أسئلة كثيرة وردت إلي "المساء الديني" يسأل أصحابها عما يفيدهم في أمور الدين والدنيا. عرضناها علي فضيلة الشيخ عبدالرءوف السيد عمر امام وخطيب مسجد السيدة نفيسة رضي الله عنها بمدينة القاهرة فكانت إجاباته كالتالي: * يسأل عبدالجواد السايح: ما حكم الدين في زوجين انفصلا ومازالا يعيشان في منزل واحد بحكم القانون؟ * * إذا حدث الطلاق صارت المرأة أجنبية عن زوجها في بعض الأحكام. وإذا كان بائناً بينونة صغري أو كبري فلا يحل له أن يتمتع بها بأي نوع من أنواع التمتع بل يحرم عليه أن يختلي بها أو ينظر إلي غير وجهها وكفيها. أما إذا كان الطلاق رجعياً فله كل ذلك مادامت في العدة لأنها في حكم الزوجة. والمرأة المطلقة تعتد في بيت زوجها. فإذا انتهت العدة دون مراجعة فلا حق لها في هذا البيت ويجب أن تخرج إلي مكان آخر. أو يخرج هو ويتركها في البيت إذا كانت حاضنة ترعي أولادها الذين يجب أن يوفر الزوج لهم جميعا النفقة الكاملة ومنها المسكن اللائق. فإذا لم يوجد مسكن لائق منفصل عن بيت الزوجية يقيم به الزوج أو تقيم به الزوجة مع أولادها جاز لولي الأمر أن يمكنهم من الوجود في مسكن واحد للضرورة علي أن يؤمن الخروج علي الآداب الشرعية التي يجب توافرها بين الرجل والمرأة الأجنبيين من عدم الخلوة بينهما وعدم كشف ما أمر الله بستره وغير ذلك مما هو معروف. وإذا كان هذا اجراء للضرورة. فإن الضرورة تقدر بقدرها ويجب الانفصال عند التمكن من انفراد كل منهما بمسكن آخر. شبهة المال * يسأل أحمد سليم إبراهيم قائلاً: أمتلك سيارة وأريد بيعها لشخص أشك في مصدر ماله. فهل يعتبر هذا المال حراماً بالنسبة لي؟ * * لا مانع من قبض ثمن سيارتك التي بعتها إذا كان هذا الثمن من مال يختلط فيه الحلال والحرام والتبعة في الحرام علي مالك الثمن. والرسول صلي الله عليه وسلم كان يأخذ الجزية من اليهود وما لهم مخلوط بالحرام من الربا وبيع الخمور والخنازير وغيرها. لأن فصل الحلال عن الحرام فيه صعوبة. فلعل ما كان يأخذه الرسول صلي الله عليه وسلم أو سيأخذه بائع السيارة يكون من الجزء الحلال. * تسأل صفاء أيوب: قام شخص بالقسم أمام أهله أنه لم يفعل شيئا معينا. لكن في نفس الوقت يعلم تماما في ضميره أن قسمه علي شيء آخر. فما موقفه من هذا القسم؟ * * القسم باليمين يكون علي نية الحالف وليس علي مجرد لفظه. فقد يكون مخالفا للنية. وإذا كان صادقا مع نيته فلا حنث ولا كفارة فيه. وإن كان في حقيقته مخالفا لما يريده من استحلفه. فالعبرة بنية الحالف. قال العلماء ما لم يكن ذلك أمام القضاء الرسمي أو العرفي فلا يجوز الحلف إلا علي ما يقصده المستحلف. لأن مخالفة ذلك فيه تضليل للعدالة وضياع للحقوق وهو ما يعرف ب "اليمين الغموس" التي تغمس صاحبها في النار وذلك علي ما رآه بعض الفقهاء. * يسأل عمر السيد ما حكم قراءة الفاتحة بين شخصين اتفقا علي أمر ما ولم ينفذ أحدهما هذا الأمر. وهل الفاتحة كما يقول الناس بمثابة أربعة وأربعين يميناً؟ * * قراءة الفاتحة بين شخصين اتفقا علي أمر من الأمور ولم ينفذ أحدهما هذا الاتفاق تعتبر تبركاً أو تأكيدا للاتفاق وليست لها التزامات أكثر من ذلك في باب المعاملات. وينبغي أن يحافظ علي ما قرأت بصدده كوفاء بالوعد. فهو سنة وليس واجباً علي الرأي الصحيح.. أما ما يقال من أن الفاتحة بمثابة أربعة وأربعين يمينا فلم يوجد لذلك نص صحيح. توزيع الميراث * يسأل المراسي إبراهيم قائلا: توفيت عن أخ لأب. وأخ توفي في حياتها وله ولدان وأربع بنات. فكيف يكون توزيع الميراث؟ * * التركة كلها للأخ من الأب إذا لم يوجد وارث غيره. أما أولاد الأخ المتوفي فهم محجوبون بالأخ. لأنه أقرب منهم إلي الميت والأقرب يحجب من بعده. * يسأل رفاعي شتا: هل يجوز لأحد من أقارب الميت أن يؤم المصلين في صلاة الجنازة. أم لابد من إمام المسجد نفسه؟ * * الصلاة علي الميت تجوز وتصح من أي شخص تصح منه الصلاة سواء أكان قريباً للمتوفي أم أجنبياً عنه. والموضوع هو من الأولي بإمامة الناس في الصلاة علي الميت. هل هو إمام المسجد مع أن الصلاة قد تكون في غير المسجد. أم هو أقرب الناس إلي الميت. أم هو شخص آخر؟ وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقيل: أحق الناس الوصي ثم الأمين ثم الأب وإن علا. ثم الابن وإن سفل. ثم أقرب العصبة وإلي هذا ذهب المالكية والحنابلة. وقيل: الأولي الأب ثم الجد ثم الابن ثم ابن الابن ثم الأخ ثم ابن الأخ ثم العم ثم ابن العم علي ترتيب العصبات وهذا مذهب الشافعي وأبي يوسف. ومذهب أبي حنيفة ومحمد بن الحسن أن الأولي هو الوالي إن حضر. ثم القاضي. ثم إمام الجهة. ثم ولي المرأة الميتة. ثم الأقرب فالأقرب علي ترتيب العصبة إلا الأب. فإنه يقدم علي الابن إن اجتمعا وأرجو عدم الاختلاف والتعصب إذا لم يراع هذا الترتيب. * يسأل عادل عطية: ما حكم الدين في أب يريد أن يحرم ابنه من الميراث. نظرا لأنه ابن عاق يعامل والديه معاملة سيئة ولا يعمل بنصيحتهما وكثيرا ما يعتدي عليهما بالإهانة. ويوصي أيضا بمنع هذا الابن من تشييع جنازته في حالة الوفاة؟ * * إذا مات الإنسان وقد أوصي بحرمان ابنه أو بعض ورثته من الميراث فلا أثر لهذه الوصية. لأن توزيع الميراث شرع الله لا يجوز لأحد أن يتدخل فيه. وقد تكون الصورة التي وردت بالسؤال هي عن بيع أو هبة الشخص ما يملكه في حال حياته إلي بعض الأولاد وحرمان البعض الآخر. والكل أو الأكثرية يعرف حديث النعمان بن بشير الذي جاء فيه النهي عن تفضيل بعض الأولاد علي بعض بهدية من غير مقابل ولم يشهد النبي صلي الله عليه وسلم علي ذلك وقال: "إنه جور". ونصح الآباء أن يسووا بين الأولاد ليكون له في البر سواء. وعلماء الحديث والفقه نظروا إلي هذا الحديث واختلفت أحكامهم علي هذا التصرف فقال جمهورهم وهم أبوحنيفة ومالك والشافعي أنه مكروه وليس حراماً. لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال لبشير والد النعمان رضي الله عنهما: "أشهد علي هذا غيري". ولو كان حراماً ما أجاز أن يشهد عليهما أحد. وأما أحمد بن حنبل فقال: إن هذا التفضيل حرام. لأن النبي صلي الله عليه وسلم قال له: "لا أشهد علي جور" أي ظلم. لكنهم جميعا قالوا محل الكراهة أو الحرمة في التفضيل إذا لم يكن هناك سبب مشروع. فلو كان أحدهم مريضا أو عاجزا أو مدينا دينا كبيرا لا يستطيع كسبه أو الوفاء به. أو كان صغيرا يحتاج في مستقبل حياته إلي رعاية. فلا مانع من أن أباه يساعده بشيء مراعاة لحاله. واستدلوا علي ذلك بما حدث من الصحابة رضوان الله عليهم. فقد فضل أبوبكر الصديق رضي الله عنه عائشة علي غيرها من أولاده. وفضل عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولده عاصماً بشيء. كما فضل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بعض أولاده علي بعض ونصت علي ذلك كتب الفقه كالإقناع للخطيب الشافعي والمغني لابن قدامة الحنبلي وهذا واضح في المفاضلة في العطية. أما حرمان بعضهم فإن الحديث وإن كان يدل عليه. فقد نص عليه مذهب الحنابلة بما جاء في المغني لابن قدامة من قوله وإن خص بعض أولاده بعطية كمعني يقتضي التخصيص كزمانة أي مرض. أو كثرة عائلة. أو انشغاله بعلم. أو صرف عطيته عن بعضهم. لفسقه أو بدعته. أو لاستعانته بذلك علي معصية. جاء ذلك. وقيل لابد من التسوية ويمنع التفاضل والأول أصح. وبناء علي ذلك فلا مانع من حرمان الولد العاق من البيع أو الهبة له كباقي اخوته. وأما الوصية بمنع هذا الولد من تشييع جنازة والده فهي غير لازمة التنفيذ. إنما هي مظهر من مظاهر كراهية الوالد لهذا الولد.