"للأسف الشديد يوجد لدينا قضاة كثيرون منحرفون لا يقل عددهم عن 300 قاض.. ولو كان هناك قاض واحد منحرف أو مرتش. فانه ينال من قيمة وسمعة السلطة القضائية بالكامل فما بالنا ب 300 قاض علي الأقل وربما أكثر. بالاضافة إلي وجود قضاة ثبت تورطهم في التعاون مع جهاز مباحث أمن الدولة السابق. وشاركوا في تزوير انتخابات مجلس الشعب في دورات 2000 و2005 و2010" كانت هذه شهادة المستشار محمود الخضيري نائب رئيس محكمة النقض السابق التي نقلتها عنه صحيفة "المصري اليوم" في ندوة بنادي سموحة بالإسكندرية.. وهي شهادة لا مجال للشك فيها حيث تنطبق عليها الآية الكريمة "وشهد شاهد من أهلها".. وكما يقولون: أهل مكة أدري بدروبها. وفساد بعض القضاة وان كانوا قلة لا شك يهز من سمعة هذه المؤسسة الشامخة في مصر. ولكننا نعتبر ذلك شيئا طبيعيا في ظل نظام الحكم السابق التي اسقطته ثورة 25 يناير حيث أرخي الفساد بظلاله بل بسواده علي كل المؤسسات والفئات في مصر. ولم يترك جهة أو فئة إلا توغل فيها وبث سمومه بين المنتمين إليها!! وإذا كانت هناك تحقيقات تجري الآن ومحاكمات لرموز الفساد في نظام حسني مبارك فإن الفساد لم يكن في هذه الصفوة فقط. ولو فتشنا ونقبنا لظهر لنا عشرات الآلاف من الفاسدين الذين يختبئون الان عن العيون ولجري عليهم ما يجري علي رموزهم.. وللأسف فان بعضهم يحاول أن يلبس ثوب الثورة ويرفع صوته بلا حياء مهاجما النظام السابق. نعود إلي ما ذكره المستشار الخضيري عن فساد القضاة.. ونتساءل عن الأسباب التي تجعل القاضي ينحرف عن رسالته المقدسة وهي إرساء العدالة والتأكيد علي النزاهة. لا شك أن بعض هؤلاء القضاة وقعوا تحت ضغوط شديدة مارسها عليهم اصحاب السلطة في النظام السابق. ولم يستطيعوا مقاومة هذه الضغوط فتصرفوا مكرهين طبقا لرغبات أصحاب السلطة. وهناك البعض نفوسهم ضعيفة يجري عليهم ما يجري علي بعض البشر فيقعون تحت اغراءات عديدة وطمعا في مكاسب أدبية أو مادية. وأعرف أن بعض القضاة كانوا يذهبون للاشراف علي الانتخابات في مناطق نائية فيضيق رجال مباحث أمن الدولة عليهم الخناق ويمنعونهم من النزول من أماكن اقامتهم لمباشرة عملهم. ان عدد القضاة في مصر يقدر بنحو 12 ألف قاض.. فإذا كان المنحرفون منهم كما ذكر المستشار الخضيري يبلغ عددهم 300 فان النسبة تكون 2.5 في المائة. واعتقد أنها نسبة كبيرة بين هؤلاء الصفوة من المجتمع الذين نقدرهم ونجلهم وننظر إليهم علي أنهم الملجأ والملاذ لاحقاق الحق وازهاق الباطل. واعتقد ويعتقد معي الكثيرون أن هؤلاء القضاة الذين نطلق عليهم أصحاب المقام الرفيع سيطهرون أنفسهم بأنفسهم في ظل الحرية التي فجرتها ثورة 25 يناير خصوصا اذا انتقل جهاز التفتيش القضائي من تبعية وزارة العدل إلي مجلس القضاء الأعلي.