"لا كرامه لنبي في وطنه أو في قومه" بهذه الكلمات عبر مداح الرسول أحمد الكحلاوي عن حزنه من تجاهل الكثير له في بلده مصر في الوقت الذي يكرمه العالم ويقدر مجهوداته.. الكحلاوي بدأ حديثة ل"المساء" في هذا الحوار الذي جاء بعد إعلان البيت الفني للفنون الشعبية استمراره كخبير وطني للقطاع نظراً لبلوغه سن المعاش. قال: الحمد لله "إن الله لا يضيع أجر من أحسن عملا" فأنا طوال مشواري الفني مع وزارة الثقافة وأنا أعمل بإخلاص وبحب لسيدنا النبي ولم أنتظر تكريمات من أي شخص أو جهة غير الجمهور الحبيب الذي أجد في اقباله علي حفلاتي لمسة وفاء كثيراً ما افتقدها. فالحشد الجماهيري الذي حضر حفل تكريمي لم أره من قبل لدرجة أن هناك فنانين حضروا الحفل لم يستطيعوا الدخول من شدة الزحام ومنهم الفنان أحمد آدم. سألناه: تعاقدت علي إحياء حفل المولد النبوي في ساقية الصاوي ثم تراجعت وعدت لقطاع الفنون الشعبية مرة اخري.. لماذا؟ يصمت قليلاً.. ويرد بصوت حزين: كنت أنتظر رد الجميل من وزارة الثقافة وترقيتي وحصولي علي لقب فنان قدير قبل بلوغي سن المعاش بثلاثه أشهر وهذه الترقية كانت تمثل لي كلمة شكر ليس إلا خاصة بعدما أفنيت عمري كله في مدح سيدنا النبي من خلال فرقة الانشاد الديني الذي انشأتها في عهد الدكتور حمدي الجابري بالود والحب آذاك. وما حدث هذا العام أنني فوجئت بتعنت بعض الحاقدين والحاسدين الإداريين بالوزارة لأنهم يرون أنني لا أستحق درجة فنان قدير وأن القانون لا يسمح بذلك في حين أن الدكتور صابر عرب وزير الثقافة والمهندس محمد أبوسعده والدكتور محمد أبوالخير وعدوني اكثر من مره بترقيتي إلي فنان قدير. ولماذا لم يلتزم وزير الثقافة والقيادات بوعودهم؟ كما ذكرت لك أن بعض الإداريين بوزارة الثقافة اكدوا للوزير أن هذه الترقية غير قانونية وللأسف تراجع "عرب" عن قراره علي الرغم من أن هناك فنانين حصلوا علي هذه الترقية وهم يجلسون في منازلهم. لذلك أنا لست في احتياج لها فهي زائلة ولم ولن يبق سوي حبي ومدحي للرسول إلي الأبد. اخترت الانشاد الديني فقط منهجاً لك ولم تقدم أي من الألوان الغنائية الأخري حدثني عن ذلك؟ لانني ولدت وتربيت في بيت والدي شيخ المداحين محمد الكحلاوي بالاضافة إلي موهبتي التي منحها لي الله عز وجل. وقد تعلمت أصول الطرب والمدح من والدي وكنت أقف خلفه وأنشد مع الكورال لمده 15 عاماً. حتي قدمت أول أغنية دينية للإذاعة المصرية عام 1979 بعنوان "أنا يا مكة خذني الشوق" ثم توالت بعد ذلك الأعمال فقدمت العديد من الأغاني الدينية لكبار الملحنين والمؤلفين منهم سيد مكاوي وأحمد صدقي ومحمد الموجي ومنير الوسيمي وعبدالسلام أين وغيرهم. ولكنك توقفت فترة عن الغناء.. فما السبب؟ بالفعل حدث ذلك.. فعندما توفي والدي رحمة الله عليه توقفت عن الغناء لانه كان بداخلي تخوف شديد من أن يظن الجمهور أنني سأبدأ من حيث انتهي والدي. بالاضافة إلي المقارنة التي كانت ستحدث بيني وبينه. وهي بالطبع لن تكون لصالحي. فقررت أن ابتعد عن اللون الديني واكتفيت بالذي قدمته من قبل. ثم غادرت مصر إلي سويسرا وعشت فيها 8 سنوات وكنت أتمني للجالية العربية هناك أغاني والدي العاطفية والشعبية التي غناها قبل التصوف وبعدت نهائياً عن اللون الديني. إذاً.. فما سبب عودتك مرة اخري للغناء الديني؟ السبب يرجع إلي عتاب شخص لا أعرفه لي عندما قدمت حفلة عقب عودتي إلي مصر حيث قال لي بعد أن غنيت الديني "والله زمان يا شيخ المداحين" فشعرت أن الزمن كله يعاتبني ويتهمني بالحجود وأنني تخليت عن المسئولية بعد والدي.. وكانت تلك هي نقطة التحول التي عدت علي إثرها للأغاني الدينية وعزفت نهائياً عن غيرها ومنذ ذلك الوقت أصبح الجمهور يناديني ب"مداح الرسول". قدمت أعمالاً غنائية للتليفزيون المصري منها "لجل النبي" وغيرها ولم نشاهد لك أعمالاً أخري بعد ذلك.. لماذا؟ هذا السؤال يوجه للإذاعة والتليفزيون لأنني قدمت بهما الكثير وإنما هناك تقصير وتعتيم وسهو وتعمد لغياب الأغنية الدينية في الإذاعة التليفزيون والقنوات الشرعية.. وقد فوجئت مؤخراً برئيسة الإذاعة تقول لقد حققنا نجاحاً ساحقاً في رمضان بإذاعتها ثلاثين دعاء دينياً لمصطفي قمر وعمرو دياب وغيرهم..أنا بالطبع أقدرهما جداً كأبنائي ولكن ليس منطقياً أن يقدم المطرب أغنية دينية ثم يظهر في غيرها متراقصاً مع البنات في كليب علي الرغم من أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون يتجاهلون المطربين الاكاديمين في الانشاد الديني. معني ذلك أنك لا تفضل أن يقدم المطربون العاطفيون أغاني دينيه؟ بالطبع لا.. فعندما غني محمد منير أغنية "مدد يا رسول الله" قدمت له التهنئة عندما قابلته أثناء تأديتنا مناسك الحج علي الرغم من اعتراضي علي بعض كلمات الأغنية وفي المجمل أنا لا اعترض علي ان يمدح احداً رسول الله فهو حق مكفول للجميع شريطة أن يعلم المادح قدر الممدوح فيه. كيف تري مستقبل الغناء الديني في مصر؟ هناك مطربون من شباب فرقة الانشاد الديني أتوقع لهم مستقبلاً مبهراً منهم عمرو مسعد وإسلام عوض وميادة حسين فهم اكاديميون ودارسون سيرة بشكل جيد. وبمجرد أن يجدوا اهتماماً وفرصة من المسئولين بالدولة فسوف يغيرون فكرة الغناء الديني في العالم مثلما حدث مع سامي يوسف الذي حقق نجاحاً ساحقاً بفضل الانتاج القوي الذي كان يدعمه وما أود توضيحه أن الدولة إذا اهتمت جيداً بالناحية الدينية لسادات الوسطية الدينية في المجتمع وما كنا نري إخواني أو سلفي خاصة وأن حكم الإخوان لم يفرز لنا داعية إسلامي استفدنا منه بل خرجوا يهاجمون الفن والمبدعين فهم حركة دينيه منذ 83 عاماً واذا بالفعل تفرغت هذه الحركة إلي الاصلاح الديني لكانت مصر من أقوي بلاد العالم في الدين الإسلامي ولكنهم للأسف لا يسعون لذلك. وأخيراً.. حدثني عن أهم التكريمات التي حصلت عليها؟ الحمدلله حصلت علي أعلي التكريمات والألقاب وهي "مداح الرسول" التي منحها لي الجمهور كما حصلت علي الدكتوراه من جامعة الحضارة الإسلامية في فنون الإنشاد الديني برتبه "شيخ مديح" ثم حصلت علي دكتوراة من جامعة كامب بيتش في الطريقة التربوية الفنية في سيرة سيدنا النبي ومنحت من الحكومة اللبنانية الوسام الذهبي من الحكومة السودانية علي وسام الكمال بالاضافة إلي المركز الأول لمده ثلاث سنوات متتالية في مهرجان فاس للأغنية الروحية بالمغرب وكذا المركز الأول في مهرجان البوردة بأبوظبي وغيرها من الدروع وشهادات التقدير.