الحفل الذي استضافت فيه دار الأوبرا فرقة د. ماجد سرور وشاركت بالغناء فيه المطربة مي فاروق يعد من الحفلات الهامة في مجال الموسيقي والغناء العربي لأنها اتسمت بالتجديد في مضمون الفقرات كما جاء أسلوب تقديمها غير تقليدي حيث كان هناك حرص واضح علي تقديم مختارات جيدة تحمل فكرة وأيضاً أداء جيدا وتنفيذا أمينا يؤكد الحرص علي التدريب والبروفات مما يحمل في طياته احتراما للجمهور. الحفل أقيم في المسرح الكبير من خلال فرقة معظم عازفيها من نجوم العزف في الساحة الموسيقية وتضمن برنامجه فاصلين الأول فاصل من الموسيقي الخالصة والتي رغم خلوها من الكلمات إلا أنها امتعت الحاضرين وخاصة أنها تضمنت عزفاًَ منفرداً أعطي فرصة للاستمتاع بمهارة هؤلاء العازفين واستعراض قدراتهم الأدائية.. والفاصل الثاني كان للغناء. البداية كانت مع فقرة بعنوان "بليغ الألحان" تضمنت مختارات من ألحان الموسيقار بليغ حمدي منها موعود وجانا الهوي وسيرة الحب وأنا كل ما أقول التوبة وقد نجح سرور في اعداد هذه الفقرة حيث جاءت الاختيارات بعناية وتم فيها مراعاة تقارب المقامات بين بداية وختام المقطع كما تنوعت بين الفواصل الموسيقية والمقدمة وبعض الكوبليهات. الفقرة كانت عزفاً جماعياً تجلي من خلالها مهارة الأداء الجماعي ومدي التناغم والانسجام بين العازفين وكان ذلك واضحاً أيضاً في الفقرات الجماعية الأخري في البرنامج والتي خلت من العزف المنفرد وكانت موسيقي تمر حنة ألحان محمد فوزي ومقطوعة رقصة حسن من مؤلفات أحمد فؤاد حسن. العزف المنفرد الفقرات الأخري في هذا الفاصل تم تخصيصها للعزف المنفرد والتي أبدع فيها العازفون وأولهم ماجد سرور نفسه قائد الفرقة ومعد هذا البرنامج حيث اختتم فقرة بليغ حمدي بأغنية علي حسب وداد قلبي التي كانت آلة القانون فيها بديلاً لصوت عبدالحليم حافظ أما فقرة العزف المنفرد الثانية كانت مع المقطوعة الثانية لأحمد فؤاد حسن بعنوان دموع البلبل والتي يلعب فيها الناي دور -رئيسي- وهنا كانت الفرصة للعازف المجتهد نبيل برجاس الذي أدي العمل ببراعة في التكنيك والإحساس وبشكل عام كان من أهم ايجابيات هذا الحفل تقديم أعمال هذا الموسيقار الذي نادراً ما تقدم أعماله في فرق الموسيقي العربية.. ومن الفقرات التي أعدها ماجد سرور أيضاً وتفوق في أدائها فقرة بعنوان "علي عودي" أداها عازف العود الماهر اسلام القصبجي وتضمنت مجموعة من الموسيقات الشهيرة منها رأفت الهجان وكانت فرصة لعاشقي هذه الآلة للاستمتاع بعزف متقن مفعم بالإحساس الذي يميز الموسيقي الشرقية أما عازف الأكورديون فاروق محمد حسن فقد أبدع في لحن فاروق الشرنوبي "حرمت أحبك" والذي أشعل الصالة بالتصفيق مع كل نغمة يعزفها ثم جاءت الفقرة التي جمعت بين العزف والغناء وكأنها همزة وصل بين الفاصلين الموسيقي والغنائي وكانت دويتو لحن الوفاء ألحان السنباطي التي أدي فيها ماجد سرور فقرات عبدالحليم علي القانون بينما شدت ايمان عبدالغني ضيفة الحفل بأغنية شادية وأدتها بشكل أمين ولكن صوت ايمان لا يناسب هذه الفترة المبكرة لصوت شادية. الغناء الفاصل الثاني كان مع مي فاروق التي فاجأتنا بأداء قصيدة أم كلثوم ذكريات احدي روائع الثنائي أحمد رامي والسنباطي والتي تمثل إضافة لرصيدها الفني ولفرق الموسيقي العربية وقد أدتها بإتقان وأمانة مع حفظ تام لتفاصيل اللحن والكلمات بالإضافة لحلاوة الصوت والإحساس التي يميزها عن كل من اشتهروا بأداء أغاني كوكب الشرق وعقب هذا العمل الصعب الذي اندمجت وتوحدت معه لدرجة أنها بعفوية سألت جمهورها هل أديته جيداً؟ وجاءت الاجابة تصفيقا حارا وعقب ذلك شدت برائعة عبدالوهاب ورامي "أنت الحب" والتي هي أيضاً ليست من الأغاني المتداولة كثيراً في فرق الموسيقي العربية واختتم الحفل ليخرج الجمهور شاعراً أنه استمتع بهذه السهرة المتميزة.