لفت نظري لوحات كاريكاتير علي الرصف بأحد شوارع مدينة نصر تحوي رسوم نقد لاذعا للرئيس مرسي بعضها قد يصنف في إطار الخروج عن الالتزام بأديبات وأخلاقيات حرية التعبير التي تكفلها مواثيق الشرف الإعلامية وحقوق الإنسان وشاهد شاباً يقف علي الرصف مع زملائه طالباً من سائقي السيارات التبرع من أجل شراء الألوان اللازمة لاستكمال الرسوم الناقدة للرئيس والرافضة للإخوان علي حد تأكيد الشاب لي. مددت يدي وأعطيت الشاب بضعة جنيهات قائلة له : "أنا لست ضد مرسي ولكني سأتبرع لك فقط لإثبات أني مع حرية التعبير" وبمجرد أن أنهيت كلماتي المقتضبة حتي وجدت الشاب الذي كان يحدثني برأس مرفوعة وملامح تكسوها الفخر والإعجاب بالذات وتعلوها مسحة من الثقة إلي حد الغرور. وجدت هذا الشاب وقد نكس رأسه رويداً وارتسمت علي وجهه علامات الخجل ومد يده آخذاً النقود وقائلاً : شكراً لك يا مدام!! والحقيقة أن هذه الرسوم لم تثر غضبي بقدر ما أشعرتني بثقة بالغة في أن مصر تسير نحو تحقيق أهداف ثورتها التي كانت الحرية أحد أضلاعها الثلاث وهي "عيش حرية عدالة اجتماعية" فإن نتقد الرئيس إلي حد قد يصل للسب لا أعتبره إهانة له ولا فشل يضاف إلي رصيده بقدر ما أعتبره نجاحا يحسب له في هذه الفترة الحرجة وسيؤرخ التاريخ أن مرسي كان أول رئيس لمصر جاء بانتخاب حر مباشر وسمح لشعبه أن يتعلم فيه كيفية ممارسة الديمقراطية بكل ما يصاحب تلك الممارسة من لغط وخلط وانفلات أخلاقي إلي أن تهدأ عواصفها وتستقر ذرات غبارها حتي يتعلم الشعب ويتعود المواطنون علي ممارسة التعبير عن الرأي بديمقراطية صحيحة دون خروج عن ميثاق الشرف الإعلامي .. تبقي أمنية خاصة بعد رؤيتي للحملة التبرع من أجل حرية نقد رئيس الجمهورية حيث أتمني أن أري حملة تبرع علي الأقل من أجل شراء سلات للمهملات بدلاً من المتهالك منها والمنعدم ليتم إلقاء القمامة بها في شوارعنا بدلاً من إلقائها في عرضه .. وليكن عنوانها "تبرعوا لنظافة بلدكم" كخطوة أولي نحو تحسين البيئة وتشجيع السياحة.