في لقاء مع الحارس الأمين علي تراثنا وموروثاتنا الشعبية المخرج المسرحي الكبير "عبدالرحمن الشافعي" الرئيس الأسبق للبيت الفني للفنون الشعبية والمشرف العام الحالي علي فرقة النيل للموسيقي الشعبية التابعة لهيئة قصور الثقافة.. أجاب بصراحته المعهودة عن السلبيات والهموم التي تعترض الموروث الشعبي والخوف من إندثاره وضياع ذاكرته!! قال الشافعي: الفنون الشعبية الآن في مرحلة مضطربة» فبقدر اهتمام بعض أجهزة الدولة بإحياء الموروث الشعبي وتأكيد ممارسته بالبحث والجمع والتنقيب عن جذور الفنون الشعبية المصرية باهتمام المعهد العالي للفنون الشعبية وهيئة قصور الثقافة وقطاع الفنون الشعبية و أرشيف المأثورات الشعبية التي يشرف عليها الدكتور أحمد مرسي والعديد من هذه المؤسسات تعمل جاهدة في التأكيد علي ميراثنا الثقافي الشعبي ومحاولة تنقيه وجمعه وتطويره.. إلا أن التنفيذ يصطدم بالعديد من المشاكل! ** وما هي المشاكل التي تعترض جمع تراثنا؟ أولها ما يفد إلينا من فنون الفرجة الاستعراضية من خلال القنوات الفضائية التي قامت بدورها بتشويه فنوننا الشعبية والتراثية.. لأننا للأسف الشديد دائماً نقع في "فخ" التقليد والنقل والتبعية وهو ما لايجوز إطلاقاً ألا يؤثر علي فنوننا الشعبية. إن جاز ذلك في العلم فلن يؤثر في الثقافة! ** نريد توضيحاً؟ الثقافة دائماً نبت بيئتها وفي ل نام العولمة الحالي تبحث الشعوب عن هويتها لتجد لها مكاناً وسط الزحام العالمي. لذا فإن المعادلة هنا مختلة ما بين أجهزة بدأت تهتم بالموروث الشعبي وبين عناصر التطبيق التي لا يعيها القائمون علي هذه الفنون. ** أليست هناك طفرة بدليل انتشار فرق الفنون الشعبية؟ بالفعل حدثت لدينا طفرة في المراكز العلمية من خلال معهد الفنون الشعبية ومراكز أبحاث الفرق بهيئة قصور الثقافة وقطاع الفنون الشعبية وفرقتي رضا والقومية اللتين تحاولان تجديد رقصاتهما رغم أنهما دخلا مرحلة الموات منذ فترة. وبقدر وجود هذه المراكز التعليمية والثقافية بقدر التعثر! ** وما رؤيتك وغيرتك .. كيف تري الواقع؟ إما أنه وقع في هوة التقليد فاستجلب لنا عناصر غريبة عن البيئة الثقافية المصرية فاختفت كل قيم الأفراح لدينا وكل التقاليد والعادات والموروثات الشعبية كما اختفت الأغنية الشعبية والموسيقات الشعبية. وأصبحنا.. كما قال الرائد توفيق الحكيم من قبل: "أصبحنا غابة علي أشجارها قردة تلبس زي الغرب علي غير نام أو ترتيب أو فهم أو إدراك" وبالتالي تشوهت فنوننا الشعبية التطبيقية لاصطدامها بالواقع والتنفيذ! ** فرقة النيل للموسيقي الشعبية كيف تحاف علي التواصل للموروث الغنائي.. خاصة ان كثيرا من الحفة يرحلون؟ الجيل الجديد يجد صعوبة في التواصل وانصرف عن ممارسة هذه المهنة. رغم ان هذه الفرقة هي أول فرقة فنون شعبية انشأت في مصر عام 1955 في ل ريادة يحيي حقي وكانت تابعة لمصلحة الفنون في ل ثورة يوليو المجيدة. فكلف زكريا الحجاوي بإنشاء هذه الفرقة عام 1955 حيث قدمت أول عرض شعبي مصري بحديقة الأزبكية عام 1957 في عيد ثورة يوليو وتعرفت الحياة الثقافية علي أشهر الفنانين: خضرة محمد خضر وفاطمة سرحان وأبودراع ومحمد طه.. كما تعرفت عليهم الحركة المسرحية. ** نريد المزيد من التعريف بتلك المرحلة فيما يخص الفنون؟ في هذه الفترة بدأ البحث والتنقيب عن فنونا الشعبية علي محورين : الأول.. علي المستوي العلمي كان هناك رشاد رشدي وسهير القلماوي في "ألف ليلة وليلة" والهلالية لعبدالحميد يونس وأبحاث وتجارب رشدي صالح والمحور الثاني التطبيقي والعلمي الذي بدأه زكريا الحجاوي في رحلته الشهيرة في نجوع وقري مصر ورحلة الجمع الأولي وهي البحث الحي عن فناني الموال والأغنية ولاعبي التحطيب والمغنيين الشعبيين وجمع السيرة. والاثنان هما اللذان شكلا حركة الفنون الشعبية والذي نتج عنه إنشاء فرقتي رضا والقومية وفرق المحافات التي اتسعت نشاطاتها حيث تضم حالياً هيئة قصور الثقافة التي يترأسها الشاعر سعدعبدالرحمن ليصل عددها إلي 55 فرقة ما بين فرق للرقص الشعبي وفرق للآلات والغناء الشعبي. ** متي تعود للإخراج المسرحي؟ عندما أعثر علي نص أمين من كتابنا المهمومين بثقافة هذا الشعب وتاريخه وما يمر به من تقلبات عديدة. وأعتقد أن موروثنا الشعبي يمكن أن نستلهم منه أعمالاً تستطيع أن تحيي المسرح المصري في ثوبه الحالي لما يعانيه ومن ضرورة أن نقدم مسرحاً للمواجهة. كما قال د. يحيي الرخاوي: "هناك فن رشوة وفن مواجهة" نحن في حاجة إلي فن يواجه واقع المجتمع المصري الآن بأحلامه وهمومه. ** ماذا يشغلك الآن؟ كتاب عن مسيرة الفن الشعبي في مرحلة ما بين السبعينيات وحتي الآن بعنوان: "فرقة النيل ياولداه من بلاد الله لخلق الله".