بعد غيبة طويلة عاد توني بلير رئيس الوزراء البريطاني السابق إلي المنطقة. بلير - لمن نسوا مهمته- هو ميعوث الرباعية الدولية في المفاوضات بين الأقطار العربية وإسرائيل .لا أذكر ظروف اختياره لهذا المنصب. لكن الذي أعرفه أن الاختيار جري ترشيح من الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش. بزعم أن مسئولياته السابقة في بلاده أتاحت له التعرف إلي أبعاد الصراع العربي الصهيوني. وأنه الأقدر علي تفهم وجهات النظر المختلفة. ومحاولة سد الثغرات التي أحدثها الساسة الإسرائيليون خلال سني التافوض الطويلة. الملاحظ أن مهمة بلير التي استغرقت سبع سنوات . لم تضف إلي الوضع القائم . ولا بدلت منه علي أي نحو المفاوضات علي حالها . كأنها صخرة سيزيف. كلما صعدت إلي أعلي الجبل. انحدرت إلي أسفل . ليبدأ دفعها من جديد ذلك هو حرص المفاوض الإسرائيلي في لعبة الوقت. يقضم الأرض قطعة قطعة. بطرد الفلسطينيين وتشريدهم . وبناء مستوطنات وبنايات يخلو معظمها من السكان . والهدف تهويد الأرض. علي حساب إقصاء العرب أما المفاوض الفلسطيني فهو بلا حيلة. أو أن ذلك ما اطمأن إليه: المفاوضات . ثم المفاوضات . بلا نهاية! في كتاب ذكرياته عن زيارة الرئيس السادات للقدس. أشار بطرس غالي وزير الشئون الخارجية المصرية الأسبق إلي البنايات الهائلة التي شيدها الإسرائيليون في المدينة المقدسة. وقال في تحسر - أصدقه - جري ذلك كله في ظل المفاوضات .. ماذا يحدث في المستقبل؟! أبدي المسئولون العرب موافقتهم علي قدوم توني بلير إلي المنطقة . يحدوهم الأمل في إيقاف لعبة الصخرة العبثية . وتحريك ما طال جموده. لكن الرجل ظل يقتطع من وقته ما يبرر به المكافأة الهائلة التي يتقاضاها لقاء مهمته. بينما المفاوضات لم تجاوز - حتي الآن - ما قبل أوسلو. رغم حسن ظن المسئولين العرب . فإن بلير ظل علي سلوكه الاستعماري ومناصرته للكيان الصهيوني . ولو بالصمت عن جرائمه ضد الشعب الفلسطيني . ليعيدنا - عند كل أزمة - إلي أسطورة الصخرة. فيعود المفاوض العربي إلي دفعها. وهو يدرك إلي ماذا ستنتهي الأمور. إسرائيل - إن أدركنا النسيان - اختراع إنجليزي بوعد الاستعماري القديم بلفور . وبلير- شخصيا - أجاد دور التابع للرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الابن في حرية الصليبية ضد الشعب العربي. وكان اختيار بوش له مبعوثاً للسلام في المنطقة مكافأة له. بعد أن نحي عن الحكم في بلاده. والأرقام تؤكد أنه قد حصل علي أكثر من خمسين مليون جنيه إسترليني. من الأموال المخصصة للقضية الفلسطينية. أي للفلسطينيين. ولعلنا نذكر مواقفه المساندة لإسرائيل علي كل المستويات. بداية من تبرير جرائمها . وانتهاء بالصمت عن هذه الجرائم. المواقف السياسية ترفض الحياء ومقتضيات المجاملة. لأنها تعبر عن وجهات نظر الشعوب. وتدافع عن حقها في الحرية . والحياة الآمنة. والسلام العادل. هل يري الساسة العرب - بعد انقضاء سنوات سبع علي بدء مهمة بلير - أن الرجل قدم شيئاً حقيقياً لعملية السلام.