعة لحين اتمام انشاء التحصينات. الخيار الثاني : الوصول بكتائب حائط الصواريخ إلي منطقة القناة علي وثبات اطلق عليها "أسلوب الزحف البطئ" وذلك بأن يتم انشاء تحصينات كل نطاق واحتلاله تحت حماية النطاق الخلفي له.. وهكذا.. وهو ما استقر الرأي عليه وفعلا تم انشاء مواقع النطاق الأول شرق القاهرة وتم احتلالها دون أي رد فعل من العدو.. وتم التخطيط لاحتلال ثلاث نطاقات جديدة تمتد من منتصف المسافة بين غرب القناة والقاهرة.. وتم تنفيذ هذه الأعمال بنجاح تام في تناسق كامل وبدقة عالية.. وفي التوقيت المحدد كسمفونية متكاملة تعزف أعظم الألحان جسدت بطولات وتضحيات رجال الدفاع الجوي وكانت ملحمة وعطاء لهؤلاء الرجال في الصبر والتصميم والتحدي وعلي أثر ذلك لم يجرؤ العدو الجوي علي الاقتراب من قناة السويس فكانت البداية الحقيقية للفتح والإعداد والتجهيز لخوض حرب التحرير بحرية كاملة وبدون تدخل جوي من العدو. ** كيف استطاع مقاتل الدفاع الجوي تحقيق المعادلة الصعبة بين التكنولوجيا المتطورة وسهولة الاستخدام في حرب أكتوبر 73؟ * يقول الفريق التراس: أجمع العديد من المفكرين علي أن حرب أكتوبر 73 تعتبر نقطة تحول هامة في تاريخ الحروب.. فلقد أبرزت تلك الحرب أن التكنولوجيا أصبحت تمثل عنصراً ذا أهمية في الحروب الحديثة.. ولعل أهم المشاكل التي تواجه الجيوش الحديثة تلك المشكلة الناشئة من الاتجاه المتزايد نحو استخدام الأسلحة المتطورة المعقدة فمعظم هذه الأسلحة تتطلب أطقم قتال ذات مستوي تعليمي وثقافي عال نسبياً. الأمر الذي يؤكد أن القوة العسكرية لأي دولة لم تعد تقاس بصورة نسبية طبقاً للعناصر المكونة لها من تسليح وقوة بشرية.. وإنما أصبحت تقاس بصورة نسبية طبقاً لنوعية القوة البشرية وقدرتها علي استيعاب الأسلحة والمعدات المتطورة. كان أحد الحلول لمواجهة المشكلة هو زيادة فترة التجنيد.. لتوفير الوقت اللازم كي تتمكن أطقم القتال من استيعاب الأسلحة وهو ما يتعارض مع خطط التنمية الاقتصادية للدول وكان هناك حل آخر يتمثل في تصنيع وجلب أسلحة متطورة سهلة الاستخدام.. ويتطلب هذا الحل تكاليف باهظة لتنفيذه.. ولعل ذلك يفسر الاهتمام البالغ بالصواريخ المحمولة علي الكتف للنتائج الرائعة التي حققتها خلال حرب أكتوبر ..73 فهذه الصواريخ تعتبر نموذجاً رائعاً لما يجب أن تتجه إليه التكنولوجيا في المجال العسكري من سهولة الاستخدام ورخص الثمن.. وقد تم تنفيذ منظومة للانتفاء والتوزيع للأفراد ذوي المؤهلات العليا والدرجات العلمية المناسبة لاستقدامهم للتجنيد بقوات الدفاع الجوي للعمل علي المعدات ذات التقنيات الحديثة المتطورة لسهولة استيعابهم لهذه المعدات. ** الدفاع الجوي عبارة عن منظومة متكاملة تشتمل علي العديد من الأنظمة المتنوعة.. فما هي عناصر ومتطلبات بناء هذه المنظومة؟! * تتكون منظومة الدفاع الجوي من عدة عناصر: استطلاع وإنذار وعناصر إيجابية تمكن القادة من اتخاذ الإجراءات التي تهدف إلي حرمان العدو من تنفيذ مهامه أو تدميره بوسائل دفاع جوي تنتشر في كافة ربوع الدولة في مواقع ثابتة وبعضها يكون متحركاً طبقاً لطبيعة الأهداف الحيوية والتجميعات المطلوب توفير الدفاع الجوي عنها. ويتطلب تنفيذ مهام الدفاع الجوي اشتراك أنظمة متنوعة لتكوين منظومة متكاملة تشمل علي أجهزة الرادار المختلفة التي تقوم بأعمال الكشف والإنذار بالإضافة إلي عناصر المراقبة الجوية وعناصر إيجابية من صواريخ مختلفة المدايات والمدفعية م ط والصواريخ المحمولة علي الكتف والمقاتلات وعناصر الحرب الالكترونية. والسيطرة علي منظومة الدفاع الجوي يتم بواسطة نظام متكامل للقيادة والسيطرة من خلال مراكز قيادة وسيطرة علي مختلف المستويات في تعاون وثيق مع القوات الجوية والحرب الإلكترونية بهدف الضغط المستمر علي العدو الجوي وإفشال فكره في تحقيق مهامه وتكبيده أكبر نسبة خسائر ممكنة. ويتحقق بناء المنظومة من خلال توازن جميع عناصر وفاعليتها وقدرتها علي مجابهة العدو الجوي.. بالإضافة إلي التكامل بين عناصر المنظومة والذي يشمل. التكامل الأفقي: ويتحقق بضرورة توافر جميع العناصر والأنظمة الأساسية للمنظومة. التكامل الرأسي: ويتحقق بتوافر أنظمة تسليح متنوعة داخل العنصر الواحد. ** في ظل التطور الهائل في تكنولوجيا التسليح الذي يشهده العالم الآن كيف يتم تأهيل طلاب كلية الدفاع الجوي لمواكبة هذا التطوير؟ * تعتبر كلية الدفاع الجوي من أحدث المعاهد العسكرية علي مستوي الشرق الأوسط ولا يقتصر دورها علي تخريج ضباط الدفاع الجوي المصريين فقط بل يمتد هذا الدور ليشمل تأهيل طلبة من الدول العربية والأفريقية الصديقة. ونظراً لما يمثله دور كلية الدفاع الجوي المؤثر علي قوات الدفاع الجوي والتي تتعامل دائماً مع أسلحة ومعدات ذات تقنية عالية وأسعار باهظة فإننا نعمل علي تطوير الكلية من خلال مسارين: المسار الأول: تطوير العملية التدريبية وذلك بالمراجعة المستمرة للمناهج الدراسية بالكلية وتطويعها طبقاً لاحتياجات ومطالب وحدات الدفاع الجوي والخبرات المكتسبة من الأعوام السابقة بالإضافة إلي انتقاء هيئة التدريس من أكفأ الضباط والأساتذة المدنيين في المجالات المختلفة. المسار الثاني: تزويد الكلية بأحدث ما وصل إليه العلم في مجال التدريب العملي وفي هذا المجال فقد تم تزويد الكلية بفصول تعليمية لجميع أنواع معدات الدفاع الجوي مزودة بمحاكيات للتدريب علي تنفيذ الاشتباكات بالأهداف الجوية كذا تم تجهيز الفصول والقاعات الدراسية بدوائر تليفزيونية مغلقة وشاشات عرض حديثة وتم تحديث وتطوير المعامل الهندسية بالكلية فضلاً عن تنفيذ معسكرات تدريب مركز لطلاب السنة النهائية للمشاركة في الرمايات الميدانية لأسلحة الدفاع الجوي بمركز رماية الدفاع الجوي. ** تمتلك قوات الدفاع الجوي ميدان رماية متطوراً.. كيف يتم الاستفادة منه في إعداد الفرد المقاتل واختبار الأسلحة والمعدات؟ * من المعروف أن الرماية الحقيقية هي أرقي مراحل التدريب القتالي حيث تعطي نتائجها الايجابية الثقة في السلاح وتعتبر تتويجا لما تم بذله من جهد خلال العام التدريبي وهي مؤشر حقيقي علي سلامة تخطيط وتنفيذ التدريب ومن هذا المنطلق وفي ضوء التطور الملموس لمنظومة الدفاع الجوي المصري تم تنفيذ برنامج تطوير ميدان الرماية ليكون مركز رماية حضاريا مجهزا بمنشآت حديثة مع تزويده بأحدث أنظمة اهداف الرماية وتقييم وتحليل وتسجيل نتائج الرمي للوقوف علي نقاط القوة والسلبيات سواء بالنسبة للفرد أو المعدة والامكانيات الكبيرة لمركز الرماية تؤهله لان يكون بحق هو أكبر مركز رماية علي المستوي الاقليمي حيث لا توجد مراكز مشابهة في دول منطقة الشرق الاوسط. ** أدي التطور الهائل في أسلوب الحصول علي المعلومات وتعدد مصادر الحصول عليها إلي عدم وجود أسرار عن أنظمة التسليح في معظم دول العالم.. فما هو الحل للحفاظ علي سرية أنظمة التسليح بقوات الدفاع الجوي؟ * شيء طبيعي في عصرنا الحالي أنه لم يعد هناك قيود في الحصول علي المعلومات حيث تعددت وسائل الحصول عليها سواءاً بالاقمار الصناعية أو أنظمة الاستطلاع الالكترونية المختلفة وشبكات المعلومات الدولية.. بالاضافة الي وجود الانظمة الحديثة القادرة علي التحليل الفوري للمعلومة وتوفر وسائل نقلها باستخدام تقنيات عالية مما يجعل المعلومة متاحة امام من يريدها ويجعل جميع الانظمة ككتاب مفتوح امام العدو / الصديق. ولكن هناك شيئا مهماً وهو ما يعنينا في هذا الأمر.. هو فكر استخدام الانواع المختلفة من الاسلحة والمعدات الذي يحقق لها تنفيذ المهام بأساليب وطرق غير نمطية في معظم الاحيان بما يضمن التنفيذ الكامل في إطار خداع ومفاجآت الجانب الآخر.. وهذا في المقام الاول خفي عن العدو وله درجات سرية عالية وتحتفظ به القوات المسلحة كأهم خطط الحروب المقبلة.. والدليل علي ذلك انه في بداية نشأة قوات الدفاع الجوي تم تدمير أحدث الطائرات الاسرائيلية "الفانتوم" باستخدام وسائل الكترونية حديثة من خلال منظومات الصواريخ المتوفرة لدينا في ذلك الوقت وكذا التحرك بسرية كاملة لاحدي كتائب الصواريخ لتنفيذ كمين لاسقاط طائرة الاستطلاع الالكتروني استراتكروزر المزودة باحدث وسائل الاستطلاع الالكتروني بانواعه المختلفة وحرمان العدو من استطلاع القوات غرب القناة باستخدام اسلوب قتال لم يعهده العدو من قبل "وهو تحقيق امتداد لمناطق تدمير الصواريخ لعمق أكبر شرق القناة" ومن هناك نخلص إلي ان السر لا يكمن فقط فيما نمتلكه من أسلحة ومعدات ولكن القدرة علي تطوير اسلوب استخدام السلاح والمعدة بما يمكنها من تنفيذ مهامها بكفاءة تامة.