عاشت الرياضة المصرية فترة حرجة جدا في ظل المتغيرات العنيفة والمتقلبة التي شهدتها البلاد.. فكان للرياضة نصيب كبير من الارتباك والاضطراب خاصة بعد أن أصدر الوزير السابق العامري فاروق لائحته التي اثارت جدلا شديدا مازال قائما ويلقي بظلاله المربكة علي الجميع.. وهي اللائحة التي وجدت صدا من اكبر الاندية واللجنة الأوليمبية المصرية حتي وصل ملعبها إلي اللجنة الأوليمبية الدولية حتي زادت ضبابية الموقف بشأن هذه اللائحة وتوابعها الجادة التي قد تأخذ الرياضة المصرية إلي منحدر صعب قد لا تستطيع النجاة منه فتكون سقطتها الكبري. هذا الملف "ملف اللائحة" هو الملف الساخن جدا أمام وزير الرياضة الجديد طاهر أبوزيد.. الذي كان - حتي وقت قريب - أحد اطراف الأزمة بصفته مرشحا للرئاسة في انتخابات النادي الأهلي "المجمدة" وكان متمسكا باللائحة أشد التمسك ويرفض محاولة المساس بها ولكنه الآن في موقع حكومي ومسئولية مجتمعية تحتم عليه ان ينظر للأمر بمنظور آخر بما يحقق الصالح العام مستعينا في ذلك بالصادقين من الخبراء في هذا الميدان حتي يتمكن من اخراج الرياضة المصرية من النفق الملتوي الذي دخلت فيه ولا تري فيه نورا تسترشد به إلي طريقها الصحيح. وخبراء الرياضة في مصر كثيرون وكل له اختصاصه الذي يمكن أن يفيد به التحول المنشود للرياضة المصرية دون التشبث بلائحة اثارت جدلا عميقا ومربكا.. فإذا كانت الدولة كلها تتحول إلي مسار جديد وتتطلع لمستقبل أحدث وأفضل فلابد للرياضة ان تساير هذا التحول.. وإذا كانت الدولة والشعب قد حسموا الأمر علي إعادة النظر في "دستور الفجر" فإن مسألة إعادة النظر في لائحة الهيئات الأهلية بكل تفاصيلها تصبح واجبا محتما في ظل الرؤية الجديدة للدولة وهذا ما يجب علي وزير الرياضة "الرياضي جدا" طاهر أبوزيد أن يسعي إليه دون تردد مستعينا بلجنة توعية من الخبراء في كافة المجالات المعنية بالعملية الرياضية والصناعة ولدينا نخبة من الخبراء مثل الدكتور كمال درويش واللواء منير ثابت والدكتور نبيل سالم غير خبراء القانون والتسويق. وأحد أبرز المهتمين بهذا الملف وله آراء جريئة ومتطورة فيه هو الدكتور حسام الدين مصطفي رئيس اللجنة البارالمبية السابق ورئيس الاتحاد الدولي للكرة الطائرة جلوس والذي يعتبر خبيرا شديد التخصص في الإدارة الرياضية والذي يقدم إلي وزير الرياضة طاهر أبوزيد ملخص خبرته الطويلة في المحافل الدولية والأوليمبية بأن اللائحة التي صدرت في عهد العامري فاروق محطمة للرياضة المصرية وان اشتملت في ظاهرها علي فلسفة جديدة وهي فتح سبل أوسع أمام الشباب حيث يؤكد الدكتور حسام الدين مصطفي علي ان الموارد البشرية الخبيرة والقديرة هي ما تحتاجه الرياضة المصرية لأنها رياضة نامية. بل ومتخلفة عما يحيطها من بلدان عربية وافريقية كانت تأتي خلفنا بمراحل ولكن اصابنا الجمود في السنوات الأخيرة بينما الآخرون يحلقون بعيدا بعد ان فطنوا لأصول الصناعة الرياضية وذلك بتنمية الموارد والخبرات البشرية لديها من خلال الاستعانة لفترة محدودة بالخبرات الأجنبية لاعداد هذه الكوادر ثم