في سنة 1949 قبلت حكومة محمود فهمي النقراشي باشا رئيس الوزراء التوقيع علي الهدنة الثانية مع إسرائيل وكان هذا التصرف مثار استياء لجماعة الإخوان المسلمين الذين أوفدوا مجموعة من المتطوعين للحرب ضد الصهاينة.. وظهر هذا الاستياء في صورة عدد من الحوادث التدميرية ضد المؤسسات التي يملكها اليهود في مصر. حاولت الحكومة قمع ومنع هذه الحوادث وانتهي الأمر بحل الجماعة وقيام أحد عناصر الجهاز السري بإطلاق النيران علي النقراشي باشا فأرداه قتيلا.. ولكن حسن البنا.. وعدد من قادة الجماعة أنكروا ذلك تماما.. وبعد أن تولي إبراهيم عبدالهادي باشا رئاسة الوزارة ببضعة أيام وقع حادث اغتيال الشيخ حسن البنا.. وشن حربا لا هوادة فيها ضد الجماعة.. واعتقل المئات وعندما جاءت حكومة الوفد سنة 1950 قررت إلغاء قرار الحل والتصريح لها بممارسة نشاطها..وفي ذلك الوقت نشبت خلافات داخل الجماعة لاختيار مرشد جديد. ولكن الأعضاء وضعوا الثقة في المستشار حسن الهضيبي ليكون مرشدا لهم وهو مستشار سابق في محكمة النقض وتم اختياره لما عُرف عنه من التفكير السليم وتمسكه القوي بمبادئ الإسلام.. ويقول أحمد أبوالفتح في كتابه جمال عبدالناصر بأن المرشد الجديد كان يتمتع بأعصاب هادئة وإيمان عميق ولا يمكن أن يحيد عن الصدق مهما كلفه ذلك من متاعب ولا أن يرضي بمخالفة قواعد الإسلام. وكان يري ضرورة إنهاء حكم الملك فاروق عن طريق ثورة شعبية.. أما إذا حدث تنفيذ انقلاب علي يد الجيش بأن ذلك يعني السير إلي حكم عسكري ديكتاتوري وهذا لا يساير رغبات الشعب ولا يتماشي مع أصول الإسلام لأن الحرية الفردية هي أساس من أسس الإسلام ورغم ذلك أكد الهضيبي أن الإخوان ستساند حركة الجيش. وسارت الأمور هادئة بين الإخوان والثورة. المهم قامت الثورة.. وصدر قانون حل الأحزاب وتم استثناء جماعة الإخوان من هذا القانون وبقيت في الميدان وحدها تمارس النشاط.. واستجابت الثورة لطلب الجماعة في إعادة التحقيقات في قضية اغتيال حسن البنا وتقديم إبراهيم عبدالهادي الذي كان رئيسا للوزراء إلي المحاكمة وصدر الحكم بإعدامه في جلسة 30 سبتمبر 1953 ولكن الحكم خفف ثم أفرج عنه في فبراير .1954 الأيام الحلوة بين الثورة والإخوان لم تستمر طويلا إذ بدأ الخلاف - كما ذكر خالد محيي الدين في كتابه "الآن أتكلم" - عندما اقترح عبدالناصر تمثيل الإخوان في الوزارة الجديدة برئاسة محمد نجيب واقترح المرشد العام أن يدخلها الشيخ أحمد حسن الباقوري والمستشار أحمد حسن وبعد الموافقة عاد مكتب الإرشاد باقتراح لاستبدالهما باثنين آخرين أحدهما أخو المرشد ولكن الشيخ الباقوري تمسك بالوزارة وبدأ أول شرخ في العلاقة بين الثورة والجماعة. ولم تمض سوي أشهر قليلة حتي أصدر مجلس قيادة الثورة قرارا في 14 يناير 1954 بحل الجماعة.. وشمل القرار أيضا اعتقال عدد من الأعضاء وبلغ عددهم 450 عضوا من بينهم المستشار الهضيبي.. ورغم كل ذلك فإن الجماعة ظلت تكبر وتنمو وتنتشر في جو من المتاعب والعقبات والمصاعب واتهامات من الحكومات. وبعد ثورة 25 يناير.. تغيرت الأحوال وظهرت الجماعة تمارس نشاطها علنا - رغم اعتراض البعض علي عدم حصولها علي ترخيص الجمعيات لأن قرار الحل الذي صدر في ..1954 لم يتم إلغاؤه.