في هذا المكان.. وعلي مدي سنوات طويلة آثرت أن تكون كتاباتي مركزة علي الدفاع عن حقوق المواطنين البسطاء.. كتبت عن البطالة التي تفشت في المجتمع رغم تصريحات أعضاء حكومة الدكتور أحمد نظيف السابقة عن توفير ملايين فرص العمل. وكانت تصريحات كاذبة بالفعل هدفها الحصول علي رضا الرئيس. كتبت عن أصحاب المعاشات وكيف تنظر الحكومة إليهم علي أنهم خيل الحكومة التي يجب اعدامها ولم يتم النظر إلي ما بذلوه علي مدي عشرات السنين في خدمة بلدهم ويجب تكريمهم. كتبت عن قضايا التعليم والصحة والأجور والأسعار وأزمات الخبز والبوتاجاز والسكر والأرز وبطاقة التموين.. وزراعة القمح. وتوفير المياه للزراعة وغيرها وغيرها. إذن.. هذه النافذة الصحفية التي نطل منها علي الناس وعلي المسئولين كان ومازال هدفها مصلحة الوطن والمواطن.. وقد قصدت من هذه المقدمة أن أدخل إلي ظاهرة تعم مصر حاليا وهي ظاهرة الاضرابات والمظاهرات.. سواء أكانت مظاهرات عامة للمناداة بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي أو مظاهرات فئوية لتصحيح أوضاع خاطئة والحصول علي حقوق ضائعة أو منقوصة. هذه الظاهرة التي تعم مصر حاليا تحمل في طياتها خطورة بالغة.. وبالغة جدا علي الوطن والمواطنين.. لأنها ببساطة تؤدي إلي تعطيل عجلة الانتاج والوقوف محلك سر والدخول في فوضي غير خلاقة.. فوضي مدمرة سوف تنعكس أول ما تنعكس علي المتظاهرين أنفسهم أصحاب الدخول الضعيفة. تعطيل المصانع والمتاجر وكل الأنشطة في المجتمع في كل أنحاء مصر لن يأتي إلا بالخراب علي بلد يعاني الفقر والبطالة وسوء الأحوال المعيشية.. ولو أصر المتظاهرون علي المضي في هذا الاتجاه السلبي لن نفرح طويلا بالانجاز السياسي الذي حققناه. لقد حقق شعبنا بفضل شبابه انتصارا عظيما اضطر معه الرئيس السابق حسني مبارك للتخلي عن موقعه وبدء عصر جديد.. واتخذ المجلس الأعلي لقواتنا المسلحة قرارات بحل مجلسي الشعب والشوري اللذين قاما علي تزييف إرادة الشعب وتم تعطيل الدستور.. كل ذلك تم في خلال يومين فقط بعد ترك الرئيس لموقعه.. ومعني هذا أن برنامج تحقيق مطالب الشعب والشباب ماض في طريقه الصحيح دون تأخير. وأن استمرار ممارسة الضغوط بهذا الشكل التظاهري الاعتصامي سيؤدي إلي توترات ليست في صالح الجميع. كما أن استمرار المظاهرات العمالية والفئوية للمطالبة بالحقوق وزيادة الأجور والاصلاح بوجه عام وعدم العودة إلي العمل سوف يضر بالعاملين أنفسهم الذين لن يجدوا مرتباتهم في آخر الشهر. فلندع الفرصة لقواتنا المسلحة ومجلسها الأعلي ولوزارة الدكتور أحمد شفيق تبدأ عملها وتواصل خطوات الاصلاح وإعداد الدولة لمرحلة سياسية وديمقراطية حقيقية.. ولندع عجلة الانتاج تعود للدوران.. وعلينا أن نقف كل في موقعه موقف المراقب لما يتم من خطوات واجراءات واصلاحات.. ويوم أن نري تخاذلا أو تباطؤا فان ميدان التحرير موجود. والشعب موجود برجاله ونسائه وعماله وشبابه في المقدمة. لقد أكد الدكتور كمال الجنزوري رئيس الوزراء الأسبق في حديثه مع مني الشاذلي علي ضرورة العودة إلي العمل بأقصي سرعة وعدم اللجوء إلي الفوضي لأننا لو صممنا علي تعطيل الانتاج سندمر أنفسنا بأنفسنا. تحقيق المطالب لن يتم بين ليلة وضحاها.. فصبر جميل.. وكلنا تفاؤل بمشيئة الله.