عشت مع هموم صاحبة قصة "دعاء اضطراري" التي تناولتموها منذ اسبوعين ورُحت اسأل نفسي ماذا أستطيع ان أقدم لها وهي الأم التي تعاني من رفض ولدها المريض الذهاب إلي الطبيب ومواصلة العلاج في وقت تزداد حالته الصحية سوءاً؟! تألمت لحال هذه الأم وأسرتها وهي التي كانت لا تفارقها الابتسامة ولا ينافسها أحد في المرح والضحك وما أعجب ولدها الشاب المريض وهو يهرب من آلامه بالغناء تلك الحيلة التي اتخذها ليخفف عن أبويه واشقائه مرارة ما يكابده من آلام مع احساسه الدائم برفض الطعام والعلاج! مضيت أفكر كيف اساندها في محنتها؟ وكيف تنجح في اقناع ابنها المريض في الذهاب وفوراً لاجراء المنظار وتحديد مكان النزيف الذي يعاني منه.. هل من المعدة أم الأمعاء؟!.. وجدتني لا أملك ما أهديه لها سوي قصة من الحياة قرأتها في كتاب "صور وخواطر" للشيخ علي الطنطاوي وهي لا تبعث الأمل فقط في ان الشفاء ليس ببعيد وإنما تضفي روح الدعابة التي بحاجة إليها هذه الأسرة عن أي وقت مضي. .. تروي القصة ما تعرض له المؤرخ العلامة الشيخ الخضري حين توهم ان في أمعائه ثعباناً فأخذ يراجع الأطباء ويسأل الحكماء فكانوا يستحييون منه ويكتمون الضحك من عجب ما يقول ويخبرونه ان الأمعاء يمكن ان تسكنها الديدان ولا يقطنها الثعابين.. وهو لا يصدق حتي وصل إلي عالم حاذق بالطب بصير بالنفسيات وصف له بعض المسكنات ثم أدخله المستراح "التواليت" وكان الطبيب قد وضع بداخله ثعباناً فلما رآه "الخضري" أشرق وجهه ونشط جسمه وأحس بالعافية!! .. ثم راح يعلق الكاتب بأنه ما كان للمؤرخ العلامة ان يشفي إلا حين ايقظ في نفسه تلك القوي النائمة وان في النفس الإنسانية لقوي إذا عرفناها لصنعت لنا العجائب!! .. حقيقة كم اتمني لصاحبة الدعاء الاضطراري ان تساعد ولدها علي ايقاظ هذه القوي الكامنة عسي ان تعيينه علي اجتياز حالة الامتناع والرفض التي تهدد حياته فربما يعاني منه مجرد "وهم"!! الصديقة سلمي الجيزة المحررة: بروح وثابة ذهبت لتبحثين عن شيء تهديه للأم المعذبة بمرض ابنها الشاب ورفضه التام للعلاج.. اخترت لها من بين قراءاتك هذه القصة الواقعية والطريقة في نفس الوقت لتحملين لها الأمل في ان شفاء ابنك ليس بالمستحيل وان كل ما عليه ان يستنهض قواه للتخلص من أي أوهام قد سيطرت عليه منذ ان اشتد به المرض وتوحش! هديتك ايتها الصديقة للأم المعذبة ذكرتني بدعوة الاطمئنان التي بعث بها استشاري الأمراض الباطنة والطب البديل د.مصطفي ياقوت لهؤلاء المرضي اليائسين من الشفاء ونصيحته لهم "اتركوا الخلايا المناعية تتكلم" مؤكداً ان العلم اثبت انه حينما ترتفع معنويات المريض وتتحسن تبدأ لغته المحادثة بين خلايا الجسم المناعية وهو ما يعرف ب "CrossTalk" وفي ظل وجود هذا الحوار بين الخلايا تزداد الافرازات الايجابية التي من شأنها التغلب علي الأورام السرطانية أو الفيروسات الكبدية. انتهي كلام الطب.. ويبقي ان اطمئنك واطمئن قراء هذه النافذة بأنني علي مدار هذين الاسبوعين لم يتوقف اتصالي بأسرة ذلك الشاب حيث أكد والداه انهما نجحا في اقناعه بالذهاب إلي طبيب آخر بخلاف ما اوصي بعمل المنظار وهو ما يرفضه تماماً وقد استطاع الطبيب الجديد قراءة حالة ابنهما جيداً فاستبعد المنظار ووضع خطة بديلة شجعت ولدها علي تناولها الأدوية رغم استمرار رفض المعدة لها وهو ما دعا الطبيب إلي طلب أشعة لمعرفة اسباب القيء المتكرر.. ولا تندهشوا لو علمتم ان الأشعة التي اوصي بها المعالج هي علي "قاع العين"!! ** وأخيراً ولمن لم يقرأ قصة "دعاء اضطراري" أذكر بأنها لأم فشلت في اقناع ولدها المريض بالذهاب إلي المستشفي لانقاذه من حالة النزيف الداخلي التي اصابته في اعقاب الأزمة الصحية التي مر بها حين خضع إلي "لرجيم" قاس مُكتفياً بتناول المشويات.. ولم يمض أسبوع علي الرجيم حتي بدأت المعدة ترفض أي شيء يصلها.. حالة افقدته 40 كيلو من وزنه في أقل من عام خاصة بعد ان اطلع طبيب سويسري علي تقاريره ورأي ان ما يعاني منه ليس مجرد ميكروب بالمعدة بل أشد من السرطان إذا استمر جسمه في رفض الطعام ولابد من تدخل جراحي سريع قبل ان يتهدده النزيف الداخلي ويدخل في مضاعفات لا يحمد عقباها!! انذار جاء متأخراً فقد بدأ النزيف ليعلن الابن الشاب عن رفض أية محاولات لنقله المستشفي لتركيب محاليل أو اجراء مناظير لتحديد موضع النزيف.. أكثر من شهرين وهو يرفض والأم تبكي هذا البكاء الذي لم يجد ما يخفف به عن أمه سوي ان تدعو الله له بأن يغيب عن الوعي ففي هذه الحالة فقط يمكنها الذهاب به إلي المستشفي وانقاذ حياته!!