اليوم الذي نري فيه شوارع القاهرة قد عادت إلي طبيعتها قبل قيام ثورة 25 يناير سوف نعتبره بداية الانطلاق لتحقيق نتائج هذه الثورة. الهدف الأساسي للثورة قد تحقق بإسقاط النظام السابق. والتحقيق فيما ارتكبوه من جرائم وحبس رموزه رهن التحقيق وإصدار أحكام بالسجن علي البعض الآخر. لكن ماذا بعد؟! في الطريق من المنزل إلي العمل أمر في شارع منصور بالمنيرة حي السيدة زينب أري منظراً عجباً في الشارع الذي تقع فيه مصلحة الخزانة العامة.. الباعة الجائلون من كل صنف ونوع احتلوا نهر الشارع تماماً ومنعت السيارات منه. بل يكاد المشاه يقطعونه بشق الأنفس. شارع 26 يوليو "سرة القاهرة" تحول إلي منطقة عشوائية اختلط فيه الحابل بالنابل. والدخول إلي المحلات التجارية عبر الباعة الجائلين يكاد يكون أمراً مستحيلاً.. ناهيك عن فوضي المرور به. وتضييق ممر السيارات. ميدان رمسيس تدور فيه "لعبة القط والفأر" الشرطة ما تكاد تطرد الباعة الجائلين منه حتي يعودوا آليه بمجرد إدارة ظهرها.. وأصبح منظراً مسيئاً لكل الناظرين والسائرين. شوارع وسط البلد كلها تحولت إلي مواقف لسيارات السرفيس.. في ميدان رمسيس.. في مدخل شارع الجمهورية.. في شوارع كثيرة في وسط القاهرة.. وأصبح سائقو هذه السيارات يشكلون مركز قوة.. أو بالأصح مركز بلطجة يقفزون به فوق القانون وفوق النظام العام. كررنا كثيراً كلمة "الفوضي" التي تضرب أطنابها في كل شبر ومكان علي أرض مصر وخاصة في القاهرة.. لكن لم يعد للحديث جدوي في غياب الشرطة عن القيام بدورها.. والذي لا ندري سببه حتي الآن!! من شوارع القاهرة يجب أن يوضع حد لكل المظاهرات حتي لو كانت أهدافها سامية ووطنية.. فقد اختلطت هذه الأهداف بالأهداف الهدامة للتخريب والاعتداء علي أموال وأعراض الناس. ومن داخل المؤسسات والشركات والمصالح والهيئات والوزارات والجامعات.. وكل المنشآت يجب أن تختفي المظاهرات الفئوية التي تطالب بحقوق أو امتيازات مادية.. فالبلد ليس بها فلوس للضروريات فما بالك للامتيازات. يجب أن تختفي ظاهرة المطالبة بخلع هذا المدير أو إقصائه وإحلال آخر محله.. فلا يمكن لمدير أي مدير أن يرضي جميع الأطراف.. هذا يغضب منه لأتفه الأسباب.. وذاك يرضي عنه ربما ظناً أنه سوف يقربه. مصر أصبحت في حاجة إلي حسم لاستكمال المسيرة.. مصر في حاجة إلي الانضباط والالتزام.. والحكومة حتي الآن تقف عاجزة عن تحقيق هذه الأهداف.. ومالم تتخلص الحكومة من هذا العجز. وتقبض علي مقاليد الأمور بقوة فالخوف كل الخوف من نكسة لا يحمد عقباها.