احتفال دار الأوبرا بذكري رواد التلحين والغناء من التقاليد الجميلة خاصة ان جميع فرق الموسيقي العربية تشارك فيها مما يعطي فرصة للتنافس الذي يعود بالفائدة علي الجمهور وأيضا يكون هناك مجال لاضافة أعمال جديدة علي الرصيد الفني لكل فرقة وهذه الايام تحتفل دار الأوبرا بذكري ميلاد الموسيقار محمد عبدالوهاب وخلال هذا الاسبوع اتيح لنا متابعة كل من فرقة التراث والفرقة القومية اللتين اشتركتا في أسلوب التقديم الذي اعتمد علي ان يخصص فاصل كامل لنجم واحد فكان أمجد العطافي نجم الفرقة القومية وأما فرقة التراث فقد استضافت النجم محسن فاروق وتزاوج الفكرة اعطي ايحاء انه ربما تكون هناك سياسة عامة للفرق وليس هناك دور للقائد في شكل الحفل أو ربما نوع من توارد الخواطر بين القادة!! لقاء الأجيال حفل فرقة التراث قاده المايسترو فاروق البابلي الذي اختار النصف الأول بعناية واستطاع ان يقدم مجموعة من الحان محمد عبدالوهاب ذات قيمة فنية عالية ولكن الأهم انه نجح في اختيار الأصوات التي تناسب كل أغنية ولكن الملاحظة العامة في النصف الأول انه كما تفوق رواد الفرقة نجد هناك تفوقا ملحوظا في الجيل الثاني مما يؤكد ان الاحتكاك بين الأجيال ضرورة وتعطي نتائج ايجابية فقد تألق مصطفي أحمد وعزة نصر ومحمد شوقي ونهي حافظ وانغام مصطفي واحمد محسن وريم حمدي وياسر سليمان أما أحمد جمال في أغنية يا دنيا يا غرامي أكد انه احسن من يؤدي عبدالوهاب علي مستوي جميع الفرق في مرحلة الثلاثينيات ولهذا يجب أن يخصص له فاصل يغني فيه تراث هذه الفترة ليس فقط لأنه يؤدي بشكل طيب ولكن لأن نسيج صوته يتشابه مع عبدالوهاب لهذا من الظلم ان نشاهده في أغنية واحدة.. ايضا من الملاحظات المهمة انه كان هناك تنوع في الصيغ الغنائية وهذا ايضا ظهر في الفرقتين حيث كانت هناك الأغنية والقصيدة والنشيد وتميزت فرقة التراث بالدور حيث أدت ولاء رميح دور احب اشوفك وقدم محسن فاروق في فقرته دور عشقت روحك وبالنسبة لصيغة النشيد قدم سحاب النشيد الوطني صوت الجماهير وقدم البابلي نشيد الفن الذي لهذه الفرقة سبق اكتشافه وهنا أدته احلام احمد بخبرتها وقدرتها الكبيرة علي تلوين صوتها وشاركها فيه مازن عادل بصوته الجميل وادائه الحساس وكان الاثنان خير نموذج لتلاقي الأجيال كما انه جاء مناسبا لعودة عيد الفن.. أما محسن فاروق في فقرته قدم 5 أعمال معظمها اشتهر بأدائها مثل لحن "من قد ايه كنا هنا" وقصيدة مضناك جفاه وبشكل عام الحفل تميز بأصوات قادرة ومناسبة للألحان وتؤديها بأمانة. ألحان حديثة أما حفل الفرقة القومية الذي اقيم بالمسرح الكبير فقد قدم المايسترو سليم سحاب مجموعة ثرية من اغاني عبدالوهاب ولكن كانت اكثر حداثة طبقا لطبيعة الفرقة وغلب الغناء الفردي ولم يكن للمجموعة دور إلا في بعض الاعمال التي كان اختيارها موفقا وتم اداؤها بجمال ودقة مثل أغنية عبدالوهاب "ولا وعرفنا الحب" التي كتبت في مدح عبدالناصر والتي اداها أمجد العطافي ضمن اختيارته الناجحة التي بدأها بأغنية "أنت وعزولي وزماني" كلمات مأمون الشناوي وتمثل اضافة جيدة لرصيد الفرقة كما شدا بقصيدة همسة حائرة والأغنية الدرامية "فاتت جنبنا" وشارك مع نجمات الحفل في النشيد الوطني "صوت الجماهير" والذي ايضا للمجموعة فيه دور بارز وأمجد العطافي يمتاز بأداء حساس كما انه يمتلك صوتا مميزا ولديه فهم خاص لتفاصيل الالحان تجعله يختار ما يناسب صوته وايضا يكشف لنا عن جماليات اللحن.. ايضا من الفقرات الجيدة اداء محمود درويش لقصيدة "مضناك جفاه" والتي كانت قاسما مشتركا بين الفرقتين ولكن مع محسن فاروق سبق ان اداها مرارا ولكن هنا درويش تمثل اضافة له حازت علي اعجاب جماهيري كبير وأيضا محمود درويش رغم انه اشتهر بأغاني العندليب ولكن في الآونة الأخيرة بدأ يتناول اعمالا تحتاج صوتا قوي وجهدا في التدريب والحفظ ونجح في ذلك.. من الأعمال المهمة والتي تمثل اضافة ايضا قصيدة الخطايا للشاعر كامل الشناوي والتي اداها نجم الفرقة خالد عبدالغفار. من علامات التجديد في البرنامج عزف منفرد علي البيانو لأغاني "يا مسافر وحدك" و"لا تكذبي" حظي بإعجاب وحفاوة جماهيرية ولكن لم يكتب في البرنامج اسم العازف ويبدو ان هذه الفقرة استحدثت كما فهمنا من طريقة تقديم سليم سحاب لها.. تضمن البرنامج ايضا اغاني اداها نجمات الفرقة غادة آدم ومي حسن وعفاف رضا كما غني اشرف وليد اغنية "توبة". وأخيرا محمد عبدالوهاب كما تم وصفه نهرا خالدا وممتدا وثريا من الالحان وإذا كنا استمتعنا في هذين الحفلين بمجموعة من الالحان فمازال هناك الكثير من هذا النهر المتدفق والذي نتمني ان الفرق الاخري لا تقع في فخ التكرار بل تكشف لنا عن كنوز أخري من ألحانه.