فتح المثقفون والأدباء والنقاد ملف المخالفات والكوارث الثقافية في عهد فاروق حسني وزير الثقافة الأسبق وطالبوا بمحاكمته بصفته مسئولاً عنها. واعتبروا ذلك نهجاً أمثل لتصحيح المسار الثقافي المصري محلياً وعربياً ودولياً. يقول د. محمد زيدان : كان الكثير من المثقفين يتغزلون في أفعال فاروق حسني وأقواله ولوحاته بمراحلها المختلفة. الصفراء والحمراء وآخرها السوداء التي حطت علي رقبة هذا الوطن. في الوقت الذي كان يحيط به إما مشبوه رسمياً أو محل شبهة. كنت أشاهد مع غيري المحاباة في النشر وإهدار أموال الوزارة وقد أشار د. حامد أبوأحمد إلي تلك المخالفات صريحة في كتابه "الشهاب" الذي صدر قبل الثورة وحاكم فيه رموز العصر بداية من حسني مبارك وانتهاء بكل من كانوا يدعون الشرف وهم يباركون في الوقت نفسه ويصفقون ويبررون أفعال هذا الوزير. لقد أداروا وزارة الثقافة بمنطق شلة الفساد الإداري والمالي ويجب أن يتم تصحيح ذلك كله بمحاكمة فاروق حسني ومن معه من الفاسدين. الروائي نبيل عبدالحميد يري أنه خلال ال 20 عاماً الأخيرة التي كان فاروق حسني مسئولاً عنها أصبح الفكر المبدع في مجتمعنا محروماً من الحياة الثقافية الحقيقية. أي محروماً من التواصل والتفاعل والتأثير علي الوعي العام وأصبح هناك فجوة عميقة بين من يكتبون وبين جمهور المجتمع الذي يعايشهم ولا يكاد يحس بهم. في هذه الفترة أصبحت هناك عملية تجريح للفكر الثقافي بشكل مؤكد وواع وكأنها مؤامرة لاقتلاع جذور الانتماء والأصالة وغرس بذور الاحباط والضياع. فالعقل المبدع يلاقي مهانة في قنوات النشر وتجاهلاً في وسائل الإعلام. وحتي العائد المعنوي المتمثل في جوائز الدولة وغيرها من المحافل الرسمية. تحول إليآبر جرثومية غفنة تغري علي الأقتراب منها بزيف الطلا. المؤتمرات الثقافية أصبحت منظومة سمجة وممجوجة من الكذب والغش والخديعة. فهي نفس الحقائب التي توزع ونفس كتب الأبحاث والدراسات المسطو عليها من الفكر التراثي والرسائل الاكاديمية المنشورة وجهود الآخرين داخل وخارج البلاد. وهكذا تنفق الأموال علي مطبوعات لا تستحق حتي قيمة الورق المطبوع عليها. المؤتمرات الثقافية تحولت إلي زفة كبيرة يتبادل العزف فيها أصحاب المصالح والتلميع والكارثة أن هذه المجموعة تكاد تكون ثابتة للحكم علي كافة الأعمال المتقدمة للجوائز ومنها جوائز الدولة حتي فقدت هذه الجوائز مصداقيتها وموضوعيتها ومن الطبيعي أن يكون وزير الثقافة مسئولاً عن ذلك كله. الروائي محمد قطب يطالب بأن نعيد النظر في هذه المرحلة الراهنة في السياسات التي كانت متبعة في إدارة المؤسسات خاصة تلك المنوط بها التأثير في عقل ووجدان المواطنين. ومنها المؤسسة الثقافية بتنوعها المختلف وهيئاتها المتعددة. وكل هيئة تحتاج إلي إعادة النظر في الخطة التي تستند إليها وفي الرجال الذين يديرون. قال : كان هناك خلل كبير في الإدارة والتدريب ناتج عن هيمنة القادة وإقصائهم للكفاءات وهي سمة سياسية سادت في العهد السابق. ومن ثم قاد الفعل الثقافي الأعلي صوتاً والأكثر مداهنة للنظام ولا ينفع في المجال الثقافي البناء علي ما سبق. فما الفائدة التي نجنيها إذا ذهب المسئول وبقي أتباعه يقبضون علي مؤسسات الدولة ولا شك أن خلافات كثيرة تتردد حول ما يحدث بأجهزة الثقافة وما يدور فيها. ولعل المجلس الأعلي للثقافة يكون نموذجاً للمؤسسة المختلفة علي دورها فهل يمكن أن نرسي قواعد ديمقراطية قائمة علي الانتخاب والموضوعية فنسد الطريق أمام المداهنين الثقافيين. وزارة الثقافة تحتاج إلي حرث جديد وقيادة جديدة واستراتيجية جديدة وأي ترقيع لكل ما هو قائم لن يؤدي إلي فائدة. ويتساءل الروائي فؤاد قنديل : إذا كنا نطالب بمحاكمة فاروق حسني فعلينا أن نتعامل بموضوعية مع ذلك وإذا كان لفاروق حسني سلبيات. فقد كانت له إيجابيات كثيرة. منها أنه قام بإنشاء عدد كبير من المكتبات والمتاحف وقصور الثقافة وتم في عهده تشجيع الجمعيات المدنية المتخصصة في المجالات الثقافية وتشجيع آلاف المواهب في كافة المجالات وتحسين وجه مصر الثقافي في العالم. ويكفي الدور الذي يقوم به المجلس الأعلي للثقافة بتنظيمه لأهم مؤتمرين في العالم العربي وهما مؤتمر الرواية الذي يعقد كل عامين ومؤتمر الشعر كل عامين ومؤتمر القصة القصيرة. وقد أتاح الفرصة لسفر المواهب للخارج أيضا لاكتساب الخبرة. وإذا كان في هذا جزء مظهري مثل مهرجانات قصور الثقافة وأنا ضدها. لكني أقول أنها كانت تهدف لتحسين صورة مصر. ومع هذا نحن لا ننكر أن من أشد السلبيات الي عانيناها في عهد فاروق حسني هي سوء اختياره لبعض القيادات. كما أنه لم يقم بأي دور في متابعة الهيئات والمؤسسات التابعة له ولا تقييم عملها أو توجيهها فتحولت الهيئات في عهده إلي ملكيات خاصة. وبالتالي لا يمكن أن نعزل الظواهر عن بعضها.