خطأ كبير أن نتعامل مع الدستور علي أن الأغلبية تؤيده والأقلية ترفضه مع أنني لا أتفق مع هذا الرأي. أو بمعني أدق مع هذه النسبة.. لأن قيمة الدستور أن يتفق عليه الشعب. كل الشعب.. فالدستور وثيقة تحدد شكل العلاقة بين الدولة والمواطن.. كل مواطن. وبالتالي فهو يمس كل المصريين بعيداً عن نظرية الأغلبية والأقلية!! هناك بالتأكيد فرق بين دستور يحظي بموافقة 70% من الناخبين.. ودستور يذهب إليه الجميع ليقول "نعم" عن قناعة ورضا. وليس عن اضطرار أو حتي إغراء.. وبالتالي من الخطأ أن نضع مصير الدستور في أيدي صناديق الاقتراع فقط.. فالعبرة ليست بالصناديق. خاصة ونحن نتحدث هنا عن شعب نصفه يعاني من الأمية. ما يعني أن نسبة كبيرة ستذهب إلي الاستفتاء دون أن تقرأ مادة واحدة من مواد الدستور!! كنت أتمني أن يحدث توافق مجتمعي علي الدستور الجديد قبل طرحه للاستفتاء.. دستور يتفق عليه الفقهاء الدستوريون ورجال القضاء والقانون والإعلاميون وكافة الأحزاب والكنيسة.. فكيف نقبل بدستور لا توافق عليه الكنيسة المصرية.. أو ليس الأقباط هم جزء أصيل من الشعب المصري؟!.. فكيف نمرر دستوراً لا يرضيهم ولا يحظي بموافقتهم؟! نحن ندفع ثمن خطأ الموافقة علي استفتاء 19 مارس واكتفينا بإجراء تعديلات دستورية ورفضنا طريق "الدستور أولاً" بحجة أنه ليس هناك وقت لإعداد دستور جديد.. وها نحن نقترب من العامين ومازلنا نختلف علي مواد الدستور.. في حين أن دستور 1971 كان يكفي بعد إدخال بعض التعديلات عليه!! نحن ندفع ثمن أخطاء مرحلة انتقالية طالت.. ونشكو أنها طالت. رغم أننا سبب إطالتها.. بل وكيف سيكون الحال لو جاءت نتيجة الاستفتاء برفض الدستور؟!.. فهذا يعني أننا في حاجة إلي عام آخر للتصويت علي دستور جديد. وربما قد نختلف عليه هو الآخر لندخل في دوامة دستورية لا تنتهي ستفجر خلافات من وقت لآخر!! وحتي لو جاءت نتيجة الاستفتاء بنعم للدستور. فهذا لن يهدئ من مخاوف قطاع عريض من المصريين يعترضون علي عدد من مواد الدستور كان من الممكن التوصل إلي نقاط اتفاق حولها خاصة أن الرئيس محمد مرسي كان قد أمهل الجمعية التأسيسية شهرين إضافيين للانتهاء من إعداد الدستور.. إلا أنها أصرت علي الانتهاء منه في ليلة وضحاها.. ما يعني أن "نعم" للدستور لن تعيد الاستقرار للبلاد.. مرة أخيرة.. العبرة ليست بصناديق الاقتراع!!