باستثناء القرآن الكريم الذي أنزل علي خاتم المرسلين وإمام المتقين محمد صلي الله عليه وسلم. فقد وردت بشارات وإشارات وتنبؤات كثيرة عن النبي في الكتب المقدسة. خاصة التوراة والانجيل. مما دفع باحثين من كبار دعاة المسلمين إلي تناول ذلك بالشرح والتفصيل في كتابين هامين أيضا.. الأول هو كتاب "محمد في التوراة والانجيل والقرآن" للمؤلف الشيخ ابراهيم خليل أحمد من كبار علماء النصاري منّ الله عليه بالإسلام. والثاني هو كتاب "محمد في الكتب المقدسة" للباحث المصري جمال زكريا. والكتابان أجادا رصد صفات النبي صلي الله عليه وسلم في الكتب المقدسة وكانا بمثابة الدعوة والمناظرة بالدليل العلمي والنافذة التي تنفرد بالكثير من الحقائق التي لا يعلمها الكثيرون عن تلك الصفات. متخذين هدفاً أساسياً هو أن يهدي الله الإنسان إلي الطاقات العظمي لنعمة العقل لتكون أساس الإيمان. ويدرك يقيناً أن الله وحده هو خالق هذا الكون. وأنه هو الرازق والغفور الرحيم. وأن البشر جميعهم سواسية أمامه لا فضل لأحد علي الآخر إلا بالتقوي. ينطلق الكتاب الأول من هذا المعني.. فيقول المؤلف في مقدمة الكتاب: وفي هذا يقول نبي الله داود عليه السلام "باركي يا نفسي الرب ولا تنسي كل حسناته الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل أمراضك". بل يؤكد أن الغفران لله جل شأنه وحده فيقول "عند كثرة همومي في داخلي تغرياتك تلذذ نفسي". وبهذا يخلص إلي الحقيقة التي يؤمن بها المسلم والتي يوضحها قول داود عليه السلام "كنت تراقب الآثام يارب يا سيد فمن يقف لأنه عندك المغفرة لكي يخاف منك". فيؤكد أن الطريق إلي الله واضح المعالم. والوصول إليه رائدة المنطق والعقل. والرسالات السماوية جميعها تناشد الإنسانية ما قاله المسيح عليه السلام "الله روح والذين يسجدون له فالبروح والحق ينبغي أن يسجدوا". وفي هذا المعني يقول سبحانه وتعالي: "فأينما تولوا فثم وجه الله". يقول المؤلف: والذي حفزني إلي البحث بغية النفع العام هو ما تنبأ به المسيح عليه السلام عن الرسول الكريم سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم بقوله: "الحجر الذي رفضه البناءون هو قد صار رأس الزاوية من قبل الرب كان هذا وهو عجيب في أعيننا. لذلك أقول لكم إن ملكوت الله ينزع منكم ويعطي لأمة تعمل أثماره". ومن دواعي الاطمئنان واليقين أن هذا السند يرتبط ارتباطاً وثيقاً بقوله تعالي: "الرسول النبي الأمي الذي يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة والانجيل". من هنا بدأت في اطمئنان ويقين تام أبحث عن هذا الرسول النبي الأمي الذي تنبأ عنه المسيح عليه السلام وأشار إليه بقوله: "المسيا المنتظر". ومن هنا بدأت أربط بين رأي آريوس في القرن الثالث الميلادي وآراء لوثيروس في القرون الوسطي والنبوءات العديدة في التوراة والانجيل والأنبياء والمزامير عن المصطفي حتي مكنني الله من إخراج هذا المؤلف الطيب لأمة خيرة. يتضمن كتاب "محمد في التوراة والانجيل والقرآن" للمؤلف الشيخ ابراهيم خليل أحمد أربعة محاور أساسية ارتبطت برسالة النبي صلي الله عليه وسلم أو انطلقت منها وهي 1- الوحدانية. 2- الغفران. 3- المبادئ وتقويمها بالأشخاص. 