الثروات المنهوبة من أموال الشعب أصبحت حديث الصباح والمساء فالكل يتساءل ما مصير هذه الأموال التي لا نعلم حتي الآن القيمة الحقيقية لها لكن المؤكد ان الأرقام كما قدرها بعض رجال الاقتصاد تزيد علي مائة مليار دولار مما جعل الشعب يستشعر القلق حول التأخر في استعادتها وكذلك مع صدور بعض التصريحات التي تشير إلي وجود اشكالية في النظم القانونية حيث توجد معظم هذه الثروات.. بالاضافة إلي طول اجراءات التحقيق والتحريات التي تقوم بها الأجهزة الرقابية في مصر حتي تكتمل أركان عملية التهريب. حول هذه الموضوعات وغيرها من القضايا المطروحة علي الساحة كان الحوار مع محمد الدماطي رئيس لجنة استرداد الأموال المهربة والقائم بأعمال نقابة المحامين الذي أكد ان لجنة الحريات كانت ترصد مظاهر الفساد والاستبداد في الحكم بداية من بيع الاراضي وانتهاء بتضخم ثروات النظام وأعوانه. قال ان مساءلة مبارك وأسرته سوف تتم بعد انتهاء الأجهزة الرقابية من تحرياتها واعداد تقاريرها حول الثروات والممتلكات. أشار إلي ان استعادة الأموال من الخارج لن تتم إلا بعد انتهاء التحقيقات في مصر وصدور أحكام جنائية نهائية لذلك لابد من المحاكمات العاجلة والاستعانة بالشركات المتخصصة لتتبع مسار الثروات المنهوبة. أوضح ان التصالح مع كبار الفاسدين خطأ جسيم وسوف يهدم ثورة 25 يناير ويقضي عليها. * ما هو دور اللجنة في استعادة أموال مصر التي سلبها كبار الفاسدين في النظام السابق ومدي التعاون بينها وبين اللجان المماثلة؟ ** هدفنا الأساسي هو الضغط علي سلطات التحقيق للنائب العام لتقديم الفاسدين للمحاكمة فاولي البلاغات التي قدمناها من خلال لجنة الحريات بنقابة المحامين كانت يوم 8 فبراير الماضي أي قبل التنحي خاصة بعد أن نشرت صحيفة الجارديان الفرنسية حجم ثروة الرئيس السابق وأسرته.. فلا يوجد لدينا مستندات توضح حجم الثروة داخل مصر وخارجها لذلك طالبنا بضرورة مساءلته جنائياً وسياسياً لأن أمواله وثروته لم يرثها هو أو زوجته إنما حصل عليها للتربح من المنصب. تقدمنا أيضاً ببلاغات تضم أكثر من 35 شخصية بداية من عاطف عبيد وأحمد نظيف وكبار المسئولين السابقين ورجال الأعمال المتورطين في العديد من القضايا التي تتعلق بإهدار المال العام وقضايا فساد مختلفة وذلك لفتح ملفاتهم ومعرفة حجم ثرواتهم قبل وبعد تولي المسئولية. بالفعل بدأ جهاز الكسب غير المشروع ونيابة الأموال العامة إعداد تحرياتهم وتقاريرهم تمهيداً للمحاكمة.. لكن منذ هذا التاريخ لم يمتثل الرئيس وأسرته وبعض الشخصيات الأخري أمام المحكمة وهذا ما دفع مجلس النقابة لتشكيل هذه اللجنة مؤخراً لمتابعة هذه القضايا حتي هذه اللحظة في الداخل.. أما الخطوة الأخري فهي موافقة النائب العام علي استمرار عملنا خارج مصر لتتبع الأموال والممتلكات الأخري. محاكمة الرئيس * يتردد أن هناك ضغوطاً تتعرض لها جهات التحقيق حتي لا يمتثل الرئيس السابق وأسرته أمام المحاكم.. فهل هذا صحيح؟ ** لقد التقينا مع المستشار عادل السعيد مساعد النائب العام لمعرفة الإجابة عن هذا التساؤل المطروح في الشارع المصري بشدة نظراً لعدم بدء التحقيق معه كما ذكرت منذ أول بلاغ تقدمت به لجنة الحريات للنائب العام وجاءت إجابته بالنفي والتأكيد بأنه لا توجد أية ضغوط أو تدخل في التحقيقات أو التحريات التي تتم.. لكن التحريات لم تنته والبلاغات لا تكفي لادانتهم لكن الاستدعاء مؤكد بعد انتهاء الأجهزة الرقابية من إعداد تقاريرها حول الثروات والممتلكات. * يقال ان الرئيس بحكم منصبه لا يمتثل أمام المحكمة حتي لو أصبح رئيساً سابقاً؟ ** الدستور لا يجيز مساءلة الرئيس فالمادة 85 تشير إلي انه لا تجوز مساءلته إلا عن جريمة الخيانة العظمي أو الجرائم الجنائية وذلك بواسطة أعضاء مجلس الشعب أي ان ثلث الأعضاء يقدمون اقتراحاً والثلثين يوافقون لكن بعد ان يفقد منصبه فالأمر مختلف فشأنه شأن أي مواطن. قضايا الفساد * لماذا لم تقم لجنة الحريات بدورها في كشف قضايا الفساد خلال السنوات الماضية؟ ** رموز الحزب الوطني كانت هي المهيمنة علي نقابة المحامين وهذا ليس سراً وكانت تعطل عمداً أعمالنا داخل النقابة بكل الوسائل غير المشروعة وهناك محاضر وبلاغات في النيابة تشير إلي كل الوقائع والتجاوزات التي ارتكبوها لقمع دورنا في التصدي للفساد ولممارسات النظام الحاكم. اجراءات قانونية * يقال ان استعادة الأرصدة الموجودة في البنوك الأوروبية يخضع لاجراءات قانونية دولية معقدة ولا يمكن البدء فيها قبل صدور الأحكام بعد الاستئناف والنقض؟ ** الاجراءات ليست معقدة كما يشاع فهناك اتفاقيات دولية بيننا وبين معظم هذه البلدان وهي تسعي جاهدة لمساعدتنا وقرار النائب العام بادر بتجميد الأرصدة الموجودة لديهم لكن بالنسبة للعقارات وغيرها فلم يتم التحفظ عليها. كما ان الدول تريد أحكاماً نهائية لتنفيذ القوانين ورد الأموال وبالطبع فالتأخير الذي حدث والمحاكمات البطيئة قد يساعد هؤلاء المتهمين بتسريب جزء من أموالهم وممتلكاتهم بطرق متعددة فهناك شركات متخصصة في تهريب الأموال واؤكد انه قبل ان يتم تجميد الأرصدة تم تهريب جزء من الثروة. * هل هذا يعني ضياع ما تم تهريبه قبل قرار التجميد وبالتالي من الصعب استرداده؟ ** هناك شركات مهمتها تتبع الأموال المهربة وموجودة لدينا في مصر حقيقة هي لا تتجاوز اثنتين لكن هناك العديد في الخارج ولابد من الاستعانة بها مهما كلفنا الأمر حتي نستعيد أموال الشعب التي اغتصبها النظام وأعوانه بكل الطرق والوسائل. ظروف طارئة * هل هناك إشكالية في عدد أعضاء النيابة أو القضاة ليتم الانتهاء سريعاً من القضايا التي تثير قلق وتخوف الرأي العام؟ ** المادة 64 من قانون الاجراءات تجيز للنيابة ندب قضاة ومستشارين في التحقيقات فعلي سبيل المثال المستشار في المحاكم الابتدائية يعمل 3 أيام في الأسبوع ومستشار محاكم الاستئناف يعمل أسبوعاً في الشهر. لقد تحدثت مع مساعد النائب العام بضرورة انتداب القضاه لأننا في ظروف طارئة تستوجب الانتهاء سريعاً ليتم محاكمتهم بشكل عاجل وعادل في نفس الوقت فالبطء في العدالة ظلم. اضافة إلي ان قضايا الفساد في المال العالم لن تقتصر علي هؤلاء فعلي مدار السنوات الماضية هناك العديد من الشخصيات سواء من الحزب الوطني أو أعضاء مجلسي الشعب والشوري والمحافظين ورؤساء المدن والأجهزة المحلية سوف نكتشف تورطهم وتربحهم بطرق غير مشروعة. * هل تستقطع البنوك في الخارج جزءاً من الأرصدة الموجودة لديها؟ ** هذا يتم تحت بند المصاريف الإدارية للبنك في الكشف والمعاونة في تحويل هذه الأموال متي صدرت أحكام قضائية وهذا يساعد في تعاون البنوك معنا علي الكشف والاعادة وصدور أحكام التسليم لن تتم إلا بعد صدور حكم القضاء المصري. مغارة علي بابا * المصرف العربي بمثابة "مغارة علي بابا" فلا أحد يعرف حجم الحسابات والأرصدة لانه لا يخضع للتفتيش.. كيف يتم التعامل معه؟ ** حتي لو قانون البنك يوجد به هذا النص فهو غير دستوري علي الاطلاق.. وإذا كانت اتفاقية تأسيس البنك تتناقض مع قواعد الشفافية فمن الممكن استصدار قرار جمهوري بإلغائها ومن خلال اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد والتي وقعت عليها مصر في منتصف الثمانينات يمكن استرداد الأموال من خلال التعاون الدولي. القضاء علي الثورة * هل من الأفضل التصالح وإسقاط العقوبة عن المتهمين لاستعادة الأموال سريعاً؟ ** إذا فتحنا هذا الباب سوف نقضي علي ثورة 25 يناير فلا تسامح اطلاقاً مع الفاسدين الذين نهبوا وافسدوا المناخ العام وساهموا في تجويع الشعب إضافة إلي ان النهضة التشريعية والقانونية التي حدثت في العديد من دول العالم وأيضاً اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الفساد جعلت الفرصة متعاظمة لاستعادة الأموال المنهوبة.. لقد لمسنا أن هناك في الخارج تعاوناً جاداً من جانب بعض الشخصيات الأجنبية ومنظمات المجتمع المدني للكشف عن الأموال.. هناك خطوات لتتبع المسار وأيضاً لانهاء المحاكمات في مصر فتلك هي الوثيقة التي تعترف بها البنوك الأجنبية.