* يسأل ياسر محمد فتح الباب صاحب محل مبيدات زراعية بالمنيا: ماهو مفهوم عصمة الدماء في الإسلام.. وكيف حافظ الإسلام علي حرمة الدم وعمل علي صيانتها.. وشدد علي القصاص من القتلة؟! ** يجيب الدكتور أحمد محمود كريمة أستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر الشريف: موضحاً أن العصمة المقومة هي التي يثبت بها للإنسان وماله قيمة بحيث يجب القصاص أو الدية أو الضمان علي هتكها. وثبتت هذه العصمة الشرعية بأدلة القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع والمعقول. أما دليل الكتاب: يقول الله عز وجل "ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق" وقوله سبحانه "ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعدّ له عذاباً عظيماً".. وكذلك "أنه من قتل نفساً بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعاً". ودليل السنة: قول رسول الله صلي الله عليه وسلم :- "لا يحل دم امرئ إلا بإحدي ثلاث: الثيب "المحصن" الزاني. النفس بالنفس. التارك لدينه المفارق للجماعة" أخرجه الشيخان: البخاري ومسلم . "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم بينكم حرام كحرمة يومكم هذا" فتح الباري 1/158 . "كل المسلم علي المسلم حرام ماله ودمه وعرضه" صحيح مسلم . "أول ما يقضي بين الناس يوم القيامة في الدماء" صحيح مسلم . والإجماع:- أجمع المسلمون سلفاً وخلفاً في جميع الأعصار والأمصار علي حرمة القتل بغير حق. والمعقول هو أن حفظ النفس الآدمية من الضروريات التي هي أقوي الصالح لأن "مقصور الشرع من الخلق: أن يحفظ عليهم دينهم ونفسهم وعقلهم ونسلهم ومالهم" ولا يقتصر الأمر علي المسلم فقط. بل لكل بني البشر. فالأصل في العلاقات والمعاملات مع غير المسلمين "وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ولاتعتدوا إنّ الله لا يحب المعتدين". "فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم وألقوا إليكم السلم فما جعل الله لكم عليهم سبيلاً" وقوله "لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين" الآية 8 سورة الممتحنة "فاعفوا واصفحوا حتي يأتي الله بأمره إن الله علي كل شيء قدير" الآية 109 سورة البقرة . * هذا وقد أجمع الفقهاء علي أن الدماء والأعراض والأموال مصونة في الشرع. وأن الأصل فيها الخطر. ولايستباح ولا يراق منها شيء إلا بيقين. * إن دائرة القتل محصورة ومقصورة في أضيق الأحوال أما في غير الحروب الدفاعية المشروعة فبعد ثبوت جرائم لها عقوبات القتل بواسطة القضاء مع الأخذ في الاعتبار بتلمس "الشبهات" للحيلولة دون توقيع عقوبة "القتل" والركون إلي "العفو" مع حتمية وضمان العمل القضائي بشروطه وآلياته بدرجاته ولا يقام ذلك تنفيذاً إلا بإذن صريح من الحاكم ولي الأمر. وأما في الحروب المشروعة التي هي ضرورة ملجئة لابد من تلمس اجتناب وصفها القرآني المنفر "حتي تضع الحرب أوزارها" سورة محمد . لابد من الانذار وعرض الجزاء المالي أو اعتناق الإسلام أو الكف عن المسلمين بمعاهدات سلمية. وكلها "تدابير وقائية" لصيانة الدماء البشرية. * أما القول بغير هذا فقول فصل لا يحسب علي الشرع المطهر ولا علي ذاتية ورسالة وجوهر ومقاصد الدين الحق.