صول بأطفيح وبعدها قنا وقطع خطوط السكك الحديدية وتلاها الفكرية بأبوقرقاص وصولا إلي أحداث إمبابة المروعة. وان كنت أتمني أن تكون إمبابة هي الأخيرة إلا أنني لست متفائلا ولا أثق في أن تحقق أمنيتي هذه. فإن القادم لن يكون ورديا مالم تحدث ثورة جديدة من نوع آخر. ثورة علي ذواتنا. ثورة علي ثقافة ذرعها نظام فاسد عشنا فيه وعاش فينا. نظام ذرع فينا روح الكراهية. نظام نجح في تقسيم الوطن في ذواتنا. نظام عاش ثلاثين عاما يخطط لهذه اللحظة. نظام لا يشغله سوي لحظة سقوطه. وكيف يثبت للعالم أنه كان صمام الأمان الوحيد لمصر والمنطقة. نظام صنع أدواته بحنكه ودقة. نظام يعرف مواطن القوة ومواطن الضعف وأين ومتي يضرب ويكون الضرب موجعا. ثورة من أجل الحب. ثورة تنتصر فيها مصر علي أعدائها. ثورة حقيقية ضد كل من يخطط إلي هدم هذا الوطن وتمزيقه. عندما اختار قرية صول بمركز اطفيح لم يكن اختيارا عشوائيا أو وليدا للصدفة فمركز اطفيح من المناطق الملتهبة والجاهزة. منطقة تذكرني بالوجبات النصف مقلية ولا تحتاج لغير التسخين من أجل أن تكون وجبة شهية تشبع رغبته الانتقامية. تشبع رغبته في إرغام الشعب المصري علي الترحم علي زمانه وعصر الأمان والاستقرار الذي كان يتباهي به بين الأمم. والموضوع في صول لم يكن في حاجة لغير إشاعة تافهة تسري بين مجتمع الشائعات مفادها وجود علاقة غرامية بين رجل قبطي وسيدة مسلمة. لم يتحقق من صحتها أحد وتحولت الشائعة من شائعة إلي حقائق وتحرك الشارع في القرية بعد إثارته في انتهاك حرمته وشرفه وحدث ما هو متوقع. هجوما غير مبرر علي إحدي دور العبادة وتحطيمها انتقاما للشرف والعرض. لم يتحقق أحد من هذه الواقعة ويثبت صحتها. لكن السؤال الحقيقي هنا: حتي ولو ثبتت صحتها هل يجب أن يعاقب كل أهالي القرية بسبب خطأ فردي؟ السؤال الثاني: من هو المسئول عن التحقق من الواقعة ومحاسبة المخطئ؟ هل هم أهالي تلك القرية؟ أم هناك أجهزة معنية يجب اللجوء إليها لتقوم بالتحقيق والمحاسبة؟ واعتصم الشباب القبطي تسعة أيام أمام ماسبيرو مطالبين ببعض المطالب القابلة للتحقيق وأخري غير قابلة للتحقيق من أجل التصعيد الإعلامي. وفي قنا كان الخطأ مزدوجا فقد كان الخطأ من الحكومة عندما اختارت محافظا مسيحيا لمحافظة قنا للمرة الثانية. الأمر الذي أعطي انطباعا بأن قنا أصبحت كوتة للمحافظ القبطي وانا أجد أنه من حق الشعب القناوي رفض أن تكون محافظة قنا كوتة للمحافظ القبطي. وهذا أمر مرفوض من المسلمين والمسيحيين في قنا. فقد جرب المسيحيون المحافظ القبطي السابق مجدي أيوب الذي أهدر حقوقهم من أجل أن يظهر أمام مرءوسية بأنه رجل محايد لا يحابي أحدا. أما بالنسبة للمسلمين فإنهم يشعرون بأن محافظتهم هي المحافظة المختارة لتكون مقرا لمحافظ قبطي. لكن شكل الاعتراض كان غريبا للغاية. عندما ينام الأهالي علي خطوط السكك الحديدية ويقطعون الطرق والمواصلات ويعزلون قنا والأقصر وأسوان عن باقي محافظات مصر؟ فهذا ليس اعتراضا ولكنه محاولة تستهدف تقويض سلطة الدولة. أما في أبوقرقاص كان السبب مطبا صناعيا أمام فيلا يمتلكها أحد الأقباط. وهنا يجب التنويه علي أنه في قري المنيا كثيرا ما أتوجه إليها ومن المضحك أن هناك مطبا صناعيا لكل عائلة وهذا الأمر ليس جديداً علي جميع قري محافظة المنيا هذه المطبات الصناعية موجودة منذ عشرات السنوات. فلماذا الآن أثار المطب فتنة طائفية. لماذا هذا الشخص أو أعوانه فتحوا النيران علي المعترضين علي وجود هذا المطب. ولماذا في الأساس هناك من يثور بسبب وجود مطب صناعي والغاضبون لديهم مطباتهم أمام منازلهم. لماذا أبوقرقاص بالذات؟ فمن المعلوم أن التركيبة السكانية لمركز أبوقرقاص بها كثافة عالية من المصريين الذين يدينون بالمسيحية وأن أي إثارة للفوضي سوف تكون المواجهة بين الطرفين وليست من طرف واحد. فمن خطط لهذا كان يبحث عن انتقال عدوي المواجهة إلي قري ومدن أخري. لكن نجحت أجهزة الدولة في إحباط هذا المخطط ومواجهته وإنهائه. نأتي إلي حادث إمبابة المروع. هو ببساطة ووفقا لرواية بطلة هذه الرواية فهي سيدة ليست علي قدر كاف من التعليم بالرغم من سوءحالة التعليم في بلادنا فهي حاصلة علي دبلوم ثانوي تجاري. سيدة لديها مشاكل مع زوجها وعائلتها وكنيستها. تركت زوجها وابنها وهربت مع عشيقها. وفي أول محطة كذبت. فقد كذبت في شهادة إشهار إسلامها واثبتت فيها أنها آنسة وهي سيدة متزوجة ولديها طفلة من زوجها!! فهذه الكاذبة التي كذبت في بيانات رسمية في مشيخة الأزهر. نتوقع منها أن تكذب في كل ما تقول. فمن يكذب علي الأزهر. يكذب أيضا علي الكنيسة ولا ينبغي أن نصدق كل ما يقول. لكن بسبب ما قالته هذه السيدة حدثت كارثة وحرقت إمبابة من أناس ينتظرون اتفه الأسباب ويختلقونها لينفذوا ما يخططون له. كل ما أعرفه أن أي شخص يتقدم بإشهار إسلامه أو العكس لابد وأن يتم استدعاؤه أمام مباحث أمن الدولة ويكون له ملف بجهاز أمن الدولة. ويكون علي اتصال دائم بهذا الجهاز بحجة حمايته من المتطرفين من أي من الجانبين!! وبالتالي فإن عبير هذه كانت علي علاقة بجهاز أمن مبارك السابق وأشك في تورط هذا الجهاز الأمني الخطير في موقعة إمبابة وهنا لدينا مجموعة من التساؤلات: لماذا إمبابة بالذات؟ إذا كانت الكنيسة قد تحفظت علي عبير فهل من المعقول أن تقوم الكنيسة باخفائها في إمبابة معقل السلفيين والجماعات الإسلامية؟؟ هل هي قلة أماكن لدي الكنيسة؟ الكنيسة التي لديها كنائسها في طول مصر وعرضها وأديرتها منتشرة في كل صحاري مصر ضاقت الدنيا في وجهها ولم تجد مكانا آمنا تخفي به عبير سوي إمبابة؟؟ كلام غريب لو صح. لكنني لحسن حظ الكنيسة هذه المرة لا أثق في أقاويل هذه السيدة الكاذبة المزورة!! من المعروف أن إمبابة هي معقل الاحتقان الطائفي منذ الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وعادت لها الجماعات لتجعل منها مركزاً لها. واختلقت القصة وتم تنفيذ مخطط جاهز ومعد مسبقا من أجل خلخلة الدولة. علي الجانب الآخر مظاهرات من الأقباط أمام ماسبيرو للتعبير عن غضبهم وهذا أمر مقبول فمن حقهم التعبير عن حالة الحنق والمعاناة التي يعانونها.. لكن الأمر المدهش والمثير للتساؤل دخول أقباط المهجر علي الخط والأغرب أن بعضهم جاء خصيصا للمشاركة في هذه المظاهرات وهم موجودون بالفعل أمام ماسبيرو.. لكن الغريب والمريب أن أقرأ تصريحا لأحد زعماء منظمات أقباط المهجر المعروف عنه بتبني مبدأ تقسيم مصر وتحوم حوله الكثير من