سبق للعلماء أن تمكنوا من إجراء تعديلات وراثية علي الكثير من النباتات والحيوانات لتصبح "مضيئة". ومنها الفئران والقطط والكلاب والخنازير والغنم والديدان! وحاليا توجد بالأسواق الأمريكية أسماك مضيئة جري تعديلها وراثياً وتباع في محلات أسماك الزينة منذ سنوات! وهناك شركة خاصة تنتج نباتات الزينة المضيئة وتبيعها لمن يرغب! وطموحات العلماء لا تتوقف! لذا بدأ فريق يضم بعض الهواة والرواد من المتخصصين في مجال التكنولوجيا الحيوية مشروعاً علمياً لإنتاج نباتات مضيئة بهدف الاستغناء عن لمبات الإضاءة في الشوارع.. أو إنتاج زهور تضعها علي مكتبك وتشع من الضوء ما يكفي لمساعدتك علي القراءة! المشروع يعتمد علي شكل معقد من أشكال الهندسة الوراثية ويطلق عليه البيولوجيا التركيبية.. وهو يحظي باهتمام واسع. ليس فقط لجرأته في السعي نحو تحقيق هدف تسعي إليه البشرية. وإنما أيضا لكيفية تنفيذه! وكان من المفترض في مثل هذه الحالات أن يتبني المشروع إحدي المؤسسات أو أحد المختبرات الأكاديمية.. لكن ما حدث هو مبادرة فريق صغير من العلماء الهواة في واحد من المختبرات العامة. التي يتزايد عددها يوماً بعد يوم في الولاياتالمتحدة. حيث أصبحت تجارب التكنولوجيا الحيوية أقل تكلفة. الأمر الذي أعطي دفعة لهؤلاء العلماء حيث أنشأوا حركة تحت مسمي "افعل بنفسك". هذا المشروع يتم تمويله من خلال التبرعات.. ونجح في جمع أكثر من 250 ألف دولار خلال أسبوعين فقط. وذلك عبر موقع اسمه "ركلة البداية". والمشروع ليس الأول من نوعه. فقد سبق لفريق جامعي أن تمكن من إنتاج نباتات تبغ يصدر عنها ضوء. حيث نقلوا للنباتات جينات من بكتيريا بحرية مضيئة.. لكن الضوء كان خافتاً لدرجة أنه لا يمكن رؤية النبات في الظلام إلا بعد النظر إليه لمدة خمس دقائق. وأهداف المشروع الجديد متواضعة في البداية. حيث يأمل العلماء في التوصل إلي نباتات يمكن رؤيتها بسهولة في الظلام ولا يبتغون الاستغناء عن اللمبات الكهربائية خلال مدة قصيرة. أحد جوانب المشروع يثير الجدل.. وهو نشر فكرة "افعل بنفسك" في مجال البيولوجيا التركيبية.. وهناك مخاوف من أن يؤدي انخراط غير ذوي الخبرة في هذا النشاط إلي تخليق كائنات ضارة. سواء بشكل متعمد أو عن طريق الصدفة. المنظمات البيئية ومن بينها منظمة أصدقاء الأرض كتبت إلي "ركلة البداية" وإلي وزارة الزراعة الأمريكية التي تشرف علي عمليات التعديل الوراثي للنباتات.. خطابات تدعوها فيها إلي وقف مشروعات إنتاج النباتات المضيئة. ويحذر البعض من أن المشروع قد ينجم عنه انتشار واسع وعشوائي للبذور والنباتات المعدلة وراثياً. والتي تنتج بواسطة البيولوجيا التخليقية.. وطلبت المنظمات من "ركلة البداية" حذف هذا المشروع من علي صفحتها الالكترونية. وقالت المنظمات البيئية.. إن المشروع وعد بتسليم البذور المعدلة وراثياً للكثير ممن يساهمون في تمويله وتنفيذه والبالغ عددهم حوالي أربعة آلاف شخص. الأمر الذي يشكل أول توزيع متعمد علي مستوي العالم لكائن منتج بواسطة البيولوجيا التركيبية! لكن أنطوني ايفانز مدير مشروع النباتات المضيئة. في تقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز. يدافع عن المشروع بقوله إن هذا النشاط آمن ولا خوف منه.. وأن ما يقوم به هو وفريقه لا يختلف عما يجري منذ 20 عاماً في المختبرات الأكاديمية والمؤسسات الكبري.. وأنهم يعرفون تماماً ما يقومون به. ويقول العلماء.. إن إنتاج النباتات التي يمكن أن تحل محل اللمبات الكهربائية يتوقف علي قدرة النبات علي إنتاج الطاقة اللازمة للإضاءة. دون تأثير علي الطاقة التي يحتاجها النبات للنمو.. وأن الشجرة التي تغطي مساحة 100 متر مربع يمكن أن تصدر ضوءاً يعادل ضوء إحدي اللمبات المستخدمة في إضاءة الشوارع! تري هل يتحقق حلم إضاءة الشوارع بالأشجار؟! وإذا كان استخدام الطاقة التقليدية ينتج عنه مخاطر التلوث البيئي والاحتباس الحراري. فما هي المخاطر التي قد تترتب علي استخدام الأشجار في الإضاءة..؟! إن كل حل يضعه الإنسان لمشكلة من المشاكل يتولد عنه مشكلة جديدة لم تكن في الحسبان..!! * * أفكار مضغوطة: التعليم ليس معناه تدريس الحقائق. ولكن تدريب العقول علي التفكير! "ألبرت أينشتاين"