في الوقت الذي تلهث فيه الحكومة وراء صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض قيمته 8.4 مليار دولار لدفع "عجلة" الاقتصاد في البلاد عبر برنامج للإصلاح الاقتصادي إلا أنه يبدو أن حكومة الدكتور هشام قنديل لا تزال تبحث عن "العجلة" التي تمكنها من دفع الاقتصاد.. أو أنها تمارس سياسة اللف والدوران علي العجلة طبعاً!! من المعروف أن أكبر قطاع يستنزف الدعم في موازنة الدولة هو قطاع الطاقة الذي يكلف الدولة 115 مليار جنيه سنوياً وهو القطاع الذي يشهد في الوقت الحالي فوضي عارمة من خلال تهريب المواد البترولية من بنزين وسولار والتلاعب باسطوانات البوتاجاز في السوق السوداء لدرجة أن الأنبوبة وصل سعرها إلي 60 جنيها وفي بعض المحافظات 90 جنيها في حين أن سعرها الأصلي جنيهان ونصف الجنيه فقط مما يعني أن هذا الدعم لا يشعر به المواطن الذي يجد نفسه مضطراً أن يدفع من جيبه عشرات أضعاف ثمن السلعة لكي يحصل عليها!! ولكن.. يبدو أن الحكومة ليست علي دراية كاملة بتلك الأزمة أو علي أقصي تقدير غير مستعجلة الوصول إلي حل لها وقررت تأجيل توزيع أنابيب البوتاجاز عبر الكروت الذكية لبضعة أشهر واكتفت برفع الدعم عن بنزين 95 الذي يمثل أقل من 1% من حجم الاستهلاك حيث لا يستخدم هذا النوع من البنزين سوي السفارات والبعثات الدبلوماسية والطبقة "الهاي كلاس" وهي فئة لن تضار لو وصل سعر اللتر إلي 6 جنيهات أو أكثر كما قررت الحكومة حسب تصريحات الدكتور ممتاز السعيد وزير المالية رفع اسعار غاز المنازل اعتبارا من الشهر المقبل!! كنت أحسب أن الحكومة ستفكر أول ما تفكر في وقف إهدار مليارات الجنيهات التي تستنزفها موازنة الدولة سنوياً تحت "وهم" وليس "دعم" يصل لمستحقيه.. وكان من الأولي أن تتصدي لمافيا أنابيب البوتاجاز الذين تدخل أموال الدعم في جيوبهم وترفع سعر الأنبوبة إلي 15 جنيها بشرط توافرها لجميع مستخدميها سواء عن طريق كوبونات أو كروت ذكية أو رتيبة! ما يدهشني ويقلقني في نفس الوقت أننا نسمع عن تقنين توزيع أنابيب البوتاجاز منذ حكومة عاطف صدقي في الثمانينيات من القرن الماضي ومنذ ما يقرب من خمسة أعوام نسمع أن آلية جديدة لتوزيع انابيب البوتاجاز عن طريق الكوبونات.. ثم تحولت لاحقا إلي كروت ذكية.. ورغم كل ذلك لا تزال انبوبة البوتاجاز تباع جهارا نهارا في السوق السوداء.. ولا يزال البنزين والسولار يتم تهريبهما.. والحكومة لا تزال في غيبوبة أو "أنبوبة"!!