لم أنس أبداً هذه الليلة.. كنا في بداية شهر شعبان.. ذهبت مع الراحل الناشر عبدالله حجاج رحمه الله لزيارة مولانا الإمام الراحل الشيخ محمد متولي الشعراوي في استراحته المجاورة لمسجد سيدتنا نفيسة العلوم والمعرفة رضي الله عنه. في هذه الليلة بكي فضيلة الشيخ الشعراوي مرتين : المرة الأولي كانت بعد أن تناولنا العشاء وبعدها تذكر الشيخ رحمه الله والده وبكي.. وقال : إن أعظم نصيحة تلقيتها من والدي كانت "يا أمين اتشعلق في ربنا وحط رجلك زي ما إنت عاوز". وقال الشعراوي : إن المسلم حينما تكون نيته خالصة لله يوفقه الله لكل خير. وأن أحب الأعمال إلي الله أدومها وإن قل. وهكذا الشيخ الشعراوي أن يعلمنا جميعا درساً مهما في ضرورة اللجوء إلي الله دائماً أبداً.. فإذا ضاقت عليك الدنيا فقل يا الله. وإذا ظلمك أحد الظالمين فقل يا الله. وعلينا دائماً أن ندعو الله عز وجل "اللهم لا تكلنا إلي أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك.. وأحرسنا بعينك التي لا تنام واكنفنا بركنك الذي لا يدام". وأما المرة الثانية التي بكي فيها الشيخ الشعراوي رحمه الله فكانت عندما تحدث الدكتور الحسيني أبوفرحة رحمه الله فوصف الشيخ الشعراوي بأنه القطب الغوث العارف بالله وساعتها بكي الشيخ رحمه الله وتركنا ودخل إلي حجرته وهو يبكي ولما دخل عليه الدكتور أحمد عمر هاشم وسأله عن سبب بكائه قال الشيخ لا تقصموا ظهري.. تقولون في شخصي ما ليس في. فأنا لست قطباً ولست غوثاً. وإنما أنا الفقير إلي الله القائل "يا أيها الناس أنتم الفقراء إلي الله والله هو الغني الحميد". ولا جدال أننا الآن في حاجة ماسة إلي أن نراجع تفسير الشعراوي لنجد فيه ما يفيدنا في أمور ديننا ودنيانا في وقت زاد فيه عدد المتشددين وفرضوا سيطرتهم في بعض المدن والقري. فوجدنا من يعتدي علي عالم أزهري مسن مثل الدكتور حسن الشافعي ويمنعه من صعود المنبر في مسجد النور.. بلا أسباب أو مبررات ووجدنا من يقطع أذن مواطن مصري في الصعيد مع أن الذي يطبق الحدود هو الحاكم فقط!! ووجدنا بعض المتشددين الذين حصروا الإسلام في ثوب قصير ونسي هؤلاء أو تناسوا أن الرسول صلي الله عليه وسلم فسر الإسلام في كلمتين حينما قال عليه السلام "الدين المعاملة". نسأل الله أن يعلمنا وأن ينفعنا بما يعلمنا. إنه نعم المولي ونعم النصير.