علي الرغم من ارتفاع نسبة الأمراض المزمنة والخطيرة في مصر بنسب تجاوزت المعدلات العالمية بمراحل بعيدة.. فإن ثمة أملا كبيرا يبعث علي الثقة في مستقبل هذا البلد إذا ما أحسن استخدام موارده وكوادره وكفاءاته العلمية في كل مجال ومكان. ولا يكاد يمر يوم من دون أن يشهد علي عظمة وعبقرية المصريين وعطائهم وإسهاماتهم الحضارية في العالم كله ناهيك عن الجنود المجهولين في هذا الوطن. في جامعاته ومراكز أبحاثه. وكم من بحوث علمية تحتويها الأدراج لو خرجت ووجدت طريقها للتطبيق لغيرت خريطة مصر وربما خريطة العالم علميا واقتصاديا. من الأمراض الفتاكة الكبد الوبائي "C" الذي تبلغ نسبة المصابين به من المصريين نحو 20%.. وفي مصر أيضا صرح بحثي عملاق هو "معهد تيودور بلهارس" بمدينة الوراق. الذي تجري به جهود دءوبة لمكافحة الأمراض المزمنة وتوفير مواد تشخيصية لإجراء التحاليل كشفا للإصابة بأمراض الكبد وسرطان الدم والدرن والأمراض الوراثية وغيرها. "المساء" قامت بزيارة للمعهد والتقت زمرة من أطبائه وباحثيه الذين كشفوا عن مفاجآت علمية في الطريق حيث يجري تنفيذ مشروع مع أكاديمية البحث العلمي لإنتاج دواء "الانترفيرون" المصري طويل الأمد لتخفيض أسعاره ودخول المنافسة مع الشركات العالمية التي تحتكر إنتاجه ووصلوا لمرحلة النصف صناعي بعد انتهاء مرحلة إنتاجها معمليا وذلك كله داخل المعامل والورش الخاصة بالكيمياء الحيوية والهندسة الوراثية سواء بجهود مصرية أو مشاريع علمية مشتركة مع الدول الأوروبية. يقول د.محمد علي صابر رئيس وحدة التكنولوجيا الحيوية والهندسة الوراثية بالمعهد إن أبحاثنا العلمية ومجهودات الوحدة تسير في اتجاهين أولهما علاج مرض الكبدي الوبائي "C" وهو دواء "الانترفيرون" مرتفع التكلفة حيث يتم استيراده عن طريق شركتين عالميتين تحتكران إنتاجه لذلك قمنا بتنفيذ مشروع مصري بالتعاون مع أكاديمية البحث العلمي لإنتاج "الانترفيرون" المصري طويل المفعول بالخبرة المصرية باستخدام طرق الهندسة الوراثية وانتهينا من مرحلة المعمل ووصلنا لمرحلة نصف الصناعي مما سيحدث طفرة في أسعاره وتخفيضها والدخول في مرحلة المنافسة مع الشركات العالمية والقضاء علي احتكارها للدواء. يضيف أما الاتجاه الثاني فهو تحضير مواد التشخيص التي تجري بها التحاليل بطرق بسيطة وغير مكلفة وبنفس الدقة لمثيلتها المستوردة من أجل تخفيض تكلفة التحاليل لاكتشاف الإصابة بأمراض الكبد.. وكذلك العديد من الأمراض الأخري حيث تجري بالمعهد تحاليل واختبارات تصل ل20 اختبارا يتم بها الكشف عن الأمراض الفيروسية والبكتريا مثل الدرن وبعض الأمراض الوراثية. أكد أن تلك الجهود البحثية تهدف لخدمة المرضي والتخفيف عن كاهلهم.. حيث تجري هذه التحاليل داخل المعهد ب200 جنيه وبالمجان للمرضي غير القادرين الذين تدرس حالتهم الاجتماعية داخل وحدة فحص الحالات بالمعهد. يؤكد د.صابر أن المعهد لديه المعامل المجهزة بأحدث الأجهزة والتقنيات العلمية لإجراء الأبحاث وتحويلها طبية.. فهناك وحدة تحضير وإنتاج الأدوية المهندسة بطرق وراثية مثل جهاز فصل الانترفيرون والذي يصل سعره ل600 ألف جنيه.. وجهاز التقدير الكمي للفيروسات وتحليلها وتبلغ قيمته نحو 400 ألف جنيه للوصول بالأبحاث العلمية لأعلي نسبة نجاح علمي ومعملي. يقول د.