متي نفرج عن جيران الرئيس السابق حسني مبارك؟ بتعبير آخر: متي نفرج عن هؤلاء المواطنين الذين كان مبارك جاراً لهم؟ وضع مبارك يده علي البيت الذي أقام فيه منذ تولي الرئاسة. عرض معاونوه علي ملاك البيت مقابلاً مادياً رفضه الملاك. وطلبوا مبلغاً يساوي قيمة البيت. لكن الرئاسة أصرت علي عرضها. ولأن بيت الرئيس لابد أن يخضع للحراسة. فقد أزيلت محطة البنزين علي ناصية شارع الميرغني والعروبة. ووضعت المتاريس والحواجز أمام كل الشوارع المؤدية إلي البيت. وجد السكان أنفسهم داخل ثكنة عسكرية. يدخلون بتصريحات. ويصعب أن يزورهم أحد. ظلت الأمور علي حالها أكثر من ثلاثين عاماً. دون أن يلحظ ساكن البيت ولا معاونوه. ما يعانيه سكان المربع الهائل الممتد من بوابة نادي هليوبوليس إلي بداية عمارات العبور. حي كامل تحول إلي ثكنة عسكرية. مشكلة السكان أنهم جيران رئيس الجمهورية. كان عبدالناصر - قبل ثورة يوليو - يسكن بيتاً صغيراً في منشية البكري. أجريت عليه تعديلات. واقتصرت حراسته علي الشارع. بداية من باب بيت السياسي الراحل مكرم عبيد. كما اقتصر دخول الشارع علي السيارات المتجهة إلي بيت عبدالناصر. وظلت الحياة في بقية الشوارع المحيطة بصورة طبيعية. أما الرئيس السادات فقد اختار لإقامته في القاهرة قصر محمد محمود خليل. القريب من شيراتون الدقي. ولاشك أن الحراسة حول البيت قد أثرت علي حياة المواطنين القريبين. لكن ليس إلي الحد الذي عاني منه جيران مبارك. تصرف آخر غريب. ظني أن مبارك علم بتطوراته: انتظر معاونوه حتي ارتفعت بناية جديدة. بالقرب من قصر العروبة. وصدرت الأوامر بعدم إجراء التشطيبات. لأنه سيكون من السهل تصويب الرصاصات إلي داخل القصر. ونشر ملاك البناية إعلانات في الصحف. يشرحون. ويستغيثون. ودفعهم الرفض الصامت إلي نشر إعلانات أخري تقترح إزالة الطوابق العليا. بحيث تصبح البناية - في ارتفاعها - مساوية للبنايات الملاصقة. لكن الرفض الصامت ظل هو موقف الرئاسة. وإن سمحت لملاك البناية أن يشغل البنك الأهلي الطابقين الأرضي والأول. والآن. فإن من حق جيران الرئيس السابق أن يستردوا حياتهم الطبيعية. وأن يتمتعوا بحقوق المواطنة. بل إنه من حق ملاك البيت الذي وضع مبارك يده عليه. أن يستردوا حقهم. أو أن يعوضوا بما يشعرهم أن الأوضاع تغيرت. وأننا نعيش ثورة لابد أن تنعكس تأثيراتها الإيجابية علي كل المواطنين.