4- الرسالات السماوية.. ومع تأمل تلك المحاور الأربعة وما يربطها برسالة النبي صلي الله عليه وسلم نجد أن ما تناوله القرآن الكريم -كما يقول ابراهيم خليل- هو الأمر الذي يستطع العالم وغير العالم فهمه واستيعابه وإدراكه والإيمان بما يتضمنه من المعاني. من غير إجهاد الفكر أو عناء الدرس والتحصيل. يعطي ابراهيم خليل مثالاً لأحد تلك المحاور.. فيقول عن الوحدانية مثلاً أنه قارنها بتلك التي وردت في انجيل متي في الباب الأول والعدد الأخير: الأب والابن والروح القدس "إله واحد آمين". ويضيف: وعند دراستي النص الأصلي علمت أن هذه العبارة لم ترد في الأصل اليوناني. هذا بالإضافة إلي بلبلة أفكار عامة الناس وحيرة جهابذة العلماء في الدفاع عن هذه العقيدة السقيمة التي كشف التاريخ عنها القناع. وأكد العلامة جارسلاف كريني أستاذ الحفريات من جامعة أكسفورد في كتابه "ديانة قدماء المصريين" أن عقيدة التثليث مستمدة من الوثنية الفرعونية. يركز ابراهيم خليل علي أهم صفات النبي صلي الله عليه وسلم في واقع حياته.. فيري أن ما زاد إعجابه وإجلاله للمسلمين أن سيد القوم يقف بجانب المواطن العامل والمزارع والتاجر والموظف. والمسلمون كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضاً. راكعين. ساجدين يخشون ربهم ويرجونه الرضا والعفو. فأيقنت أن مجد الإسلام والمسلمين في هذا التساند الجميل. والتآخي الحبيب "لا فضل لعربي علي أعجمي ولا لأعجمي علي عربي ولا لأحمر علي أسود ولا لأسود علي أحمر إلا بالتقوي". وعلي ذلك المنهج الدقيق في الرصد يتناول جمال زكريا مؤلف الكتاب الثاني "محمد في الكتب المقدسة" مجموعة من صفات النبي صلي الله عليه وسلم. وما ورد بشأنها في التوراة والانجيل وانجيل برنابا ويلحق ذلك بفصل يعرض فيه تنبؤات النبي صلي الله عليه وسلم إلي قيام الساعة وما تحقق منها في زماننا والغيبيات التي تنبأ بها الرسول محمد في حياته. بالإضافة إلي أشراط الساعة. ثم يلحق ذلك بفصل حول معجزات الرسول وزوجاته وجوانب من أخلاقه صلي الله عليه وسلم ويعرض لأربع عشرة بشارة عن النبي من بينها ما بشر به داود نبي الله عن جهاد النبي للمشتركين وأنه سيد المرسلين في المزمور 45/1-17. وكذلك ما ورد في سفر إشعياء 60:7 للنبي القادم. حيث يقول: إن كل أبناء قيدار ونبايون أبناء اسماعيل سيجتمعون تحت أمرته وسيذبحون الهدي أثناء الحج في بيت الله. وكذلك يتحدث المؤلف بدقة راصداً كثيراً من البشارات والتنبؤات بمحمد صلي الله عليه وسلم مثل ما ورد في الإصحاح 45 وعنوانه قيامة الأموات علي لسان أخنوخ "ادريس". وما ورد علي لسان يعقوب في سفر التكوين 49/10. وما ورد عن النبي ميخا حين يخبر عن الوقوف بعرفة. وكذلك ما ورد علي لسان المسيح بن مريم يبشر تلاميذه بنبي مثله ومعي وحي الله الذي يمكث معهم إلي يوم القيامة. خاصة في انجيل يوحنا 14/.16 ويجمع الكتابان والمؤلفان اللذان يتباريان في رصد صفات النبي صلي الله عليه وسلم علي أن الله قد أرسل محمداً صلي الله عليه وسلم بقواعد الحق. ومبادئ الفطرة السليمة التي تصلح بها أمور الناس في الدنيا والآخرة. والتي يتقبلها العقل البشري بقبول حسن إذا بعد التأثر برواسب الجهل. وبواعث الانحراف والضلال ومن تقليد الآباء والإعجاب بمظاهر دنيوية لا تمت إلي الحق والخير بصلة. وإذا أراد الله بعبد من عباده الخير والهداية بصره بما في الحق من جمال وانسجام. وبما في تلك العوامل والبواعث من انحراف عن الصراط المستقيم. واتجاه إلي سوء المصير. فسلك إلي الحق طريقه. وبعد عن طريق الهلاك. كما قدم كلاهما دراسة عاقلة بصيرة تقدم الأدلة الصادقة علي أن من توجه إلي الله قبله. ومن تقرب إليه شبراً تقرب الله منه ذراعاً. ومن تقرب إليه ذراعاً تقرب منه باعاً. فكانت الدراسة بمثابة المصباح الذي أضاء جوانب القلب. ويوجه إلي البحث عن الحقيقة. فبدا لي أن كليهما رأي أن من أول الواجبات عليه أن يضع تحت سمع الناس وبصرهم ما وفقه الله إليه من دلائل الحق ومعالم الهدي. لينبه به الغافلين ويحفز إلي التفكير همم العاقلين.