في الوقت الذي تسعي فيه الدولة لتطبيق الحد الأدني للأجور وتدبير الميزانيات اللازمة لخروجه لحيز التنفيذ في سبيل تحسين مستوي المعيشة ومواجهة غلاء الأسعار.. هناك أصوات ترتفع للمطالبة بكادر خاص لكل مهنة والتهديد بالتوقف عن الانتاج والاعتصام حتي تحقيق مطالبهم. أصحاب هذه المطالبات هم من النقابات المهنية العاملة في مجال الصحة كالأطباء والصيادلة والبيطريين والتمريض والمهن العلمية وغيرها.. ونقابات الزراعيين والتجاريين والمعلمين التي نفذت الكادر الخاص بها.. مما يثير العديد من التساؤلات.. وهل هذا هو الوقت المناسب وهل الدولة قادرة علي تحقيقه؟.. وهل حصول كل مهنة علي كادر خاص بها في صالح المواطنين من عدمه. أكد أساتذة التنمية البشرية ونقباء الصيادلة والبيطريين والزراعيين أن سياسة تفصيل الكوادر الخاصة بدعة تقوم بها مصر فقط ولا تطبق في أي دولة أخري.. وهي تحتاج لميزانيات هائلة لتنفيذها ولا نقدر عليها في الوقت الحالي في ظل الظروف التي تمر بها منذ ثورة يناير ..2011 بالإضافة إلي أنها ستؤدي إلي إحداث التفرقة والتمييز بين المواطنين كما انما مطالب غير دستورية.. وطالبوا بضرورة هيكلة نظام الأجور وصرف البدلات والحوافز حسب طبيعة كل مهنة ومخاطرها والجهد الذي يبذل فيها.. خطوة تمهيدية لحين تطبيق سياسة الحد الأدني للأجور.. أما الحد الأقصي فعلي كل جهة تحديده حسب امكانياتها المادية حتي يمكن القضاء علي المنظومة الخاطئة التي تحكم تصنيف الأجور. يرفض د. فوزي مدكور أستاذ التنمية البشرية بتجارة القاهرة وضع كادر لكل مهنة والتي تشبه في رأيه أن الدولة تكون مثل الترزي الذي يفصل ويخيط أجور كل فئة حسب رغبتها مما يؤدي إلي التفرقة والتمييز ويعيد البيروقراطية لمصر.. وأن هذا التفصيل يحتاج لملايين الجنيهات وخزينة الدولة فارغة.. وحتي نحقق العدالة في الأجور علينا أولاً التوقف أو تأخير المطالبة بالكادر وأن يقوم كل مواطن بدوره في سداد فواتير الكهرباء والمياه ودفع الضرائب لتوفير الواردات للدولة. أضاف: وقبل كل هذا يؤدي كل منا عمله وتفتح المصانع ويزيد الانتاج وتدور عجلة التنمية والازدهار الاقتصادي وتقوم الدولة بالبدء في تنفيذ العديد من المشاريع الفوقية لخلق فرص عمل.. وفي نفس الوقت ضرورة تنفيذ خطة الحد الأدني للأجور أما الحد الأقصي يتم تركه لكل شركة أو مؤسسة أو جهة عمل تحدده حسب امكانياتها المادية مع الأخذ في الاعتبار ضرورة رفع الحد الأدني كل مدة حسب نسبة التضخم العالمي. يؤيده في الرأي د. سعيد عبدالمنعم وكيل كلية التجارة جامعة عين شمس أن هيكل الأجور في مصر يحتاج لإعادة نظر.. وأن فكرة الكوادر الخاصة هي بدعة مصرية تدعو إليها منذ سنوات وليست لديها القدرة علي تحقيقها ولا تعمل بها أي دولة في العالم.. وأن هيكلة نظام الأجور ضرورة وجعله مبلغاً ثابتاً مع استبعاد المتغيرات منه وهو النظام المعمول به