انطلقت إلي آفاقها المنشودة وحققت بالفعل قفزات هائلة بينما نحن في مصر نتعثر من كثرة القيود المقيدة لحركة الرياضة المصرية والمحبطة لكوادرها البشرية. ويضرب الدكتور حسام الدين مثلا باللجنة البارالمبية المصرية المعنية برعاية وتنظيم رياضات المعاقين.. فكانت هذه اللجنة تحت رعاية الخبير العالمي وعضو اللجنة البارالمبية الدولية السابق الدكتور نبيل سالم وأعاونه في ادارة شئونها مع مجموعة اخري من الخبراء المتخصصين وكانت اللجنة المصرية في الصدارة والرائدة عربيا وافريقيا.. ولكن زيادة القيود والضغوط ابعدت الدكتور نبيل سالم وابتعدت من بعده لأن فكر الموظفين يقف ضد التطور الصحيح والثقافة الرياضية ويهتم فقط باللوائح العقيمة المحبطة.. والنتيجة الآن ان الرياضة البارالمبية المصرية ترتيبها ال 15 افريقيا لأننا ابتعدنا عن التطوير الايجابي بتربية كوادر بشرية جديدة وفصلنا الأجيال بدعوي اتاحة الفرصة للشباب والوجوه الجديدة بدون خبرة وثقافة في الادارة الرياضية. ويذكر الدكتور حسام الدين وزير الرياضة طاهر أبوزيد بمقال آخر. خاص بلائحة ال 5 سنوات.. ويتساءل ماذا قدم هذا البند للرياضة المصرية غير اقصاء أبرز الخبرات وطمع اشخاص في المناصب دون قدرات وظهور ظاهرة "المحلل" التي تسببت في فساد كبير في ادارة الاتحادات الرياضية ويضيف انه بند خاسر ويجب انهاؤه فورا لأنه مخالف للميثاق الأوليمبي فما الذي يفيد قيادة رياضية فاهمة وخبيرة وقوية من الاستمرار في العمل إذا كانت تعطي نتائج ايجابية. ويطالب حسام الدين مصطفي بضرورة أن تكون التعديلات التي ستوضع علي اللائحة متسقة تماما مع الميثاق الأوليمبي وان تكون سلعتها الرئيسية هي تنمية الموارد البشرية في الأندية والاتحادات واللجنة الأوليمبية الوطنية وعلي سبيل المثال كان الحديث عن التصنيفات العمرية في انتخابات الاندية فيجب ان يتم الغاؤه بلا تردد لأنه يعكس الخبرات التي لا تبدأ في التكون إلا بعد الاربعين وتتراكم إلي ما شاء الله. وبدلا من هذا البند الغريب فيجب أن يشترط في مرشح مجلس ادارة الاتحاد أو النادي أن يكون حاصلا علي دورات تدريبية راقية في الادارة الرياضية بدلا من الشرط الساذج الحالي بأن يكون صاحب مؤهل عال أو لاعبا دوليا سابقا ومثل هذه الدورات يجب ان تتولاها اللجنة الأوليمبية الوطنية والاكاديمية الرياضية وهناك برنامج عالمي من اللجنة الأوليمبية الدولية للدول المتطلعة لإعادة هيكلته وتنظيم الهيكل الرياضي في الدول المتطلعة لاصلاحات ونحن احوج ما نكون إلي هذا البرنامج ومعاونة اللجنة الأوليمبية الدولية لاعداد كوادر وتحقيق التنمية البشرية المنشودة في المجال الرياضي بدلا من القفز من لائحة إلي أخري. ويقدم الدكتور حسام نصيحة أخيرة إلي وزير الرياضة طاهر أبوزيد بأن لا يستند كثيرا علي الموظفين من حوله لأنهم أسري الوظيفة ولا يملكون فكرا جريئا وليس لديهم أي خبرات حقيقية.. كما ان الاسراع في اطلاق مشروع تنمية الموارد البشرية في الاتحادات والاندية سوف يقطع الطريق علي من يحتكرون هذه الخبرات لأنفسهم ويستغلونها لمصالحهم.