في عام1935, ولد مصطفي العقاد بمدينة حلب السورية.. في أسرة فقيرة مكافحة, وأنهي تعليمه الإعدادي والثانوي بها, وعندما بلغ الثامنة عشرة, بدأ بدراسة الإخراج الفني, وفكر جديا في الرحيل لتحقيق حلمه في عالم الإخراج, وفعلا.. ترك سوريا مهد ميلاده متجها إلي أمريكا, والتحق بجامعةUcia بولاية كاليفورنيا. تخرج العقاد في الجامعة عام1958, وبدأ يواجه الحياة العملية القاسية, فلم يكن باب الشهرة مفتوحا أمامه في بداية الطريق, ولم يشفع له حصوله علي الجنسية الأمريكية, بل علي العكس.. فقد رفضت مجموعة من الاستوديوهات العالمية ومجموعة أخري من محطات التليفزيون الأمريكية وأيضا وكالات الإعلانات توظيفية, ولكنه كان يؤمن بموهبته وقدراته, ولم يستسلم حتي سنحت له الفرصة في عام1962, ليقتحم أبواب هوليود السينمائية, وظل يكافح ممثلا ومخرجا مساعدا قرابة ال45 عاما. بدأ العقاد يحصد ثمار جهوده طوال سنوات العمل حتي عام1976, عندما أخرج فيلم الرسالة الذي يتحدث عن نشأة الإسلام من خلال السيرة النبوية الشريفة, وقد أصدر منه نسختين: الأولي عربية, وكان بطولة عبد الله غيث ومني واصف, والثانية أجنبية بطولة أنتوني كوين وإيرين باباس, ولاقت النسختان إعجابا عربيا وعالميا منقطع النظير, فكان هذا النجاح سببا في نسيان رحلة الجهد والألم في سنوات سابقة. في عام1981 أخرج العقاد فيلم أسد الصحراء.. عمر المختار.. وهو الفيلم الذي يجسد كفاح الشعب الليبي ضد الاحتلال الإيطالي تحت قيادة المجاهد عمر المختار. أسندت بطولة الفيلم إلي أنتوني كوين, الذي قام بأداء دور القائد الليبي عمر المختار في محاربة جيش موسوليني قبيل الحرب العالمية الثانية. وقد أحدث الفيلم انقلابا في موازين السينما العالمية, وقد استغرق تصويره قرابة العامين, إذ بدأ تصويره في4 مارس عام1979, وتم تصوير معظم المشاهد في الصحراء الليبية, وتم الانتهاء من تصويره في4 أبريل عام1981, وعرض لأول مرة في دولة الكويت, وفي الشهر ذاته عرض بالولايات المتحدةالأمريكية, التي كانت تمنعه في البداية من العمل باستوديوهاتها. اشترك في الفيلم ما يقرب من300 ممثل من جنسيات مختلفة, من: بريطانيا وأمريكا وألمانيا وإيطاليا ويوغوسلافيا ومصر ومالطا والسودان وليبيا بالاضافة إلي أكثر من5000 كومبارس, وهذا إن دل فإنما يدل علي ضخامة انتاج وعبقرية مخرج هو مصطفي العقاد. في نوفمبر من عام2005, اتجه العقاد إلي عمان لحضور حفل زفاف أحد أصدقائه, وكان يقف في بهو الفندق في انتظار ابنته ريما لحضور حفل الزفاف, ولكن للأسف.. حدث هجوم انتحاري حصد أرواح من في الفندق, ومات العقاد بعد يومين من الحادثة متأثرا بجراحه, لينهي حياته بتراجيديا لم يكن يتعود عليها, ولم يستخدمها كثيرا في أفلامه. كان العقاد يعد قبل وفاته لانتاج فيلم ضخم عن الناصر صلاح الدين, وآخر عن فتح الأندلس, ولكن قضاء الله كان أسرع إليه. رحم الله الفنان المبدع الذي أذهل الغرب والشرق بإبداعه, الذي كان يأمل في صناعة هوليوود عربية إسلامية.