لا يمر أسبوع إلا ونقرأ خبرا أو متابعة أو تحقيقا أو تقريرا في صحيفة أو أكثر علي اختلاف أنواعها من قومية وحزبية وخاصة عن "التحرش الجنسي" بالنساء والذي أصبح ظاهرة مقززة فعلا تدق ناقوس الخطر. هذه الظاهرة ترتبط عندنا في المقام الأول بالزحام حيث تعلو وتيرتها وتزداد في فترة الأعياد وفي المظاهرات وأمام مدارس البنات وفي المولات ووسائل المواصلات المكتظة وتهبط الوتيرة بعض الشيء في الأيام العادية.. لكنها تظل موجودة وبوضوح يفقأ عين من يكذبها أو يدعي بأنها أحداث فردية. لا.. لم تعد أحداثا فردية شاذة.. بل ظاهرة تصرخ وتطالب بحل فوري وحازم تجاه المتحرشين الذين استهتروا بالدين وكذلك بالأعراف والأخلاق والتقاليد التي درجناها عليها منذ آلاف السنين.. حل يصل إلي إعلان الحرب علي التحرش.. وفورا. نعم.. لسنا الدولة الوحيدة التي انتشر فيها التحرش.. فكل الدول بها هذا النوع من "الجرائم القذرة" وكلنا يعلم جيدا ان هناك أزمة كبيرة في أمريكا بسبب التحرش في الجيش الأمريكي والفضائح التي تفجرت بسببه في وجه الإدارة الأمريكية مما دعا تشاك هاجل وزير الدفاع الأمريكي إلي "إعلان الحرب" علي التحرش الجنسي في الجيش.. ولعلنا أيضا قرأنا وتابعنا ما يحدث في الجيش الإسرائيلي من تحرش واغتصاب للمجندات ووصل الأمر إلي مناقشة ذلك في الكنيست. لكن.. يكون في أمريكا أو في اسرائيل أو في بلاد تركب الأفيال فلا دخل لنا بذلك.. المهم بلادنا نحن.. بلاد الأزهر الشريف.. لا يصح أبدا أن يحدث هذا عندنا.. ولابد من محاربة التحرش بكافة الأسلحة مهما كانت. ان تصاعد هذه الظاهرة في مصر دفع بعض القوي السياسية إلي تكوين فرق لحماية الفتيات المشاركات في الفعاليات المختلفة لمنع التحرش بهن وتأديب كل من تراوده نفسه الخبيثة علي ارتكاب هذا الفعل الحيواني. ربما يكون الحل المؤقت والعاجل هو تشكيل فرق خاصة للتعامل مع المتحرشين في الأماكن المزدحمة بالضرب والتأديب وتسليمهم للعدالة.. بل والتجاوز معهم خاصة بعد أن رفعت لافتات ذات يوم تحرض علي افقاد المتحرشين رجولتهم وتهدد بتنفيذ ذلك وقد تنفذ فعلا. هذا التحريض وذاك التهديد ليسا فكرة خيالية.. فقد شاهدت منذ سنوات طويلة فيلما أجنبيا عن طبيبة تعرضت ابنتها الطفلة للخطف والاغتصاب ثم القتل.. ويروي الفيلم كيف صبرت هذه الأم الطبيبة حتي خرج الذئب القاتل من سجنه.. وراودته عن نفسه حتي "تصطاده" وبالفعل اصطادته وخدرته وأجرت له عملية بسيطة جدا محت بها اسمه من "كشوف الرجال"..!! إضافة إلي تشكيل هذه الفرق.. أطالب وفي إلحاح بتغليظ عقوبة التحرش إلي المؤبد وعقوبة الاغتصاب إلي الاعدام سواء اقترن بخطف أو لا.. لابد أن نتحرك وبسرعة. نريد أن تعود بلادنا إلي ما كانت عليه من تدين حقيقي ووسطي ومن أخلاق وتقاليد مرعية كنا دائما نفخر ونتباهي بها خاصة في الأحياء الشعبية التي كانت مثالا يحتذي في الأدب والذوق والاحترام والجدعنة. للأسف.. كل هذا اختفي وأصبح ذكريات نتحاكي بها أمام أولادنا مثل "حواديت جدتي". ليت هذه الذكريات تعود مرة أخري إلي واقع نعيشه ونتفاعل معه بفخر واعتزاز.. كما كنا.