يناسب اليوم "11 نوفمبر" الذكري السابعة لمصرع المخرج والمنتج السوري - الأمريكي مصطفي العقاد "1930 - 2005" الذي توفي متأثرا بجراحه بعد هجوم إرهابي مروع علي فندق في عمان عام 2005 وكان يحضر عرسا لابن أحد أصدقائه وينتظر وصول ابنته "ريما" 34 سنة التي تصادف وصولها لحظة الانفجار فماتت في الحال. تأتي الذكري بينما الشعب السوري بأسره يعيش صداما داميا وطويلا بين النظام السوري وبين المعارضين له يسقط فيه عشرات القتلي يوميا. والعقاد من مواليد مدينة حلب وقد حلم بالسينما وبالعمل في هوليوود. فقرر السفر في سن التاسعة عشرة والتحق بجامعة جنوب كاليفورنيا "UCLA" بلوس انجلوس تعرف علي المخرج الأمريكي سام بكييناه الذي استعان به كمستشار في فيلم عن الثورة الجزائرية كان ينوي اخراجه ولم يتحقق المشروع ولكنه ظل يحظي بدعم هذا المخرج الأمريكي الكبير "1925 - 1984" حتي التحق بالعمل كمنتج في قناة سي بي اس "CBS" وفي عام 1976 قام العقاد بانتاج واخراج فيلم "الرسالة" بطولة انطوني كوين وايرين باباس وعمل لنفس الفيلم نسخة بالعربية بطولة عبدالله غيث. ورغم ان فيلم الرسالة لم يعرض جماهيريا في القاهرة بسبب رفض الأزهر إلا ان الفيلم انتشر بسرعة كبيرة وسط عشاق السينما في شتي أنحاء الأرض وتم عرضه في بعض القنوات العربية وحقق نجاحا كبيرا ومازال يعرض حتي الآن بنجاح في المناسبات المختلفة. ويقال ان الإدارة الأمريكية اشترت عشرات النسخ من فيلم الرسالة للعرض علي جنودها قبل شن الحرب علي أفغانستان باعتباره أحد مصادر المعرفة للثقافة الإسلامية وللتعريف بالإسلام ورموزه. ولم يعرف علي وجه التحديد ما الذي جعل الأزهر لا يوافق علي عرض الفيلم حيث تقول المصادر المختلفة ان العقاد استشار علماء الدين وحصل علي موافقة الأزهر عندما عرض عليهم السيناريو ولكن الرفض جاء من منظمة إسلامية لم توافق علي ظهور سيدنا حمزة باعتباره أحد المبشرين بالجنة. وفي حديث منشور للعقاد قال: ان الفيلم وسيلة للتقارب والفهم بين العالم الإسلامي وبين الثقافة الغربية وانه محاولة لمد الجسور لسد الفجوة بين الثقافتين وقال انه صنع الفيلم لانه يمثل شيئا شخصيا بالنسبة له وحرص علي أن يمنح العمل قيمة إنتاجية كبيرة في مجال القصة والحبكة والدراما بالاضافة إلي انه ينطوي بالنسبة لي علي قيمة عظيمة وأنا كمسلم عشت في الغرب وأشعر بالواجب وبضرورة ان أروي حقيقة الإسلام انه الدين الذي يعتنقه 700 مليون مسلم ورغم ذلك يدهشني جدا انه ليس معروفا للكثيرين. ويعتبر الرسالة كعمل درامي مثقف ويلقي الضوء علي صورة الإسلام ورسوله - صلي الله عليه وسلم - الذي لم يظهر في الفيلم بطبيعة الحال والمدهش حسب قول العقاد التأثر البالغ لجمهور المشاهدين عند سماع التراتيل والأغاني الدينية. وفي عام 1980 اخرج العقاد فيلم عمر المختار "أسد الصحراء" أو "المختار" بطولة أوليفر ريد ورود شنجر وانطوني كوين وايرين باباس وجون جيلجود. ولو أن العقاد لم يخرج سوي هذين العملين فقط إذن لاستحق الخلود كسينمائي عربي استطاع ان يحفر في الصخر ويصنع بأدوات الغرب وممثليهم وكتابهم أفلاما عربية وان يقاوم الضغوط الكبيرة المتخيلة التي يمكن ان يواجهها عربي مسلم في هوليوود التي يسيطر عليها الصهاينة وأن يقاوم كذلك ضغوط المؤسسة الدينية اليمينية التي تصدت لعرض الفيلم عرضا عاما في الدول العربية. مالك العقاد في القاهرة ويستضيف مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته ال25 "27 نوفمبر - 6 ديسمبر" مالك العقاد ابن مصطفي العقاد المقيم في الولاياتالمتحدةالأمريكية وسوف يعرض فيلم "الرسالة" في اطار برنامج "التسامح والتعصب" الذي يتضمن عدة أفلام تعالج هذا الموضوع الذي أصبح ملحا بعد الاحتدام العصبي لمشاعر التعصب في أنحاء كثير من العالم الغربي والمسيحي والشرقي الإسلامي.