في معظم الدول.. أي أجر ثابت مع وضع نظام الحوافز والبدلات بشروط وضوابط لكل مهنة وبمقاييس معينة حتي تسود العدالة بين أبناء الوطن الواحد في جميع الوظائف. يؤكد د. محمد عبدالجواد نقيب الصيادلة أن القضية ليست المطالبة بكادر خاص لكنها قضية دخول مختلفة من سنوات بعيدة لا تكفي حاجة المواطن المصري بالإضافة إلي كثرة حديث الحكومات المتعاقبة عن وضع حد أدني للأجور بطريقة جعلت الناس غير راضية عن دخولها وأن هناك ضرورة ملحة للحد الأدني لأنها مسألة حياة أو موت. يري أن المنظومة الخاطئة التي تحكم تصنيف الأجور يتحمل نتائجها صغار الموظفين حيث الدخول الضئيلة وهناك الدخول المبالغ فيها لوظائف معينة بالإضافة إلي الارتفاع الرهيب في أسعار السلع والخدمات التي تقدم للمواطن البسيط ويقال إنها مدعمة ومجانية مثل قطاع الصحة والتعليم التي أصبحت لا يحصل عليها إلا القادرين فقط. يضيف: إن تصنيف كل مهنة بكادر خاص بما يميزها عن باقي المهن ويحدث تفرقة بين أبناء الوطن الواحد وهي تفرقة غير دستورية.. لأن المساواة في الأجور يعتبر عدلاً ولكن هناك مهن يتعرض أصحابها لمخاطر وهؤلاء يجب تعويضهم بالبدلات التي تعوضهم من الأماكن التي يعملون بها فمثلاً الصيادلة الذين يعملون في الأدوية الخطرة علي صحتهم مثل أدوية السرطان وغيرها. يري د. مصطفي عبدالعزيز نقيب الأطباء البيطريين أن المطالبة بكادر خاص لكل مهنة غير منطقي لأن الدولة عليها وضع منظار شمولي عادل لجميع ابنائها بوضع كادر موحد للجميع.. وحتي لا نخلق التفرقة والتمييز بين المواطنين وعلي كل جهة في الدولة أن تحدد الحوافز والمكافآت حسب طبيعة عمل العاملين بها والمجهود الذي يبذل بها.. وعلي الدولة التوقف عن التصريحات بوضع كادر لكل مهنة لأنها مهمة شاقة ومن المستحيل تحقيقها للجميع.. وتمثل وعوداً كاذبة.. وفي حالة تحقيقها سوف نفرق بين الطبيب وسائق الأتوبيس وخلق روح العداوة والكراهية بين المصريين. يري د. مصطفي الخطيب سكرتير عام نقابة المهن الزراعية أن المطالبة بكادر خاص لكل مهنة ظهر في السنوات الأخيرة وخاصة بعد ثورة يناير 2011 لضعف الأجور وارتفاع الأسعار وتكاليف الحياة.. بالإضافة إلي أننا لدينا كوادر خاصة بالفعل لعدد من الفئات مثل أساتذة الجامعة والقضاة والشرطة والجيش ومراكز البحوث.. وأن تعميم الكادر مستحيل في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها مصر. يؤكد أن الدولة عليها وضع دراسة اجتماعية تأمينية شاملة حتي تستطيع تطبيق المطالبة بكادر لكل مهنة.. ولصعوبة ذلك حالياً عليها البدء في تطبيق الحد الأدني للأجور وكذلك الحد الأقصي لها والذي يتطلب الكثير أيضاً من الميزانية.. ولحين تحقيق ذلك علي الدولة زيادة العلاوة الاجتماعية لجميع موظفي الدولة بحيث لا تقل عن 20%.. وأيضاً صرف بدلات مخاطر المهنة والعدوي وطبيعة العمل لكل مهنة لمواجهة غلاء المعيشة.