لم تكن أزمة فيلم "حلاوة روح" بعد قرار رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب بمنع عرضه هي الأولي. ويبدو أنها لن تكون الأخيرة في تاريخ السينما التي دائماً ما تعرضت أفلام كثيرة من المنع الكامل أو حذف بعض المشاهد بسبب مناقشتها موضوعات تتعلق بالمحاذير الثلاثة "الدين والجنس والسياسة" حتي أن الأمر وصل في كثير من الاحيان لتدخل مؤسسة الرئاسة ذاتها لمنع عرض أفلام بعينها في أنظمة مختلفة.. "المساء" ترصد أبرز أزمات الأفلام والرقابة من خلال السطور التالية. البداية مع فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر الذي عرف عنه حبه الشديد للفن السابع حتي أنه كان يخصص غرفة بمنزله لمشاهدة أحدث الأفلام أسبوعياً. ورغم أن فترة حكم الرئيس جمال عبدالناصرر منحت السينما العديد من الصلاحيات إلا أنها منعت بناء علي تعليمات مباشرة من الرئيس الراحل مشاهد من فيلم "الله معنا" للمخرج أحمد بدرخان في عام 1955 وهي المشاهد التي كان يظهر فيها الفنان زكي طليمات مجسداً لشخصية الرئيس محمد نجيب. ولاتزال أزمة فيلم "شيء من الخوف" عالقة في أذهان كثيرين. فقبل عرض الفيلم جماهيرياً عام 1969 ترددت الأقاويل عن أن الفيلم يحمل اسقاطات لشخصيات عديدة مرة عن الملك فاروق وأخري عن الرئيس محمد نجيب وثالثة عن الرئيس جمال عبدالناصر نفسه وهو الأمر الذي دفع الرقيب علي المصنفات الفنية للتأجيل بالموافقة والتصريح بعرض الفيلم خوفاً من تلك الاسقاطات. وعندما علم الرئيس جمال عبدالناصر بالأزمة خاصة أن الفيلم كان يجسد شخصياته عمالقة الفن في ذلك الوقت شادية ومحمود مرسي ويحيي شاهين قرر أن يشاهد الفيلم في عرض خاص وبمجرد انتهاء عرضه قام بالتصفيق الحاد للفيلم وعلق لمن كان يرغب ممن حوله في منع العرض "هو احنا عصابة؟!" وبالفعل تم عرض الفيلم محققاً نجاحاً مدوياً في الداخل والخارج. كما يؤكد البعض أن الرئيس الراحل هو ذاته قد تدخل لعرض فيلم "يوميات نائب في الأرياف" بعد تعنت الرقابة في اجازته استجابة لضغوط من شعراوي جمعة وزير الداخلية وقتها بدعوي اساءته للداخلية. كما تم منع الفيلم البريطاني "دكتور زيفاجو" الذي قام ببطولته عمر الشريف بأوامر مباشرة من حكومة الاتحاد السوفيتي. في عهد الرئيس الراحل محمد أنور السادات لم يختلف الحال كثيراً حيث كشف الفنان نور الشريف مؤخراً أن الرئيس السادات هو من تدخل لعرض فيلم "أهل القمة" الذي قام الشريف ببطولته مع الفنان عزت العلايلي وكان يحمل انتقاداً لفترة حكمه بعد توليه السلطة في 1970 خلفاً للزعيم الراحل جمال عبدالناصر. أكد الشريف أنه اتصل بالسادات يطلب منه إجازة عرض الفيلم ليطلب الأخير نسخة لمشاهدته. وبالفعل أعجب السادات بالفيلم كثيراً وأمر بعرضه عام 1981 كما هو باستثناء مشهد واحد يحصل فيه ضابط شرطة علي رشوة. كذلك كان السادات هو من اجاز عرض فيلم "الكرنك" بطولة الفنانة الراحلة سعاد حسني بعد مشاهدته له. ويظل فيلم "المذنبون" للفنان كمال الشناوي وحسين فهمي وسهير رمزي الذي تم إنتاجه عام 1976 صاحب واقعة فريدة في تاريخ الرقابة. حيث أمر الرئيس السادات بمنع عرض الفيلم ومحاكمة مسئولي وموظفي الرقابة لموافقتهم علي عرض الفيلم الذي كانت أحداثه تدور حول مقتل فتاة ليل ويتم التحقيق مع كل من كان له علاقة بها ومنهم رجال دولة. وهو الفيلم الذي تم تصنيفه بأن أكثر من نصف مشاهده تخدش الحياء العام. كما منع السادات عرض فيلم "زائر الفجر" بطولة عزت العلايلي والراحلة ماجدة الخطيب لأنه كان يروي الفساد في السلطة واستغلال المسئولين لوظائفهم ومناصبهم. وبعيداً عن الأفلام ذات المغزي السياسي تظل فترة السبعينيات وأوائل الثمانينيات من أكثر الأوقات التي تم منع عرض العديد من الأفلام فيها لأسباب أخلاقية وتتعلق بالآداب العامة للمجتمع وأبرزها أفلام "حمام الملاليطي" لشمس البارودي ومحمد العربي ويوسف شعبان الذي أنتج عام 1973. كذلك فيلم "ذئاب لا تأكل اللحم" لعزت العلايلي وناهد شريف والذي تم إنتاجه في نفس العام. وفيلم "درب الهوي" لفاروق الفيشاوي ومديحة كامل وتم إنتاجه عام 1983 والذي ظل ممنوعاً لفترة طويلة قبل أن يتم السماح بعرضه قريباً. وفيلم "خمسة باب" وهو إنتاج نفس العام وبطولة نادية الجندي وفؤاد المهندس وعادل إمام. ومع بداية حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك تم منع عرض العديد من الأفلام. والبداية مع فيلم "وداع في الفجر" إنتاج عام 1956 وإخراج حسن الإمام والذي تم منع عرضه علي شاشة التليفزيون المصري بمجرد تولي الرئيس مبارك للحكم لأنه ظهر فيه بمشهدين مع الفنان كمال الشناوي والفنان عبدالمنعم إبراهيم وكان يؤدي دور قائد مدرسة الطيران. كما تم منع عرض فيلم "العصابة" للمخرج د. هشام أبوالنصر الذي يتناول الاعتداءات الإسرائيلية الصارخة في حق الجنود المصريين وينتقد اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس السابق السادات. وفي أواخر التسعينيات وتحديداً عام 1998 تم منع عرض فيلم "حائط البطولات" بطولة فاروق الفيشاوي ونور الشريف ومحمود ياسين وعزت العلايلي. وقيل وقتها إنه منع بأوامر شخصية من سوزان مبارك.