علامات الاستفهام والشبهات. ذلك الشخص الذي في السابق خاطب شارون وطالبه بحماية الأقباط يظهر الآن مرة أخري وفي ثوب جديد حاملاً لواء حماية الأقلية القبطية في مصر مصرحاً بالآتي: أنه قام بدفع الشباب القبطي للتظاهر أمام السفارة الأمريكية بعد اشتعال الأحداث الأخيرة في إمبابة للمطالبة بفرض الحماية الدولية علي مصر لعدم استطاعتها توفير الأمن للأقباط وأضاف أن الجمعية تعمل علي مناشدة كبار المسئولين في أمريكا للعمل علي ما أسموه التدخل الإنساني في مصر وتمكين الأقباط من تكوين دولة لهم وتحويل المعونات التي تقدمها الإدارة الأمريكية إلي الدولة القبطية لمساندتها علي إقامة حكم ذاتي. ولا يفوتنا في هذا السياق أن ننوه أن تظاهرات واعتصامات الأقباط لم تكن فقط أمام ماسبيرو بل أنه بمجرد التناول الإعلامي لأحداث الفتنة الطائفية التي اندلعت في إمبابة منذ أيام. توجه عدد من الأقباط للاعتصام أمام السفارة الأمريكية في جاردن سيتي مطالبين بتدخل الولاياتالمتحدة بزعم إنقاذ الأقباط من اضطهاد المسلمين. كل هذه الأمور تستوجب وقفة جادة وحازمة مع كل من يهدد كيان الوطن سواء بأعمال التخريب أو من يحاولون الاصطياد في الماء العكر من أجل استقدام الأجنبي لكي تكون مصر موطأ لقدميه وهنا لي مجموعة من الملاحظات: الملاحظة الأولي: جانب يسعي إلي احداث الفوضي ويسعي بكل الطرق والوسائل إلي اسقاط آخر المؤسسات المتماسكة في الدولة. فهم يسعون بكل جدية إلي اسقاط القوات المسلحة فعندما نجد الاختلالات الأمنية الموجعة التي يوجهونها للبلاد فهي تستهدف استفزاز الجيش ودفعه بكل الوسائل إلي التعامل معهم ويتمنون من كل قلوبهم أن يسمعوا دوي طلقات النيران تفتح من فوهات بنادق القوات المسلحة من أجل استغلال هذا في حشد جماهيري ضد القوات المسلحة لتسقط البقية الضامنة لبقاء الدولة. الملاحظة الثانية: عندما لم يفلحوا في جر الجيش إلي مستنقعاتهم يحاولون الآن جر الجيش إلي محاكمات عسكرية تقضي بأحكام قاسية تصل إلي الإعدام من أجل تهييج منظمات المجتمع المدني الدولية ضد الجيش المصري واتهامه بتصفية معارضيه بأحكام عسكرية قد تصل إلي الإعدام وتنبه المجلس العسكري إلي هذا وأحال المتهمين إلي نيابة أمن الدولة بدلا من النيابة العسكرية. الملاحظة الثالثة: قيام المحسوبين علي أقباط المهجر ولهم اعوانهم بالداخل بمطالبة أمريكا والمجتمع الدولي باستغلال تلك الأحداث وتدويلها ووضع مصر أمام أحد خيارين: الخيار الأول: دخول الأجنبي إلي مصر بحجة حماية الأقليات القبطية. الخيار الثاني: تقسيم مصر إلي دولتين واحدة للمسلمين والأخري للأقباط. الملاحظة الرابعة: دخول الأجنبي مصر أمر ترفضه الغالبية العظمي من الأقباط وليس المسلمين فقط هل استطاع التحالف المكون من عشرين دولة أوروبية بقيادة أمريكا حماية مسيحيي العراق؟ علي العكس تماما المسيحيون في العراق كانوا في أمان قبل أن يصلهم هذا المحتل وبعد دخوله العراق تشرذم معظمهم في دول الجوار وأوروبا ولم يتبق منهم سوي 200 ألف شخص يرغبون في الرحيل من جحيم العراق. أما حدوتة تقسيم مصر فهذا أمر مستبعد تماما فإن عظمة مصر وتاريخ مصر في وحدة شعبها ووحدة أراضيها. أخيرا حمي الله مصر من هؤلاء وهؤلاء