"بس مين يفهم" ديوان الشاعر مسعود شومان احتشد له عدد كبير من الشعراء والنقاد لمناقشته والاحتفاء بصدوره في ورشة الزيتون الأدبية. ورغم الأجواء الباردة التي ضربت البلاد ليلة الندوة الاثنين الماضي فقد امتلأت ورشة الزيتون عن آخرها بالحضور خاصة من شعراء العامية الذين ينتمون لجيل الثمانينيات. الندوة التي قدمها الكاتب محمد ابراهيم طه قرأ خلالها مسعود شومان مجموعة مقاطع من ديوانه الجديد "بس مين يفهم" وهو الديوان الثامن له ويضم قصيدة واحدة حاول فيها مسعود شومان الكتابة في كافة الأشكال الشعرية والاتكاء علي الموروث الشعبي واستخدام تقنيات جديدة في الكتابة. الأمر الذي اعتبره البعض مغامرة جديدة في قصيدة العامية المصرية. اعتبر الشاعر محمود الحلواني هذا الديوان استمراراً للمغامرة التي خاضها مسعود شومان في ديوانه السابق. وهي مغامرة محفوفة بالمخاطر حيث سعي إلي استلهام بنية حكائية شعبية تجمع بين المقاطع الحكائية والشعر. فسر الحلواني فكرة المغامرة بأن السيرة تدور حول حدث أو شخص يتتبعه أو يتقصاه الراوي فيكون هناك محور سردي درامي. ويصبح أمام القارئ حافز يجعله يستمر في المتابعة. لكن مسعود شومان حاول أن يوجد بنية شعبية سردية بعد تغريفها من المحور الخشن للدراما أو الحدث. هناك حافز جاء به مسعود شومان رصده الحلواني بقوله إن الحافز الذي يدفع القارئ للاستمرارية أن هناك بنية مفتوحة. وقد أدت هذه البنية إلي اتساع دلالاتها في الأدوات فهناك موال صريح وموال مضمر وسرد ونثر وأمثال وتاريخ شعبي. الحافز في تصوري هو الرؤية وليس الشخصية. الرؤية هي التي حفزت. الشاعر يري ان الاكاذيب هي التي تسود بينما الحقيقة مهانة.. وهذه الرؤية أوجدت مساحات درامية ولكنها جزئية. هناك درامات صغيرة تقوم علي الرؤية التي طرحها مسعود. الكاتب والباحث هشام عبدالعزيز نظر إلي الديوان من منظور ثقافي واختلف مع القول بأن شومان دخل إلي هذا الديوان بقصديه. وقال إن خبرتي كقارئ تؤكد ان هذه النوعية من الكتابة لا يمكن ان تكون متعمدة. التخطيط تم علي مستوي البنية العامة. لكن الروح الموجودة في الديوان لا يمكن الدخول إليها بقصديه. إن بناء هذا الديوان كما أوضح هشام عبدالعزيز يقترب من بناء السيرة. بناء السيرة له آلية لم تكن متاحة لمسعود شومان. لقد دخل إلي منطقة مخيفة يريد أن "يقلب الترابيزة" فهو لا يكتب نصا لكنه يكتب خطابات واسعة حركة الضمائر فيها حرة بدرجة مخيفة. هذا البناء السيري بإطاره المرن هو الذي يعتمد عليه مسعود شومان وهي مغامرة كبري. هو يحاول الثورة علي بني تقليدية في الكتابة الشعرية لكنه لا يملك الادوات المطروحة في السوق للثورة فيثور ببني تقليدية. وقال يسري حسان ان أوضح ما في هذا الديوان عنوانه المتسائل. وظني أن السؤال هنا استنكاري وليس سؤالا استفهامياً. الشاعر كان موفقا في عدم وضع علامة الاستفهام في آخر الجملة. والعنوان ينسحب علي الديوان ككل. أضاف أن مسعود شومان ربما أراد بهذه القصيدة شبه الملحمية ان يستعرض مهاراته الشعرية الفائقة. ويقول هنا شاعر كبير وموهوب "بس مين يفهم". تحدث في الندوة أيضا عدد من الأدباء والنقاد في مداخلات سريعة.. قالت سامية أبوزيد ان الديوان في حاجة إلي خلفية ثقافية واسعة لاستيعابه والكتابة هنا ذكية وقد وصلني ان الشعر هو أصدق الكلام. وقال سيد الوكيل ان مسعود شومان يمتلك ذاتا ثقيلة. عباءة فضفاضة قادرة علي احتواء. ليس معجم شعري ولكن معجم كوني دلالاته أوسع من اللفظ. ديوان سرب مفاتيحه للقارئ وإن كانت المفاتيح من الكثرة بحيث ان أحداً لا يستطيع أن يأتي بكلمة تحسم أمر الديوان. أضاف شعبان يوسف ان تجربة الديوان يحكمها الوعي الشديد بما يكتب. وهي تجربة ثرية وغنية بمفردات كثيرة. وقال خالد محمود إن الديوان غني للغاية ويحتاج إلي قرارات متعددة. وأشار جواد البابلي إلي أن الديوان يعد سيرة للشاعر يقدمها حسب رؤيته للعالم.