أعلن النائب العام المستشار طلعت عبد الله استقالته.. وكان لازم يستقيل.. ومنذ توليه المنصب..!! كان لازم يستقيل.. لأنه كقاض يعلم جيدا ان النائب العام لا يعزل من منصبه أبدا.. وبالتالي فإن النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود قد أقيل من منصبه بطريقة غير قانونية.. رغم ان استبعاده كان مطلبا ثوريا.. المشكلة لم تكن عبدالمجيد ولكن طريقة استبعاده. وكان لازم يستقيل... لأنه كقاض يعلم جيدا كذلك ان مجلس القضاء الأعلي هو الذي يرشح عددا من كبار القضاة جري العرف علي ان يكونوا ثلاثة قضاة ويعرض اسماءهم علي رئيس الجمهورية ليختار احدهم نائبا عاما.. إلا ان المستشار طلعت كقاض يعلم كل هذا ارتضي ان تتغول السلطة التنفيذية علي السلطة القضائية وتسلبها استقلالها كما رضي بتعيينه نائبا عاما بعيدا عن هذه القواعد القانونية الراسخة ضاربا عرض الحائط بكل المناشدات التي وجهت اليه من أساتذة له وزملاء مهنة وتلاميذ كلهم طالبوا بعدم قبول المنصب. وكان لازم يستقيل.. لأنه ارتكب اخطاء كثيرة علي مدي 25 يوما منذ تولي المنصب حتي قدم استقالته امس الأول.. منها توجيه النيابة لحبس ابرياء بلا قرينة أو دليل أو سبب قانوني ارضاء للنظام ونقل اعضاء نيابة رفضوا الاذعان لتوجيهاته التي هي اوامر صادرة إليه. وكان لازم يستقيل.. لأن غالبية أعضاء النيابة ضده ويرفضونه كنائب عام "محامي الشعب" وليس كقاض.. بدليل انهم تجمهروا سبع ساعات امام مكتبه يصيحون "ارحل.. ارحل".. وعندما كتب استقالته احاطوه جميعا بحب واعزاز واحترام من مكتبه حتي باب سيارته وهم يرددون "شكرا.. شكرا".. في مظاهرة محترمة سوف يكتبها التاريخ بأحرف من نور. لكن.. لماذا حدد الأحد 23 ديسمبر موعدا لتفعيل استقالته أو بمعني اصح عرضها علي مجلس القضاء الأعلي للبت فيها..؟؟ قال بعض المشككين انها لعبة حتي يمر الاستفتاء ثم "كما كنت".. واقول لهؤلاء: لا.. لأن رد الفعل من أعضاء النيابة ومن القضاء بل ومن الشعب نفسه سيكون وقتها اشد عنفا.. بعيدا عن هذا التشكيك غير المنطقي.. فانني لست مقتنعا إلا بسبب وحيد هو أن تعيين المستشار طلعت اصلا جاء بالاعلان "غير" الدستوري الصادر في 22 نوفمبر.. وعندما الغي هذا الاعلان في 8 ديسمبر باعلان "غير" دستوري آخر أبقي علي آثار الاعلان الملغي.. وتنحصر هذه الآثار في شيء واحد هو ابعاد المستشار عبدالمجيد محمود وتعيين المستشار طلعت عبد الله.. فكان لابد أن يستمر حتي الأحد القادم.. اليوم التالي لتصويت المرحلة الثانية من الاستفتاء وتكون النتيجة قد اعلنت وطبقا للمادة 236 من هذا الدستور تلغي كافة الاعلانات "الدستورية وغير الدستورية".. ويتم تعيين نائب جديد وفق الفقرة الثانية من المادة 173 من الدستور المستفتي عليه. إلا أن التاريخ الذي حدده المستشار طلعت في خطاب استقالته يكشف عن كارثة أخري.. هي أن نتيجة الاستفتاء محددة سلفا.. "نعم" للدستور ولو بنسبة "50% « 1" كما قال المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في سابقة هي الأولي علي مستوي العالم. عموما.. إذا كان المستشار طلعت عبد الله قد احترم تاريخه وحافظ علي كرامته وهيبته وأراح واستراح.. فإن مجيئه وذهابه هو درس قاس لكل من يحاول التلاعب بمصائر البلاد والعباد.