البؤس والشقاء تحالفا معا ليكونا أحد اطراف مأساة قري مثلث الفقر في محافظة اسيوط.. قرية كردوس التابعة لمركز صدفا عنوان للتخلف والجهل والفقر والمرض.. ولا تختلف عنها كثيرا قرية البارود الغربي القابعة في نفس الموقع والملاصقة لشقيقتها السابقة وتشاركها بنفس التفاصيل والتشابه قرية البارود الغربي فلاشك ان تلك القري خير مثال علي الظلم والاهمال الذي عاشه الصعيد طويلا ولاسيما في التخلف.. المساء عاشت يوما كاملا لترصد الواقع فالفقر عنوان القري والبؤس يحكي مأساة اهليها. في طريقنا الي القرية تقابلنا مع حسام علي محمود شقيق المرحوم هاني الذي راح ضحية الاهمال في مصنع الاسمنت باسيوط منذ عدة أيام بادرنا قائلا: قريتنا فقيرة جدا وكل دخلها يعتمد علي العمالة فقط اي علي جهد أبنائها سواء في مجال المعمار او الزراعة وهذا ما يفسر زيادة عدد ضحايا القرية في حادث المصنع وشقيقي حاصل علي دبلوم منذ عدة سنوات اما أخي فأثر عدم التعليم لان ظروف والدنا المادية لاتسمح وهو ماجعله ينطلق في سوق العمل منذ نعومة اظافره فلا شئ هناك ننتظره ولا دخل لنا سوي ماتوفره سواعدنا. هذا ما أكد عليه والده قائلا لقد ربيت أولادي السبعة.. ولدان وخمس بنات من خلال عملي اجيراً بالفأس واقمت عند اهل زوجتي عدة سنوات حتي من علي الله بالمنزل "العشة التي تؤيني" مع أولادي في المستقبل عند أحد الاقارب وتم توصيل عداد وكود في لمبة واحدة نضطر الي دفع 185 جنيها شهريا وذلك اجباريا مقابل الانارة ولانستطيع الا ان ندفع والا يتم رفع العداد فورا ويتم عمل محضر مخالفة. تلتقط طرف الحديث زوجته وتدعي شهدية عبدالمجيد فتقول: ننام ونستيقظ علي الهم والدين ويعلم الله لو اشترينا شيكارة دقيق لخبز العيش نصمد قصادها نصف شهر علي الاقل لم نذق طعم اللحمة لاجل توفير ثمنها والحياة في غاية البؤس والفقر ومع ذلك نحمد الله علي كل شئ ولدي بناتي الخمس يعملون اجرية سريحة في المزارع موسم الحصاد وهم نشوي 19 سنة وياسمين 17 سنة دينا 15 سنة ولاء 13 سنة ويعمل في حصاد القمح لانه موسم ولابد ان نستغله.. ولكن حسبنا الله في حسني مبارك وكل من كان معه لانه كان السبب في موت ابني الاكبر هاني الذي كان يعول أخوته مع والده وشقيقه وكنت أتمني ان يكون مصابا فقط اداوي جروحه ولكن خطفه الموت رغم انه كان ينزل الاجازة من الأمن المركزي لكي يوفر اجرة يومية مع والده ليساعده في تربية اشقائه. هذا ما أكده عمه محمد علي محمود الذي يعمل اجري ايضا ويقول محمد محمود عبدالعال حاصل علي دبلوم منذ عام 2009 واعمل في الزراعة أجيراً لانني لم اجد عملاً ولا اعرف اي صنعة غير الزراعة ولذلك كنت اتمني التطوع في الجيش لكي اجد فرصة عمل لي لكي اساعد اسرتي وابني مستقبلي لان العمل في الزراعة ليس دائماً ومجهد جدا. قال ياسر جمال علي من جزيرة قرية كردوس "عزبة زيدان" حاصل علي دبلوم تجارة منذ عام 2002 ولا نعرف طريقنا للوظائف فالنظام السابق لم يترك لنا فرصة نحن أبناء الطبقة الدنيا سوي في الاعمال الدنيا مثل الزراعة التراحيل عمالة البناء وهذا ماتربينا عليه حيث ان كل ابناء القرية علي الوضع واخطر ما يصادفنا ان منطقتنا ليس لها طريق ونأمل بنظرة من الحكومة الجديدة. وبشق الانفس تحدث الشابان حمادة حمادة لطفي 17 سنة فلاح الذي يقول خرجت من المدرسة في السادسة لان ظروف والدي لاتسمح بالتعليم خاصة وان شقيقي الاكبر سيد يحتاج الي اجراء عملية جراحية