أثار اقتراح الجمعية التأسيسية للدستور بخفض عدد أعضاء المحكمة الدستورية إلي 9 قضاة وتقليص صلاحياتها في الرقابة علي القوانين ومساواة قضاتها مادياً بباقي أعضاء الهيئات القضائية الأخري واتباعهم لمجلس القضاء الأعلي.. أزمة جديدة مع أعضاء المحكمة الدستورية التي ردت بمذكرة شديدة اللهجة رافضة لمقترحات التأسيسية. كما أثار الاقتراح ردود فعل متباينة لدي خبراء القانون والسياسيين فالبعض يري ضرورة احتفاظ "الدستورية" بطابع خاص واستقلال تمكنها من أداء رسالتها لأنها تتحكم في مسار دولة من الناحية القانونية.. والبعض طالب بابعاد "الدستورية" عن تصفية الحسابات السياسية بطرح اقتراح خفض الأعضاء رداً علي حكم الدستورية ببطلان مجلس الشعب ذي الأغلبية الإسلامية. "المساء" طرحت القضية علي بعض الخبراء والسياسيين في السطور التالية: * يقول المستشار ماهر البحيري رئيس المحكمة الدستورية العليا: تتعرض "الدستورية" لهجوم شديد لكنها تسلك القنوات الشرعية للرد عليه حيث ارسلت مذكرة للجنة التأسيسية رداً علي ما طرحته حول تقليص عدد أعضاء المحكمة الدستورية إلي 11 عضواً فقط. أضاف البحيري: هناك ضغوط تمارس علي المحكمة الدستورية في الفترة الحالية وتتم مخاطبة الجهات الرسمية بذلك دون إذاعته في وسائل الإعلام حرصا علي المركز الحساس للمحكمة. خطوط عريضة * تقول المستشارة تهاني الجبالي "نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا": تضع المحكمة الخطوط العريضة لتحكم داخل الدولة كما ان لها عدداً من الاختصاصات وتنظر الآلاف من القضايا لهذا ينبغي ان يتوفر بها عدد كاف من القضاة نظراً لتعدد اختصاصاتها عن الرقابة علي دستورية القوانين وتفسيرها وفض التنازع في الاختصاصات والأحكام النهائية المتعلقة بالتنفيذ. أضافت الجبالي: لا شأن للجمعية التأسيسية بتحديد عدد أعضاء المحكمة الدستورية ونقلهم إلي 11 عضوا فالدستور يحدد الملامح الرئيسية للدولة فقط دون الخوض في التفاصيل وتحديد عدد قضاة الدستورية ينبغي ان يترك للقوانين المنظمة وللجمعية العمومية للمحكمة الدستورية الاختصاص الاصيل في ذلك ولها ان تحدد ما تراه مناسبا من أعداد القضاة وسير القضاء ومن ثم فلا ينبغي ان تتدخل الجمعية التأسيسية في ذلك الأمر. أشارت الجبالي إلي أن تقليص عدد قضاة "الدستورية" ل 11 عضواً فقط يعد عزلاً مقنناً للقضاة مما يثير الشكوك حول ما يتردد عن إلغاء الدستورية وحتي إذا لم تكن هناك نية حقيقية لذلك فالتقليص شكل من أشكال العزل وليس من تقاليد الدساتير في دول العالم أن تنص علي عدد أعضاء المحكمة الدستورية والقضاة غير قابلين للعزل بنص دستور .1971 ضغوط وتخصيص يقول د.أحمد هنيدي أستاذ قانون دستوري وعميد حقوق الإسكندرية: تكمن المشكلة الأساسية في ممارسة ضغوط علي الدستورية العليا ويفترض ان تنهض هي بكل ما يخصها وتنظم عملها بما تراه مناسباً فإذا رأت ان تخفيض عدد القضاة ل 11 يمكنها من تغطية القضايا المعروضة عليها فلا بأس. وطالب بألا تمارس السلطة التنفيذية ضغوطا علي السلطة القضائية. أضاف: لابد أن تقوم اللجنة التأسيسية بوضع دستور يعبر عن إرادة الشعب دون الدخول في تفاصيل لا تهمه في شيء مثل تحديد عدد أعضاء المحكمة الدستورية الذي هو مسألة تخص قضاة الدستورية انفسهم. أوضح د.جهاد عودة "استاذ علوم سياسية بجامعة حلوان" ان وضع القوانين المنظمة لعمل المحكمة الدستورية بما يحقق المصلحة وييسر التقاضي أمر يخص الجمعية العمومية للمحكمة ومن ثم يبدو التدخل في تحديد عدد قضاتها تصفية حسابات سياسية أكثر منها قانونية حيث يتهم حزب الحرية والعدالة انها تقف ضده. ومن المعروف أن معظم أعضاء الجمعية التأسيسية للحزب الذي اعتبر قضاء المحكمة ببطلان مجلس الشعب تعديا عليه ومن ثم فهم يثيرون القلاقل في طريق المحكمة الدستورية ويستخدمون الغلبة في ذلك وليس القانون في سبيل تقليص دور المحكمة. أضاف: لابد أن تتمتع الدستورية باستقلال كامل وان تمارس اختصاصاتها دون ممارسة ضغوط عليها وعلي رئيس الجمهورية التدخل لمنحها استقلالاً حقيقياً حتي لا تكون عرضة للاهواء السياسية والنزعات الحزبية. * يقول فريد إسماعيل "عضو الجمعية التأسيسية" ان الجمعية لن تقرر الشكل النهائي للمحكمة الدستورية في الدستور الجديد ولم يتم الاتفاق حتي الآن علي عدد أعضائها وما يطرح مجرد نقاش ولا تزال الجلسات مستمرة للوصول للصيغة المناسبة للمحكمة الدستورية. أشار إسماعيل إلي أن المذكرة التي بعث بها رئيس المحكمة الدستورية للمستشار حسام الغرياني تؤكد وجود فهم مغلوط أو معلومات غير صحيحة ومنقوصة حول ما طرح بشأن الدستورية في الجمعية التأسيسية ومنها أن يقتصر دورها علي الرقابة السابقة وليس اللاحقة بمعني ان نعرض عليها القوانين قبل اقرارها حتي لا ترفضها بعد تطبيقها كما حدث لمجلس الشعب.. كان ذلك لا يعني والقول لفريد إسماعيل إلغاء الرقابة اللاحقة مطلقاً بل ان الرقابة السابقة سوف تقتصر علي أربعة قوانين فقط هي: انتخابات الرئاسة والمحليات ومجلس الشعب والشوري ومباشرة الحقوق السياسية.