بدء تنفيذ القرار الذي اتخذه د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالاستغناء عن خدمات 55 ألف إمام وداعية من ذوي المكافآت الذين لا ينتمون للأزهر أحدث ردود أفعال واسعة عند بعض علماء الأزهر والأوقاف فمنهم من رحب بالقرار واعتبره فرصة لإزاحة المتشددين والمتطرفين من علي المنابر وأن القرار تصفية حسابات مع الجماعات الإسلامية المتشددة التي وجدت لنفسها مكاناً علي الساحة الدينية في فترة حكم الرئيس المعزول محمد مرسي ومنهم من فضل أن يكون تصحيح المسار الدعوي يتم بشكل تدريجي. من المؤيدين للقرار بشدة الدكتور عبدالفتاح إدريس أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر حيث يري أنه قرار صائب لأن الجماعات المتشددة في عهد النظام السابق تميزت بالعنصرية التي طبقها كل من وضع في منصب من هذه الجماعة التي قضت علي الكفاءات وأصحاب الوسطية وأقصت كل يد كان يمكن أن يعتمد عليها في بناء الدولة. ولهذا كما يري د. إدريس فإن ديدن هذه الجماعة كان التخلص ممن ليس تابعاً لها وتقريب من يتبعها أياً كان جهده وعلمه وكفاءته.. وقد ترتب علي هذه السياسة الخرقاء تولية مجموعة من الناس تابعين لفئتهم لايفقهون شيئاً وليس لديهم علم أو خبرة أو سابق معرفة بالتزامات العمل الذي نصبوا فيه. ولذلك فإن من الإنصاف ورد الحقوق إلي أصحابها تخليص المجتمع من هذا الفصل التعسفي والإقصاء والحرمان وكل وجوه الظلم التي وقعت علي شاغلي المناصب الأكفاء الوسطيين البعيدين عن التشدد والتطرف في عهد النظام البائد سواء في عهد مبارك أو مرسي أن يتم التخلص ممن يتبعون جماعته الذين تم تعيينهم خلال مدة حكمهم.. ولا يعد هذا ظلماً لهؤلاء بل هو رد الحقوق إلي أصحابها وتعديل المسار في شئون الدولة وعودة الكفاءات إلي مكانها الذي يمكن أن تنجح فيه حتي تقوم نهضة دعوية ورقي وتقدم بدلاً من التردي الذي شاهدناه في الفترة الماضية. سد العجز الشيخ فكري حسن اسماعيل وكيل وزارة الأوقاف الأسبق يقول انه منذ ضم جميع المساجد الأهلية إلي وزارة الأوقاف في أوائل الستينيات وفي عهد الوزير الأسبق أحمد عبدالله طعيمة بدأت الوزارة تستعين بخطباء مكافأة لسد العجز في المساجد رغم أن معظمهم ليسوا منتمين للأزهر ومنحتهم تراخيص حتي وصل العدد الآن ما يقرب من 50 ألفاً لذلك سوف تثار مشاكل عندما يتم الاستغناء عنهم حالياً. أضاف أنه في الآونة الأخيرة استطاع من لهم القدرة والتكاتف أن يستولوا علي بعض هذه المساجد ويحتلوا منابرها في خطبة الجمعة بدون ترخيص من الأساس وبحكم أصحاب التيارات المختلفة في المساجد بحجة أنها تحت إدارتهم ووجهوها حسب أهوائهم ونزعاتهم ولذلك كان من الصعب أن تعود هذه المساجد في عهد الإخوان للأوقاف.. أما الآن فيمكن إعادتها بخطبائها الذين ينتمون للأزهر. أكد الشيخ فكري أن هذا القرار جاء في وقته حتي نعيد للمسجد مكانته ونقضي علي الإرهاب الفكري حيث إن البعض استغل المساجد في السياسة وإثارة الفتن مما جعل كثيراً من الناس يفضلون صلاة الجمعة في منازلهم خوفاً مما يحدث في المساجد هذه الأيام. أعرب الشيخ فكري عن أمله في أن تحكم وزارة الأوقاف تنفيذ هذا القرار وألا تترك المساجد للبعض يسيرها كيف يشاء.. وياليتنا نطبق ما رآه الشافعية في الفقه من اقتصار صلاة الجمعة علي المسجد الجامع أو ما يسمي بالمسجد العتيق وألا تقام الجمعة في الزوايا الصغيرة. تصحيح المسار أكدت د. آمنة نصير أستاذ العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر أن هذا القرار يساهم في تصحيح مسار الدعوة الإسلامية في مصر.. فالمنابر لابد أن تكون لخريجي الأزهر فقط لنشر وسطية الإسلام وترسيخ صحيح الدين.. خاصة أن ممثلي التيارات الدينية لم يلتزموا بصحيح الدين ولا بوسطيته ولم يقدموا كما أراد الله سبحانه وتعالي عندما قال في كتابه الكريم "وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء علي الناس ويكون الرسول عليكم شهيداً".. موضحة أنها كانت تميل إلي أن يكون الاستغناء الخطباء والأئمة من غير خريجي الأزهر تدريجياً. تؤكد د. آمنة أن التغيير التدريجي أفضل وسيلة لتصحيح المسار علي أن يتم بشكل هادئ وكان من المفترض أن يتم نصح هؤلاء الأئمة أولاً بالابتعاد عن التشدد والالتزام بالوسطية قبل أن يتم الاستغناء عنهم.. أما من يصر علي الاستمرار في سلبيات الدعوة وتشويه صورة الخطاب الديني فلابد من إزاحته لأن مصر تريد الاستقرار.. ولن يتأتي الاستقرار إلا إذا كان الخطاب الديني معتدلاً والتزم الجميع بمبادئ دينهم.