في شهر فبراير 1966 ذهب الدكتور ثروت عكاشة إلي الرئيس جمال عبدالناصر يستأذنه في السفر إلي باريس لحضور الاجتماعات الطارئة للمجلس التنفيذي لليونسكو.. ويقول الدكتور عكاشة في كتابه "مذكرات في السياسة ج 1" انه بعد ان انتهي من عرض الموضوعات التي الرئيس ان يتحدث وهو في فرنسا عن معاونة فرنسا لمصر في انتاج القنبلة الذرية.. وفوجئ الدكتور عكاشة بهذا الطلب وقال: سيادة الرئيس هل تمزح؟ وهل هذا طلب جاد. رد عبدالناصر: إن ما اطلبه هو جد الجد لأن اسرائيل تمتلك الان قنبلة ذرية ومسئوليتي تحتم علي ضرورة ان تمتلك مصر وسائل ردع هذا السلاح. يضيف الدكتور عكاشة انه بعد انتهاء الزيارة قام بجمع المعلومات الضرورية عن القنبلة الذرية.. وقر رأيا للمحرر العلمي فرانسوا شلو.. الذي كتب في جملة الحقيقة ان جميع الدول تستطيع امتلاك القنبلة الذرية.. منها من يستطيع امتلاكها في خمس سنوات ومنها ما يمكنها امتلاكها في عشر سنوات ولكن لابد من توافر شروط ثلاثة.. اولا امتلاك الوقود الذري وهو اليورانيوم والتحكم في النواحي الفنية المعقدة للمولدات النووية التي ينتج عنها البلوتونيوم ثم تملك مصنعاً لتوظيف المواد المشعة.. وغير ذلك ومما قرأه أيضا الدكتور عكاشة أن المعدات النووية اصبحت سلعة تجارية وتستطيع أي دولة شراءها إن لم تكن لديها القدرة من الناحية الفنية والعلمية. المهم سافر الدكتور عكاشة إلي باريس واجتمع بمسيو لوي جوكر وزير الدولة الفرنسي لشئون الاصلاح الاداري وقال له إنه مكلف برسالة شبه رسمية من الرئيس عبدالناصر ويريد ابلاغها شخصياً للرئيس شارل ديجول.. وعرض عليه تفاصيل هذه الرسالة والتي تحتوي علي ثمانية طلبات كلها تتعلق بالنشاط النووي واقامة مفاعل نووي المهم ان كليهما اعلنا انها ليسا متخصصين في هذا الموضوع.. واعلن الوزير الفرنسي انه سينقل محتويات الرسالة كما تلقاها بالضبط إلي الحكومة الفرنسية.. علي أن يرد عليه في اقرب فرضة. ولكن الفرص لم تأت.. والرد لم يصل.. وقام المشروع.. وكانت مصر تمتلك مفاعلاً نووياً في انشاص ولديها نخبة متميزة من علماء الذرة.. وكان يمكن لهذا المفاعل ان يكون نواة الحلم النووي ولكن بعد عام 1967 أهملنا الاستفادة بهذا المفاعل وبحثنا عن بديل فوجدنا الضبعة في الساحل الشمالي مكانا مناسبا لاقامة مفاعل للاغراض السلمية.. وانفقنا عشرات الملايين علي دراسته ولكن.. المشروع توقف مرة أخري بعد سنوات من البحث وأخيراً لجأت مصر إلي روسيا في محاولة منها لاحياء الحلم النووي في الاغراض السلمية ومحاولة احياء اقامة المفاعل النووي في الطبيعة.. وحتي الان لم يتحقق الحلم النووي للمصريين ولم تنتج مصر القنبلة الذرية التي كان يحلم بها عبدالناصر لدرء خطر قنبلة اسرائيل.