محمد عباس شميس "أستاذ الكمياء الحيوية": بحوثنا العلمية تجري داخل المعامل والورش المجهزة بأحدث الأجهزة في عهد تيودوربلهارس بالتعاون مع الدول المتقدمة علميا مثل فرنسا الهدف منها إنتاج مواد تشخيصية تستخدم في التحاليل الطبية للكشف عن الفيروسات المسببة للأمراض باستخدام أحدث التقنيات العلمية وبأسعار مخفضة لخدمة المرضي. يضيف شميس: التعاون مع الجانب الفرنسي بدأ من 6 سنوات مع جامعة "رن" بهدف توسيع مجالات التعاون العلمي والأبحاث المشتركة بيننا لتطبيق تقنيات النانو تكنولوجي لتطوير وسائل تشخيص جديدة للكشف عن مسببات الأمراض مثل الالتهاب الكبدي الفيروسي وهي تقنية تتميز بالحساسية والدقة وتغني عن اللجوء لأجهزة معقدة تتيح سرعة الوصول للنتائج بتكلفة منخفضة مما يجعلها متاحة وميسورة لقطاع عريض من المرضي في مصر. أضاف: الأبحاث المشتركة في تقنية النانو تكنولوجي وصلنا فيها لمراحل تطويرها النهائية وتحتاج لمدة عام حتي تخرج للتطبيق والتي ستساعد علي تخفيض تكلفة التحاليل الطبية لتشخيص الإصابة بمرض الالتهاب الكبدي لتصل لنحو 100 جنيه بدلا من التكلفة الحالية التي تتراوح بين 500 و700 جنيه في معامل التحاليل. قال إن أبحاثنا العلمية مستمرة للاستفادة من التقدم العلمي في مجال الكيمياء الحيوية لذلك بدأنا التعاون منذ عامين مع جامعة "فيليب" بألمانيا لتدريب الباحثين بالمعهد هناك علي تطبيق استخدام تكنولوجيا "النانو تكنولوجي في تشخيص وعلاج أمراض الكبد كما أننا نبذل جهودا أخري محلية داخل قسم الكيمياء الحيوية بالمعهد وتوصلنا بالفعل لإنتاج مواد تشخيصية باستخدام تقنيات البيولوجيا الجزئية للكشف عن فيروس الالتهاب الكبدي B وانتجت بالفعل وهي حاليا طور الإعلان عنها تسويقيا بهدف تقليل استيراد هذه المواد وتوفير العملة الصعبة وتخفيض التكلفة. يؤكد د.شميس إن إنتاج وتوفير المواد الطبية لإجراء التحاليل الطبية للكشف عن الإصابة بالمرض من شأنه تخفيض أسعار التكلفة وإتاحة الفرصة أمام المرضي من جميع الفئات لإجراء التحاليل واكتشاف الإصابة مبكرا وسرعة الشفاء كما تشمل الأبحاث إنتاج المواد الطبية التي تجري بها التحاليل والاختبارات للكشف عن الإصابة بالأمراض الكبدية وغيرها من الأمراض الميكروبية "كالدرن". يؤكد د.محمود رميح رئيس قيم الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزئية أن معهد تيودور بلهارس يتعاون علميا مع الدول الأوروبية في مجالين أولهما نقل التكنولوجيا المتطورة لدي هذه الدول وتطبيقها في مصر وإجراء الأبحاث المشتركة في المشاريع العلمية وتبادل الخبرات لأن مصر تنتشر بها الإصابة بالفيروسات الكبدية وخاصة الفيروس "C" بنسبة تتراوح بين 15% و20% ناهيك عن الإصابة بالفشل الكبدي والسرطانات الكبدية وغيرها. أكد رميح أن تدريب الباحثين علي الأجهزة والتقنيات الحديثة في الدول الأوروبية تمهيدا لوصولها للمعهد ضمن اتفاقيات التعاون البحثي بيننا وخاصة أجهزة "النانو تكنولوجي" الغاية في الدقة وصغر الحجم التي تمثل ثورة علمية في خدمة البشرية في علاج الأمراض. وهناك اتفاقية للتعاون المشترك مع الجانب الفرنسي تجدد سنويا منذ 6 سنوات لتداول الخبرات العلمية والبعثات التدريبية علي وسائل التشخيص الحديثة.. وهناك اتفاقيات دولية أخري مع اسبانيا إلي جانب الدول الأسيوية. يضيف: إن هناك اتفاقيات يعقدها المعهد مع الجهات البحثية الدولية وأخري تتم عن طريق أكاديمية البحث العلمي وذلك من أجل المساهمة في حل مشاكل المجتمع الصحية حيث إن معهد ناصر أكبر المعاهد العلاجية المتخصصة في علاج وأبحاث أمراض الكبد والبلهارسيا والأمراض الناتجة عن هذه الأمراض مثل أمراض الجهاز الهضمي وغيرها. يؤكد د.حسن ان دور المعهد مساعدة المجتمع في إيجاد حلول لمشكلة تشخيص هذه الأمراض بتوفير طرق تشخيصية دقيقة بتكلفة اقتصادية مخفضة تكون في متناول قطاع عريض من المصريين.. مما يكون له مردود إيجابي علي المريض وعلي اقتصاد مصر.