شهدت ندوة "أزمة القوانين المصرية وسبل مواجهتها" التي نظمها المركز المصري لحقوق المرأة مناقشات ساخنة حول تعرض المرأة المصرية بعد الثورة لهجمة شرسة من قبل بعض التيارات الظلامية لإلغاء منظومة القوانين الاجتماعية في مصر بدعوي أنها قوانين "سوزان مبارك". أكد المشاركون في الندوة أنه من الخطأ اختزال المكاسب التي حققتها المرأة في السنوات الماضية في شخص واحد فقط. مشيرين إلي أن هذا الأمر يتناقض مع النضال الطويل لكل المصريين رجالاً ونساء لإحداث بعض التعديلات المتعلقة بالاصلاح الاجتماعي. أشار تقرير صادر من المركز المصري لحقوق المرأة الذي ترأسه د. نهاد أبو القمصان حول التحديات والمخاطر التي تواجه المرأة المصرية بعد الثورة إلي أن المرأة المصرية تتعرض بالفعل لهجمة شرسة بعد الثورة من قبل بعض التيارات المتطرفة والظلامية وانه حدثت حالة من الاقصاء للمرأة. أكد التقرير أن حالات الاقصاء المذكورة تمثلت في إبعاد الفتيات عن المشاركة في الائتلاف الذي خرج به شباب الثورة فلم يضم الائتلاف سوي الشباب فقط دون الفتيات بالرغم من قيام الثورة بمشاركة النساء والرجال ومناداتها بمباديء المساواة والعدل.. كذلك فقد جاءت حكومة د. عصام شرف بدون نساء فلم تحمل الوزارة غير د. فايزة أبو النجا وهي من الوزارة السابقة.. ايضا لجان الحكماء التي تم تشكيلها والتي خلت من العنصر النسائي فيما عدا سيدة واحدة وقد خلت لجنة تعديل الدستور من النساء وكأن مصر ليس بها أي متخصصة أو فقيهة في القانون. أشار التقرير إلي أن المطالبة بحل المجلس القومي للمرأة بإدعاء انه لا يمثل المصريات لم تظهر إلا بعد تنحي الرئيس السابق مما يعني ان مثل تلك المنظمات اكتشفت فجأة مثل هذا الأمر في حين أن المجلس كان له دور هام في العديد من المجالات. وطالب التقرير بإعادة هيكلة المجلس المذكور وليس حله. أكدت نهاد أبو القمصان- رئيس المركز المصري لحقوق المرأة أن القوانين التي تنظم الحياة الاجتماعية تحتاج إلي جهد كبير من أجل الوصول بها إلي نتيجة مرضية واعتبرت أن الخطأ احياناً لا يكون في القوانين. ولكن في عدم تفعيل القانون وقالت ان المرأة المصرية تتعرض إلي أشكال عديدة من العنف وأوضحت ان الزواج المبكر للفتيات نتج عنه معاناة جسمية ونفسية وجنسية. تضيف أبو القمصان أنه وبالرغم من أن القانون رقم 26 لسنة 2008 قد رفع سن الزواج من 16 إلي 18 عاما إلا أن هذه المادة تصطدم بالمادة رقم 2 من قانون الطفل والتي تنص علي أن ثبوت السن يتم بموجب شهادة الميلاد أو بطاقة الرقم القومي أو أي مستند رسمي آخر عن طريق وزارتي العدل والصحة. مؤكدة ان مثل هذه المادة تساهم في التلاعب في تقدير السن بتحديد سن أكبر من الحقيقة مما يساعد علي انتشار الزواج المبكر لاسيما في المناطق الريفية والنائية. أكدت د. نهاد علي تعدد اشكال العنف ضد المرأة والتي تشتمل الامتناع عن النفقة في حال الطلاق معتبرة أن القانون لم يقدم ضمانات كافية لحصول النساء علي النفقة للأطفال أو الحد من التلاعب وإطالة التقاضي في قضايا النفقة مما يسبب معاناة اقتصادية ونفسية كبيرة للأمهات وتضطر بعض الأمهات إلي التخلي عن الاطفال لعدم القدرة علي الانفاق أو وجود مكان للاقامة وعدم القدرة علي الحصول علي الإنصاف القانوني. بينما يشكل صورة من صور الحرمان. وبخصوص ما تشهده قوانين الأحوال الشخصية من هجوم شرس وعنيف باعتبارها قوانين "الهانم" فقد اعتبرت أبو القمصان ان هذه الهجمة تعبر عن قلة الوعي بالقضايا الاساسية والتي يجب ان تتصدر اهتمامات الشعب المصري مثل قضية الاسكان وغلاء الأسعار ومشاكل تطوير التعليم معتبرة أن هذه القضايا الجوهرية هي التي جعلت قوانين الأحوال الشخصية تمثل قضية هامة. ومثلث لذلك بقانون الايجار الجديد والذي قضي علي أحلام العديد من البسطاء في الحصول علي سكن آمن مما كان سبباً مباشراً في وقوع حالات انفصال بين الأزواج لعجز الزوج عن توفير نفقات بيته. أكدت أن مثل هذه القضايا بالاضافة إلي مشكلة الخصخصة التي انتجت اعداداً اضافية للبطالة هي الأولي بالنقاش والحل. واعتبرت أن هذا الهجوم علي قوانين الأحوال الشخصية إما يخدم بعض القوي السياسية التي تريد الهاء المجتمع عن القضايا الأساسية وقارنت بين ما يحدث الآن وما حدث منذ أكثر من ثلاثين عاماً عقب وفاة السادات عندما تعرضت قوانين الاحوال الشخصية إلي هجوم شرس.. واستخدمت حملة تحريضية في تلك الاثناء من القوي الديمقراطية الساعية للاصلاح في مصر.. وهي جملة "قوانين جيهان". عاتبت أبو القمصان طريقة الاعلام في معالجة القضية معتبرة انها تحمل تحريضا أكثر مما تحمل من المعالجة التنويرية التي تمثل الرسالة الفعلية للاعلام معتبرة أن وصف المسألة من الظاهر لا يقدم شيئا ذا قيمة وان القيمة الفعلية تكمن في التحليل الذي يصل إلي حل. علي نفس الصعيد أكدت د. ايناس أبو يوسف أستاذ الصحافة المساعد بكلية الإعلام ان ما قدمته بعض الصحف المصرية التي عالجت موضوع قوانين الأحوال الشخصية حملت عناوين تحريضية أكثر منها واقعية واعتبرت أن معالجة قضايا الأحوال الشخصية لابد وان تشتمل علي عدة مداخل مثل مدخل المواطنة من خلال التركيز علي مبدأ نبذ التمييز بأشكاله المختلفة ومنه التمييز ضد المرأة باعتبارها نصف المجتمع والمدخل الواقعي منه للنزول إلي أرض الواقع وإلقاء الضوء من خلال وجهة نظر الحالات الواقعية وكذلك المدخل الوجداني باستخدام الخطاب الديني وبأدلته الإقناعية لجذب التعاطف الجماهيري للوصول إلي نتائج مرضية. واعتبرت أن التركيز علي الفئات المهمشة والجمهور في المناطق النائية.. يضع أيدينا علي صلب المشكلة والذي يمثل الركيزة الأساسية في الانطلاق نحو الحل.