المثل الأعلي سبيل مهم إلي الانتماء الظاهرة الاجتماعية الواضحة. إن المجتمع الذي يبرز موهوبين في مجال ما. يبرز بالتالي تلاميذ في نفس مجال الموهبة . ويتحول هذا العشق . أو الموهبة إلي خاصية في تكوين المواطن عموماً . البرازيل التي أنجبت بيليه وجارينشيا وزيكو. هي البرازيل التي يملأ ملاعبها عشرات المواهب في كرة القدم . والعقلية العلمية التي يتسم بها الشعب الألماني. أصحبت تعبيراً عن الحياة الألمانية. والدأب وحب العمل والابتكار صفة لمجموع الشعب الياباني. المثل الأعلي إذن هو ما يبحث عن الشباب في طريق الانتماء إلي الوطن. والمثل غالباً يتحدد في الشخصيات البارزة في مجالات الحياة المختلفة. بدءاً بالزعيم السياسي. وانتهاء بلاعب الكرة. مروراً بالباحث والطبيب والأستاذ الجامعي والأديب والشاعر والفنان التشكيلي والممثل إلخ. المثل الشعبي يتحدث عن الذي لا يعجبه العجب ولا الصيام في رجب . نادراً ما تجد شخصية ترقي إلي مستوي المثل الأعلي. وفي المقابل. فإن النماذج الهشة. مابين وصولية وانتهازية وساعية إلي الكسب الحرام. تعطي المثل المناقض. فيبدو المثل الأعلي غائباً ومفتقداً . ولعلنا نذكر شخصية يوسف عبد الحميد السويفي في رواية فتحي غانم الرجل الذي فقد ظله ومحجوب عبد الدايم وحسنين كامل علي ورءوف علوان وسرحان البحيري في روايات نجيب محفوظ. المثل الأعلي الذي ينتظره الشباب في هذا الزمن يجب أن تتوافر فيه خصائص. هي التي يحتاج إليها الشباب فعلاً: الانتصار علي عوامل السلبية والإحباط والتشاؤم . والبعد عن المغريات. وقياس جهد الإنسان بما يضيف إلي مجتمعه . لا بما يستلبه من هذا المجتمع . إلخ. هذا هو المثل الأعلي كما ينبغي أن تكون صورته. وقد عاني تاريخنا المعاصر تحديداً من تشويه متعمد. أساء إلي قيم ورجال . فغاب الهدفالنبيل عن غالبية الذين خرجوا في اتجاه هذا الهدف. بينما يغيب المثل تماماً في النماذج الهشة والمتكالبة. الشعور بالانتماء لن يتحقق إلا إذا تواءم الشعار مع التطبيق في حياتنا. يتوافر المثل والقدوة. يشعر المواطن بأن ما يجري عليه يجري علي غيره . المثل يقول : المساواة في الظلم عدم . فما بالنا بالمساواة في العدل؟ الأهم أن يشعر المصري أن مصر هي مصره. بلاده التي ينتمي إليها. وأن الآخرين ينتمون إليها. وينتمون إليه. يشعر بأن الذي يتعامل معه هو مواطن مثله. وأن تعود تلك المشاعر القديمة التي كادت تضيع: التكافل والمشاركة والإحساس بالآخرين.