ثمة تغيير كبير حدث لرجال الشرطة المصرية بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير. وتعزز هذا التغيير بعد روح ثورة الثلاثين من يونيو. عندما وجدوا أنفسهم مع الشعب في خندق واحد في مواجهة عدو واحد. قبل ثورة يناير كنت اعتب كثيراً علي رجال الشرطة في الكمائن الثابتة والمتحركة. وكنت أري ان وقفتهم لمجرد المنظرة. أو التسلية علي خلق الله. مجرد حفلة ترفيهية في وقت فراغ. وهذا كان يتضح من خلال حالة أفراد الكمين المترهلة. وكذلك نوعية السيارات التي كانوا يستوقفونها. والأسباب التافهة التي يدققون عليها أو يسحبون الرخص لأجلها. فلم تكن أكمنة أمنية علي الاطلاق - بالمناسبة لقد كتبت ذلك في حينها - لذلك وجب عليَّ أن أذكر بل أشكر لهم التغيير عندما يحدث. يستطيع أي شخص عادي وغير متخصص ان يلاحظ الفارق. فالواقع وقفة الضباط والأمناء والأفراد مختلفة تماماً. فالجميع مشدود شدة ميري صح. والسلاح موجه والصباع علي الزناد. وواقي الصدر في مكانه. وسيارات الملاحقة في أماكن مدروسة بوضعية تسمح لها بالانطلاق في الاتجاه السليم. الكل جاهز لمواجهة أي خارجين علي القانون. أما الضابط أو الأمين المكلف بالتعامل مع قائدي المركبات. فقد تغير سلوكه أيضاً. وأصبح يدقق في وجوه من بداخل السيارة. أكثر ما يدقق في تاريخ انتهاء الرخصة. أو حزام الأمان. أو شنطة الاسعافات الأولية. وقد تكون كلها مطلوبة بلا شك. ولكن الجانب الأمني أهم بكل تأكيد. كما ان طريقة طلب الرخصة طريقة مهذبة "الرخص لو سمحت" جربتها لأكثر من مرة في أكثر من كمين. قبل الثورة عندما كنت أقف في كمين ويطلب الرخص. كنت "استهبل" وأبرز له كارنيه نقابة الصحفيين. لأنني كنت أدرك تماماً أنه إذا أمسك الرخصة بيده. لن يعيدها لي عن طيب خاطر أبداً. وفجأة ستظهر عيوب خلقية في السيارة! أما الآن وأمام هذا السلوك المهذب من رجال الشرطة. وأرجو ان يكون ذلك نهجاً جديداً للشرطة وليس مجرد صدفة أو أحلاماً وردية تراودني. فأنا حريص علي تسليم لهم الرخص وأنا مطمئن. لأكثر من مرة أنوي الكتابة عن هذه الفكرة. ولكن يأتي ما هو جديد في الأحداث فأقوم بتأجيلها. ولكن ما دفعني للاصرار علي الفكرة هذه المرة خبر للزميل عبدالعاطي محمد من الشرقية حول مفتش من الداخلية تنكر في شخصية مدير مدرسة ودخل مركز شرطة بلبيس وأبلغ عن تعرضه لواقعة سرقة وذلك للوقوف علي مدي اهتمام وتحرك رجال الشرطة لبلاغات المواطنين. وعند تحرير محضر بالواقعة تعامل معه أمناء الشرطة بطريقة انسانية للغاية وأعطوه مبلغاً من المال ليتمكن من العودة لمنزله. هكذا حقاً تكون الشرطة في خدمة الشعب.