إنسان العصر الحديث.. أصبح غارقاً في عذاب الضوضاء! والحياة حولنا يسكنها الضجيج والازعاج ويحيط بها الصخب من كل جانب! والإنسان الذي يعاني من الضوضاء.. هو نفسه الذي يصنعها! وتشير الاحصاءات إلي أن الملايين أصبحوا يعانون من فقدان دائم للسمع.. ويصابون بالصمم الناجم عن الضوضاء التي نتعرض لها يومياً.. ويستوي في ذلك الأطفال والكبار! ويحذرنا العلماء من أنه ما لم نتحرك بجدية وعلي الفور لحماية آذاننا من مخاطر الضجيج وصخب الحياة العصرية.. فسوف نواجه عاجلاً أو آجلاً مصاعب جمة في سماع من يتحدثون إلينا أو في فهمهم! أما الحقيقة المؤلمة.. فهي أن الكثيرين منا يتحملون المسئولية عن فقدان قدرتهم علي السمع أو المعاناة من الصمم. حسبما تقول الكاتبة كاترين بوتون في كتاب بعنوان: "الصراخ لا يفيد.. لماذا لا نستطيع أنا و50 مليون أمريكي آخرين سماعك؟". السبب.. هو الضوضاء التي نشعر معها بالسعادة.. ونتعرض لها بشكل يومي! والمقصود بهذه الضوضاء هو الأغاني والموسيقي التي نسمعها من خلال الأجهزة المحمولة.. وكذلك مجففات الشعر وأبواق السيارات والمكانس الكهربائية. وما لا يعد ولا يحصي من مصادر الضجيج وذلك علي الرغم من آلاف الاجراءات المتخذة لحماية العاملين في بيئات صاخبة! وتقول الكاتبة.. إننا نعيش في عالم صاخب.. ويوماً بعد يوم يصبح عالمنا أكثر صخباً وضجيجاً.. وتأتي الشكوي من الضوضاء داخل المطاعم الأمريكية في المرتبة التالية بعد سوء الخدمة في هذه المطاعم. حيث يعتقد أصحاب هذه المطاعم أن انفاق الناس علي الطعام والشراب يزيد إذا كان المطعم صاخباً ومزدحماً.. وأصبحت المطاعم تخصص أماكن جديدة تكون الأصوات فيها مرتفعة أو تعدل الأماكن القديمة لرفع مستوي الصوت فيها! وتشير الكاتبة إلي أنها عندما تسمع عن افتتاح مطعم جديد فإن أول سؤال تطرحه: "هل هو صاخب".. وتقول إنها وأصدقاءها لا يعودون إلي أي مطعم تمنعهم الضوضاء فيه من سماع بعضهم البعض وهم جالسون علي مائدة واحدة! إن الأذن عضو حساس يتأثر بسرعة.. والأصوات تتسبب في اهتزاز طبلة الأذن وهي غشاء رقيق ينقل الاهتزازات إلي الأذن الداخلية. حيث توجد بها خلايا تسمي الخلايا الشعرية وهي متصلة بالألياف العصبية السمعية التي تنقل الاهتزازات للمخ فيترجمها الي كلمات أو نغمات موسيقية أو صوت سيارة تقترب منك. ولاشك أن ارتفاع الصوت ومدة التعرض له يؤثران علي الأذن.. كما أن الضوضاء العالية جداً.. أو التعرض الدائم للأصوات حتي لو لم تكن مرتفعة يؤذي الأذن ويتسبب في تدهور أعداد الخلايا الشعرية وما نفقده من هذه الخلايا لا يعوض مرة أخري.. ومن هنا نفقد الاحساس بالصوت تدريجياً! ويشير العلماء إلي أن آثار التعرض للضوضاء مسألة تراكمية.. فرغم وفرة الخلايا الشعرية التي نولد بها فإن الكثير منها يتعرض للتلف مع تكرار تعرضها للأذي بسبب الأصوات العالية. ويري الأطباء ضرورة استخدام سدادات الأذن عند استعمال مجفف الشعر والمكنسة الكهربائية أو سد الأذنين بالأصابع عند سماع سارينة سيارة الاسعاف أو المطافئ.. ويؤكدون أن حماية السمع والحفاظ عليه تمثل ضرورة بالنسبة لمن يطلقون المدافع أو يستقلون الدراجات النارية أو يقومون بتشغيل المعدات الثقيلة. لكن الأمر الأكثر صخباً وخطورة هو أجهزة الراديو والتسجيل والأجهزة المحمولة التي تستخدم في تشغيل الموسيقي والاستماع لها بسماعات الأذن.. فهي تعوق القدرة علي سماع ما حولنا لأننا نقوم بتعليتها حتي لا يشوش علينا أحد ولا ندري أننا بذلك ندمر آذاننا! وبشكل عام.. إذا استطاع الآخرون سماع ما تستمع إليه من خلال سماعات الأذن فمعني ذلك أن الصوت عال جداً ويشكل خطراً علي حاسة السمع لديك! هذا عن أمريكا.. وعن غيرها! أما عن الضوضاء عندنا.. فحدث ولا حرج.. فبالإضافة لما سبق.. نحن نتفوق علي العالم من حولنا بوجود أفراح الشوارع وسرادقات العزاء التي تستخدم الميكروفونات وأجهزة ال"دي جي" في الشوارع لإزعاج خلق الله! ويضاف لما سبق.. مركبات "التوك توك" التي يقوم الصبية فيها بتشغيل الأغاني الصاخبة عبر سماعات تهز المباني.. وزحام الشوارع واستخدام السيارات آلات التنبيه "عمال علي بطال"!! ندعو الله أن يرحمنا من الضوضاء والصخب والضجيج.. وكلها تدمر الأذنين وتتلف الأعصاب.. ويمكن أن تقودنا إلي الجنون لا قدر الله! ** أفكار مضغوطة: الذكاء يمكنه تحويل القبح إلي جمال.. بينما لا يستطيع الجمال إصلاح الجهل! سقراط