ونحاول ان نجمع له اي مبالغ تساعده في اجرائها لذلك فإن قصة التعليم لم تخطر علي بال اسرتي. اما صديق حمادة عاطف عنتر 17 سنة فلاح فيقول: من ساعة ما وعينا علي الدنيا ونحن نعمل في الزراعة اجرية وكل اسرتي كذلك فمعي شقيقان اصغر مني يعملان في الزراعة بالاضافة الي شقيقتي 6 سنوات تسرح معنا لان ظروف الاسرة المادية لا تسمح بالتعليم ونحن ننظر لمن يذهبون الي المدارس بأنهم اولاد عز ولكن نحن تربينا علي الفقر ولانستطيع ان نغير حياتنا مهما حدث لان كل الانظمة السابقة لم تساعد اهالينا لكي نتعلم وخاصة ان اهالينا لم يعرفوا طريق التعليم بعد. اما مطالب القرية فكثيرة يقول مصطفي فتحي عبدالعال والمقيم في عزبة زيدان بجزيرة كردوس ان التيار الكهربائي ضعيف جدا خاصة انه خط واحد وان جميع الاعمدة التي في المنطقة تم اجبار الاهالي علي دفع ثمنها بل ان هناك بعض المناطق تم تعليق الاسلاك علي جذوع النخيل بها لان الاهالي لايملكون ثمنها فهل ممكن تركيب محول يحمينا من حرق الاجهزة. يطالب محمد عبدالعال بانشاء وحدات سكنية بقري بني مير واولاد الياس حتي يستطيع الشباب في القرية إيجاد سكن ملائم "إيواء" يتزوج فيه رحمة بهم بدلا من حشرهم في منازل ضيقة وكذلك عزوف الكثير من الشباب عن الزواج بسبب عدم وجود سكن بالاضافة الي الهجرة الدائمة من القرية الي القاهرة والوجه البحري للسكن حتي في المقابر. يطالب الحاج زيدان عبدالعال من سكان المنطقة بضرورة ادخال الكهرباء للمنازل التي حصلت علي احكام قضائية بدلا من العدادات الكودية التي الهبت ظهور المواطنين والذين لايملكون قيمة الفاتورة المقررة عليهم من قبل الحكومة. يضيف ياسر سيد خلف وحسن زيدان نجار مسلح.. نتمني من الحكومة رصف طريق للجزيرة لانه في حال الحوادث او حتي الولادة نضطر لحمل المصاب او المرأة لمسافة نصف كيلو متر حتي نصل الي الاسعاف اما المطافي فلا يمكن ان تدخل كذلك سيارات الشرطة. يقول محمد محمود حسن عامل باليومية ان زمام قرية كردوس صغير جدا واهلها فقراء ولذلك يعملون اجرية في القري المجاورة او عمال تراحيل ولذلك نطالب الحكومة بعمل مشروعات انتاجية تستقطب الشباب تستوعب الايدي العاملة الكثيرة. يضيف ياسين سيد خلف من قرية البارود ان القريتين ليس بهما وحدة بيطرية ونضطر للذهاب الي قرية اولاد الياس وهو مايكلفنا عبئا ماديا الكثير منا لا يستطيع ان يوفر تلك النفقات وفي النهاية الماشية تموت لان صاحبها ليس لديه ثمن تأجر السيارة او استضافة الطبيب. ويقول ياسر سيد خلف من قرية البارود انه في منطقة الديابة اكثر من 20 منزلاً حاصلاً علي احكام لايستطيعون إدخال المرافق الماء والكهرباء لان الحكومة لا تعترف بها ولذلك فان الاهالي يعيشون في مأساة حقيقية. ويقول محروس كمال ان المنطقة تحتاج الي وحدة صحية يمكن الذهاب اليها عند الضرورة لان الاهالي يعيشون في فقر مدقع ولايستطيعون الذهاب الي المستشفيات في اسيوط او البندر صدفا او ابوتيج وان اغلبية الاهالي يعتمدون علي الطب الشعبي البصل والثوم والليمون والخل. ولذلك نحن نعيش في القرون الوسطي ولا احد يستطيع ان يقول غير ذلك. يقول ناصر سلمان ان جميع اهالي قري البارود وكردوس وجزيرة كردوس والبارود الشرقي يعانون اشد المعاناة في رغيف العيش والدقيق المدعم والبوتاجاز ونحن نعيش في مأساة حقيقية متواصلة علي مدار 30 سنة ولذلك نطالب الحكومة والمحافظ باللقاء نظرة علينا وعلي احوالنا.